رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" تفتح أخطر الملفات العربية.. حقيقة المساعي الخليجية لإحلال "مجلس التعاون" محل ‏الجامعة العربية.. قرارات مصيرية تدفع قاطرة المجلس للصعود فوق "عرش القرار العربي"

جريدة الدستور

المشهد المُزري الذي خرجت به القمة العربية الـ 27، التي عُقدت أمس الإثنين، في العاصمة الموريتانية ‏نواكشوط، سواءٌ على مستوى المشاركة الباهتة، وسط غياب 13 ملكًا ورئيسًا، أو على مستوى البيان الضعيف الذي لم يحمل سوى اتفاقًا على المتفق عليه، وتجنبًا للإشكاليات الرئيسية والقضايا الخلافية، ومن قبل ذلك رفض المغرب استضافتها من خلال بيان شديد اللهجة، ‏بدعوى أنه لا يمكن عقد قمة الغاية منها عقد القمة فقط، يدفع البعض للحديث عن بداية دخول الجامعة العربية في مرحلة من الركون والتهميش، كما يثير الشك حول وجود نوايا عربية وإسلامية، إلى إيجاد البديل عن هذا الصرح الدبلوماسي ‏الذي وقف مكتوف الأيدي أمام الأزمات التي تواجه الدول العربية.‏


‏«أزمة اختيار الأمين العام»‏
من الأزمات الأخيرة التي واجهت الجامعة العربية، اختيار الأمين العام خلال مارس الماضي، والتي ‏أوحت بوجود خلاف عميق بين الدول العربية القابعة تحت لواء الجامعة، بعدما آثار تبابين وجدل كبير ‏حول شخصية الأمين، حتى دفعت مصر بمرشحها أحمد أبو الغيط، لتواجه انقسام واعتراض ثلاث دول ‏عربية عليه هي قطر والجزائر والسودان.‏

‏«الأزمات تحاصر الجامعة»‏
اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011، زاد من تهميش دور الجامعة العربية، بعدما وقفت مكتوفة ‏الأيدي أمام الأزمات العربية، وخروجها كل فترة بقرارت دبلوماسية صورية لا تسمن ولا تغني من جوع، ‏وتفتقد للمصيرية التي تحتاجها الأمم، إلى جانب القمم "المناسباتية" التي عقدتها طوال الفترة الماضية، حتى بات الحديث الآن بحسب مصادر دبلوماسية، عن رغبة خليجية في استبدال مجلس التعاون الخليجي بالجامعة العربية.

‏«التعاون الخليجي»
وبالرغم من أن مجلس التعاون الخليجي الذي يضم دول الخليج الستة، الإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت، لا يختلف حاله كثيرًا عن الجامعة ‏العربية، من حيث التشتت والضعف، ألا أنه كان دائمًا البديل الذي يعتمد عليه في مواجهة تلك التحديات ‏العربية، وبات أكثر فاعلية منها.‏

على صعيد الأزمة اليمنية، كان مجلس التعاون من أكبر الداعمين للسعودية، في الحرب التي شنتها على ‏جماعة الحوثيون في اليمن، رغم الخسائر المادية البشرية الباهظة التي تكلفها من هذه الحرب، ألا أنه ‏يُحسب له القدرة على أخذ القرارت المصيرية.‏

ونرى دور التعاون الخليجي الأكثر فاعلية من الجامعة العربية تمثل أيضًا وقتما اشتد الخلاف بين ‏السعودية والنظام الإيراني، وحلفائه في الدول العربية على رأسهم حزب الله اللبناني، سارع المجلس ‏باعتباره جماعة إرهابية وحظر التعامل معه، وعقب ذلك سارت الجامعة العربية كالسحلفاء نحو خطوة ‏اعتباره جماعة إرهابية والذي جاء متأخرًا.‏

‏«هل المجلس بديل للجامعة؟»
وإزاء هذه القرارات التي تعتبر فعالة مقارنة بما تخرج به الجامعة العربية، بات التساؤل "هل ينجح ‏مجلس التعاون في لعب دور الجامعة العربية ويصبح بديلًا عنها؟. الاتفاق على تهميش دور الجامعة خلال ‏المرحلة المقبلة هو الإجابة الأصح لهذا التساؤل، لاسيما مع وجود رغبة عربية غير مكتملة بالاكتفاء ‏بمجلس التعاون الخليجي، ونقل مهامه الجماعية إلى منظمة التعاون الإسلامي، إلا أن الأزمة التي يمر بها ‏القادة العرب أكبر من إحلال المجلس مكان الجامعة.. وفقًا لرؤية مراقبون في الشأن السياسي الدولي.‏

الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أكد أن المنظمة التي يجب أن تكون بديلة ‏للجامعة، لابد أن تتأسس على طرح ما هو قائم وصياغة ميثاق جديد يكون بدلًا عن ميثاق الجامعة الحالي، ‏سواء كان مجلس التعاون الخليجي أو الإسلامي.‏

وأوضح أن هذا الاتجاه انصرفت إليه بعض الجهود السابقة من الدول العربية، مشيرًا إلى أنه لابد أن ‏يتناسب هذا التطوير مع عظم التحديات السياسية والاقتصادية والثقافية التي تواجه الوطن العربي وحجم ‏التحديات الأخرى الإقليمية والدولية‎ .‎

واختلف معه الدكتور حسن أبو طالب، أستاذ العلوم السياسية، حيث رأى أن مجلس التعاون الخليجي بديل ‏عاجز، لأنه لم يختلف كثير عن الجامعة العربية، حيث نشأ لمجموعة دول الخليج بهدف مواجهة التمدد ‏الإيراني، وإيجاد كيان يساعدهم للحصول على مكانة إزاء هذه التمدد.‏

وأشار إلى أن دول الخليج به تعاني تشتت هي الأخرى، ويقبع المجلس تحت القيود، التي لم تأهله للوصول ‏إلى الوحدة الكاملة، فهناك توتر بين قطر والسعودية، وعمان تريد استقلال ذاتي لها، والإمارات ترغب في ‏العيش دون قيود عربية أو خليجية، ولم تجتمع هذه الدول تحت مظلة واحدة.‏

وأوضح أن دول التعاون الخليجي لم تتفق خلال آواخر العام الماضي على مشروع إنشاء قوة خليجية ‏مشتركة وتم رفضها من الجميع، كذلك مُني مشروع العملة الموحدة الذي اقترحته الكويت بالرفض الواسع ‏كالذي يحدث بالجامعة العربية.‏

ولفت إلى أن اتخاذ التعاون الخليجي بديلًا عن الجامعة، لن يضيف شيء، لأن الأزمة ليست في المنظمة ‏التي يجتمع تحتها العرب، ولكن سياسات القادة العرب أنفسهم، والتشتت والمستوى المتدني الذي يظهورن ‏كل قمة عليه.‏

وأكد أن عزوف العرب عن حضور قمة أمس كتب نهاية جديد للجامعة العربية، ودل على إتفاق الجميع ‏أن الجامعة العربية منبر صلب يجتمعون تحته لمناقشة قضايا السلام ومكافحة الإرهاب التي لن يعترض ‏أحد عليها في النهاية، مشيرًا إلى أن مصيرها قد يكون الجمود أو البحث عن بديل آخر.‏