رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

راية الأخضر ترتفع في بلاد الربيع العربي.. 4 دول تصارع "الدولار".. والغلاء يهلك الشعوب

جريدة الدستور

"استقرار ثم اضطراب طفيف، فصعود دون كابح".. ثلاث درجات تخطاها الدولار الأمريكي في سُلم صعوده فوق آمال الشعوب داخل دول ثورات الربيع العربي، التي اندلعت عام 2011، في كلًا من تونس ومصر وليبيا وسوريا.

ترصد "الدستور" في التقرير التالي أثر الثورات على الوضع الاقتصادي داخل دول الربيع العربي.

- تونس

تعاني تونس من أزمة اقتصادية ضخمة بسبب تدني سعر صرف الدينار أمام العملات الأجنبية، خاصةً أما عملتي الدولار الأمريكي، واليورو الأوروبي.

وتشهد قيمة الدينار التونسي تراجعا حادًا مقابل الدولار الأميركي، إذ انخفض سعر صرف العملة المحلية في تونس إلى 2.236 دينار مقابل 1 دولار، بحسب البنك المركزي التونسي، مسجلًا أقل قيمة له في تاريخ الاقتصاد التركي أمام العملات الأجنبية.

وأعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد شوكات، في تصريحات للصحف التونسية، أنه يجب
اتخاذ إجراءات حاسمة في وقت قصير لمكافحة العجز التجاري، مشيرًا إلى ضرورة التفكير في كيفية التصدي لانهيار العملة، وحماية الوضع الاقتصادي بالبلاد.

ونشر المعهد الوطني التونسي للإحصاء، دراسة تشير إلى أن العجز التجاري ازداد خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2016 بنسبة 9.46%، لتبلغ 5153.4 مليون دينار مقابل 4691.4 مليون دينار في نفس الفترة من العام 2015.

وبحسب البنك المركزي التونسي، سجل الميزان التجاري عجزا قدره 5587.7233 مليون دولار سنة 2015، بالإضافة إلى تراجع المخزون الوطني من العملة الصعبة من 120 يوم توريد بداية 2016 إلى نحو 109 أيام توريد حاليا.

وكذلك سجلت الإيرادات السنوية للسياحة، التي تمثل أهم مصادر العملة الاجنبية في تونس، تراجعًا بنسبة 41% من 1857 مليون يورو عام 2010، إلى 1082 مليون يورو عام 2015.

- ليبيا


يعيش الليبيون أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ أكثر من 70 عامًا، وبعد قيام الثورة وسقوط نظام الرئيس الليبي الراحل، معمر القذافي.

وكسر الدولار حاجز الخمسة دنانير ليبية في السوق الموازية "السوق السوداء"، إذ بلغ قيمة الدولار الواحد، 5.52 دينار، مرتفعًا بنسبة 8.4% عن الأسبوع الماضي فقط، وهي نسبة تراجع سريعة للغاية.

وقالت الصحف الليبية إن نشطاء أطلقوا حملة، على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، تهدف لمقاطعة شراء الدولار من السوق السوداء، واصفين من يتاجرون في الدولار بـ"تجار الحرب".

وأربكت الحملة التي جاءت تحت عنوان: "مقاطعة شراء الدولار، من أجل إنقاذ ليبيا من تجار الحرب" سوق العملات في طرابلس، مما أدى إلى إغلاق التداول بها عدة أيام، وسط توقع بمداهمات كتائب مسلحة تابعة لرئاسة أركان المؤتمر الوطني العام لتلك السوق.

وأرجع الباحث الاقتصادي الليبي صقر الجيباني، في تصريحات صحفية، سبب تراجع قيمة الدينار الليبي هو إغلاق حقول وموانئ النفط، وانخفاض إنتاج النفط إلى الثلث، مقارنة بالمعدل الطبيعي قبل ثورة فبراير 2011، والذي كان يقدر حينها بـ1.6 مليون برميل في اليوم الواحد.

وأضاف: "اضطر المصرف المركزي الليبي للسحب من احتياطيات العملة الأجنبية، فانخفضت من 113 مليار دولار سنة 2011 إلى 86 مليار دولار حاليا، الأمر الذي زعزع الثقة في العملة الوطنية، ومن ثم انخفاض قيمتها وازدهار السوق السوداء"، واصفًا إياها بـ"مافيا الفساد".

وأكد مصرف ليبيا المركزي، في بيان رسمي، أن ميزانيته حققت تراجعا في نسبة عجز الموازنة بلغت 69%.

- سوريا


يعيش الشعب السوري في سباق مع الدولار، منذ قيام الحرب الأهلية في سوريا، عقب إندلاع ثورة في 15 مارس عام 2011، بعد أن كان يسجل 48 ليرة في أوائل العام ذاته، إذ أخذ "الأخضر" في الارتفاع شيئًا فشيء، بادئًا دورته بـ100 ليرة في أواخر عام الثورة، وصولًا إلى 590 ليرة في المصارف الرسمية خلال الأشهر الحالية.

وتعدى سعر صرف الدولار الأمريكي في العاصمة السورية "دمشق" إلى 590 ليرة في السوق السودجاء، مقابل 515 في المصارف الرسمية، مسجلًا أعلى ارتفاع له منذ اندلاع الثورة في عام 2011، بينما وصل سعر جرام الذهب عيار 21 إلى 22.000 ليرة سورية.

وقال وليد علي أبو خالد، رئيس اتحاد الصاغة ورأس المال في مدينة "قامشلو" السورية، في تصريحات صحفية، إن المتحكم في صرف العملات الأجنبية هو النظام السوري، متهمًا إياه بالتلاعب في سعر الصرف كتجارة مربحة.

من جانبه، قال الباحث الاقتصادي السوري، خورشيد علكيا، في تصريحات للصحف السورية، إن تحديد قيمة الليرة تتحدد وفق قرار سياسي، قائلًا إن الدوار أصبح أقل بـ 13 مرة عما كان عليه قبل بدء النزاع منذ أكثر من خمس سنوات، خلال شهر مايو الماضي، بناءً على قرار النظام، ليسجل 524 ليرة، وبعدها ارتفع مرة أخرى.

وأشار إلى أن احتياطي المصرف المركزي من العملات الأجنبية انخفض بنسبة أكثر من 67% من بعد الثورة، وهي أعلى نسبة تضخم في تاريخ الاقتصاد السوري.

- مصر

بدأ الدولار يرتفع داخل سوق العملات المصرية بشكل بطئ منذ اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011، ثم إنطلاق بسرعة الصاروخ خلال الأشهر القليلة الماضية، فبعد أن كان يسجل "الأخضر الأمريكي" 5 جنيهات وبدأت مخاوف الشعب تظهر حينما سجل 6 جنيهات ونصف الجنيه في المصارف الرسمية، مقابل أقل من 9 جنيهات في السوق الموازية.

لم يعلم المواطنون أن الدولار سوف يصعد فوق آمالهم باقتصاد مزدهر، ليصل إلى أكثر من ثماني جنيهات في البنك المركزي المصري، مقابل 13 جنيهًا في السوق السوداء، للمرة الأولى في تاريخ الاقتصاد المصري، دون أي قرار رادع من الحكومة أو البنك المركزي.

وأدى ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه، إلى ظهور نشاط "الدولرة"، التي تعني زيادة طلب المواطنون على العملة الخضراء، تحسبًا لأي انخفاض أخر للجنيه.

وأسفر انخفاض قيمة الجنية إلى انهيار الاقتصاد داخل البلاد، وزيادة أسعار السلع الأساسية بصورة استفزازية تنذر باندلاع "ثورة جياع" تقضي على الأخضر واليابس.