رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شبح الثورة يطارد "حكومة سد النهضة".. اندلاع مظاهرات واشتباكات عنيفة مجددًا وسقوط قتلى.. انضمام "الأمهرة" إلى "الأورومو" يهدد بخلع النظام في إثيوبيا

جريدة الدستور

تصاعدت الأزمة السياسية في أثيوبيا بين النظام الحاكم وقبائل الأورومو التي تسيطر على منطقة بني شنقول المقام عليها سد النهضة، حيث قتل 7 أشخاص، السبت، خلال اشتباكات بين متظاهرين مناهضين للحكومة والشرطة.

الجديد أن المظاهرات هذه المرة، شهدت انضمام مجموعة الأمهرة، إلى قبائل الأورومو، وهما من المجموعات العرقية الرئيسية في البلاد، وهو ما يشكل خطرًا حقيقيًا على الحكومة، إذ تمثلان معا 80 % من سكان إثيوبيا.

وتشير تلك التظاهرات إلى استياء متزايد لدى هاتين المجموعتين من التهميش لصالح مجموعة تيجراي المتهمة بالاستحواذ على المناصب الحكومية والعسكرية المهمة.

وأفاد شهود عيان لمصادر إعلامية بأن 7 متظاهرين على الأقل قتلوا في نيميكتي ووليغا غرب البلاد وهي منطقة تقطنها غالبية من إثنية أورومو، كما تم اعتقال عشرات الأشخاص في العاصمة، وتعرض بعضهم لضرب مبرح في أول تظاهرة ضد الحكومة في العاصمة الإثيوبية منذ بداية موجة الاحتجاجات.

وكان رئيس الوزراء هايله مريم ديساليه حذر من خطورة التظاهرات "التي تهدد وحدة البلاد"، وسمح للشرطة باستخدام كل الوسائل اللازمة لمنعها، خوفًا من تكرار ما حدث في 31 يوليو الماضي، حيث تجمع عشرات آلاف الأشخاص في غوندار بشمال البلاد، ما شكل تهديدا خطيرا للحكومة.

والأورومو، هم أقدم شعوب أفريقيا، ويكمن التهديد الحقيقي الذي يمثلونه على الحكومة الإثيوبية في تعدادهم، إذ تبلغ نسبتهم ما يقارب 50% من الشعب الإثيوبي الذي يصل تعداده إلى 100 مليون نسمة، أي نصف السكان الإثيوبيين تقريبًا.

قبل أن تنفصل إريتريا عن إثيوبيا، كانت قبائل الأورومو تمتد على 14 محافظة، ثم حين وقع الانفصال، تقلّصت مساحة تواجدهم إلى 11 محافظة، ويعتنق 70% منهم الإسلام، بينما 20% يعتنقون المسيحية، و10% وثنيون.

وليست هذه الاحتجاجات هي الأولى، وإنما اندلعت مظاهرات واسعة في نوفمبر 2105، بداية من مدينة Ginci، هي بلدة صغيرة تبعد نحو 50 ميلا إلى الغرب من أديس أبابا، وسرعان ما انتشرت الانتفاضة بسرعة لتصل إلى أكثر من 130 بلدة، أغلقوا خلالها جميع الطرق المؤدية لسد النهضة، ومنعوا وصول آليات البناء إليه، متصدين للحكومة الإثيوبية، ويرجع ذلك إلى قيام حكومة إثيوبيا بانتزاع أراضيهم منهم بالقوة وتهجيرهم لبناء السد عليها.

وقد أحدثت مظاهراتهم حينها شللاً تاماً في إثيوبيا، وأدت إلى إغلاق الطرق والمدارس والجامعات، وذلك نتيجة لنزول الجيش الإثيوبي للتصدي للمتظاهرين، ما أسفر عن مقتل أكثر من 124 شخصاً من المتظاهرين، وإصابة المئات، واعتقال الآلاف.

وتعود أسباب الأزمة بين الأورومو والحكومة الإثيوبية، إلى تعمّد الحكومة لتهميشهم، فضلا عن خطة الحكومة المركزية التوسعية لإقليم أديس أبابا على حساب أراضيهم، حيث تقوم هذه الخطة على اقتطاع أجزاء واسعة من إقليم أوروميا، والتي اعتبرها طلاب جامعات ومدارس الأورومو خطة ممنهجة تستهدف تهجير المزارعين من قومية الأورومو، وقد شهد الإقليم مظاهرات واسعة في 2001، وكذلك في 2014.

جدير بالذكر أن جومادا سوتي، المتحدث باسم جبهة تحرير الأورومو، هدد بأن الجبهة تعد لهجوم قوى وكاسح على العاصمة الاثيوبية، وشدد على أن وظيفة هذا التنظيم المسلح هو الوقوف ضد الاعتداءات التى يرتكبها النظام ضدهم.

وحول ما إذا كانت هذه المظاهرات تصب في صالح مصر، من خلال اشتعال الأوضاع وتوقف بناء السد، يقول الدكتور سعيد اللاوندى خبير العلاقات السياسية، إن ما يحدث بين مجموعتي أورومو وأمهرة، وبين الحكومة الإثيوبية شأن داخلى، لا يجب على الحكومة المصرية أن تدخل.

وتابع اللاوندى، قد تنشب مشاكل بين الحكومة الإثيوبية وجماعة الأورومو، لكن هذا لا يعنى أن بناء السد سيتوقف فهي مجرد جماعة لا حول لها ولا قوة، وسيكتمل بناء السد، فقد بدأ بناؤه بالفعل فكيف بهذه الجماعة أن توقفه.

وطالب مصر، بالتزام الصمت وعدم التدخل في الشئون الداخلية لإثيوبيا، داعيا مصر أن تمارس سياستها الخارجية ومباحثاتها الجدية في إفريقيا لإقامة علاقات جيدة معها ومشروعات تصب في صالحنا.

فيما قال دكتور خالد أبو زيد، المدير الإقليمي للموارد المائية، إن ما يحدث في إثيوبيا من مظاهرات شأن داخلى ولن تعود على مصر بأي نفع او ضرر، مؤكدا أن الحكومة الإثيوبية قطعت شوطا كبيرا فى بناء السد.

وأضاف انه من الصعب أن يقف بناء السد في هذه المرحلة، خاصة وأن إثيوبيا اتفقت مع كل من مصر والسودان على تجنب الآثار الجانبية للسد على كل من الدولتين إلى أقصى درجة ممكنة.