رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا مؤاخذة .. كنيسة !! «1-3»


خمسون أسرة مسيحية يعيشون فى قرية «صفط الخرسا» بمركز الفشن بمحافظة بنى سويف، وليس لهم كنيسة بالقرية يتعبدون فيها، وأقرب كنيسة لهم تبعد حوالى 12 كيلو متراً وتقع بعزبة «بشرى»، وعلى إثر انتشار شائعة عن محاولة عدد من المسيحيين بناء كنيسة بقرية «صفط الخرسا»، تجمع فى الأسبوع الماضى بعد صلاة الجمعة العشرات من أهل القرية، وقاموا بقذف عدد منمنازل المسيحيين بالطوب والزلط والزجاج.

وأحداث العنف الدينى المتكررة بالمنيا وبنى سويف ليست هى الأولى من نوعها، وغالبا لن تكون الأخيرة،فبنظرة موضوعية وأمينة لما يحدث فى مصرنا الحبيبة، سنكتشف أن المسلسل القمىء للاعتداء على المسيحيين وعلى الكنائس هو مسلسل كثيراً ما يتكرر، فالتاريخ خير شاهد على الاعتداء على كنيسة الخانكة وأبو قرقاص والكشح وبنى ولمس والعديسات والعياط ومحرم بكوغيرها وغيرها الكثير.

فمنذ سبعينيات القرن العشرين، وفى عهد الرئيس المؤمن محمد أنور السادات الذى أطلق على مصر «دولة العلم والإيمان»، تزايدت أحداث الاعتداءات على المسيحيين ومحلاتهم وبيوتهم وكنائسهم، وحتى بعد 25 يناير 2011 خدعنا بعض المحللين فى وسائل الإعلام بالقول: إن نظام مبارك  هو السبب الرئيسى فى كل ما جرى للمسيحيين، وأنه بعد الآن لن يحدث أى عنف ضدالمسيحيين، ولكن دارت الأيام وثبت كذب هذا التحليل وحدثت أحداث كنيسة المريناب والعامرية ودهشور والمنيا وغيرها من الحوادث المؤسفة التى لم تسلم منها حتى قرية شهداء ليبيا، هذا فضلاً عما يحدث فى بعض الأماكن من تهجير قسرى للمسيحيين وإجبارهم على ترك بيوتهم، هذه الأحداث اعتاد الإعلام أن يسميها بـ»الفتنة الطائفية»، وفى حقيقة الأمر هذه التسمية خاطئة، حيث إن التوصيف السليم لها هو «أعمال إجرامية»، أو «اعتداءات دينية»، حيث إن بعض المضارين يتعرضون للاعتداءات لا لشىء إلا لأنهم مسيحيون وليس لأنهم طرف فى مشاجرة أو نزاع.

ومما لا شك فيه أن الغالبية العظمى من مسلمى مصر يعيشون فى حب ومودة مع المسيحيين وقد تكاتف مسلمون كثيرون فى أماكن كثيرة للدفاع عن الكنائس عندما حاول المتطرفون حرقها والاعتداء عليها، ولكن الموضوعية تحتم علينا أن نقول إن الصورة ليست كلها جميلة، فالمتطرفون والمتعصبون موجودون فى كل مكان وزمان، وهؤلاء يحتاجون لمعالجة فكرية مع المعالجة الأمنية، فالمعتدون على الكنائس مختلون فكرياً، لأنهم يظنون أنهم بمفردهم فى هذا العالم الذين يملكون الحقيقة المطلقة، ومن ثم ملأ التعصب الأعمى قلوبهم وعقولهم، فرفضوا كل من كان على غير شاكلتهم ومعتقداتهم، وكفروا كل من خالفهم الرأى والفكر واعتبروه كافراً زنديقاً، فالمختلون فكرياً يظنون أن المسيحى مشرك بالله ويؤمن بثلاثة آلهة ومن ثم يجب قتله وإراقة دمه، بينما لو قرأ هؤلاء المختلون التوراة والإنجيل والقرآن قراءة متأنية لعرفوا أن المسيحيين لا يؤمنون إلا بإله واحد ولا يشركون به أحداً، ومن المؤسف أيضاً أن المختلين يعتبرون أن الكنائس ديار كفر وفسق ومن ثم يتحتم الاعتداء عليها بل وملاشاتها من الوجود. وللحديث بقية.