رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الثورة الزراعية..وقيود المستعمرين «٢-2»


استكمالاً لمقالنا السابق تحت العنوان نفسه نشير إلى أن أهم أسباب مشكلة توريد القمح التى تتكرر كل عام، هو انتشار الفساد الذى يضيِّع على الفلاحين مبالغ بالمليارات، إذ لا يستطيعون توريد القمح نظرًا للعقبات الكثيرة التى تواجههم من فساد وبطء ومحسوبية فى عمليات التوريد. إن من أسباب أزمة القمح فى مصر، تفتيت المساحات الزراعية وعدم القدرة على استخدام الآلات الزراعية فيها وتآكل الأراضى الزراعية بسبب الزحف العمرانى أو عن طريق التجريف، التعدى على الأراضى الزراعية وتجريفها جريمة فى حق البلد وينبغى على الحكومة ألا تتهاون مع مرتكبيها وأبرز الحلول هو نقل الناس إلى أراض جديدة ونوسع الرقعة العمرانية فى الصحراء.

ـ المزارع المصرى محروم حتى من الدعم البسيط الذى كان يحصل عليه ولا وجه للمقارنة بينه وبين المزارع الأمريكى أو الأوروبى لأن هذه الدول تدعم المزارع فى كل الاتجاهات سواء فى الإنتاج المباشر أو فى التصدير أو عن طريق شراء المنتجات.

يجب أن توفر الدولة للفلاح كل ما يلزمه من مبيدات جيدة وصالحة وتقاوى وبأسعار معقولة ويجب أن تحل الدولة محل الوسيط أو التاجر الذى يستغل الفلاح ويأخذ نتيجة عمل الفلاح لنفسه وأن تحول الدولة دون وجود حلقات وسط بينها وبين الفلاح وتشترى من الفلاح مباشرة.

-عجز سياسات التصنيع عن المساهمة الجادة فى تطوير الزراعة وتحديثها، وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى بكلفة مناسبة، فهى لا تزال تمثل عبئاً ثقيلاً على الإنتاج من ناحية وانخفاض إيراد المزارع من ناحية أخرى. التصنيع الزراعى هو الملجأ الوحيد لرفع القيمة المضافة للإنتاج الزراعي.

- السياسة الزراعية تراجعت فى الفترة الأخيرة شأن الاقتصاد وهذا يأتى نتيجة إلى أن كل وزير يأتى بفلسفته الخاصة ولا وجود للفلسفة العامة.

- يتعرض حوالى 20 فى المائة من القمح المخزن فى الصوامع، للتلف خصوصاً أنها مكشوفة، ولا بد من مراعاة طرق التخزين السليمة.

وميكنة زراعية فالدولة المصرية تتعامل مع فلاحيها بمنطق التاجر تبيعه احتياجاته بأسعار السوق وليس بمنطق الداعم له لذا ترتفع أسعار القمح لدى الفلاحين ولهذا أيضاً ارتفعت كميات ما استوردته مصر من قمح بنسبة 100% بين عامى 2005 و2010 رغم أن نوعية القمح المصرى حسب تصنيفات الجودة العالمية تعد أفضل من نظيره الروسى مثلاً، ومع الأزمة المناخية الأخيرة التى منعت موسكو من تصدير قمحها زادت الأسعار العالمية حسب تقدير منظمة الأغذية العالمية الفاو بنسبة 50%، تندر أحد مسئولى الزراعة المصريين بأن الفلاح المصرى مستفيد من ارتفاع أسعار القمح العالمية لأنه سيبيع قمحه لحكومته بسعر أعلى، طرفة تدعو إذاً للبكاء أن نقول إنه أصبح من الضرورى تغيير منظومة دعم القمح وليس إلغاءها بما يضمن وصول الدعم لمستحقيه من الفلاحين، حيث إن الدعم بهذه الطريقة لم يصل لمستحقيه ولم يحقق الهدف منه، حيث قررت الحكومة دعم القمح المحلى حتى يتم تحقيق الاكتفاء الذاتى منه، فضلاً عن توفير العملة الصعب من خلال تقليل استيراده.

إلا أن ما حدث هو استمرار استيراد القمح من الخارج والاستيلاء على الدعم أيضاً، وإرهاق ميزانية الدولة. ولعدم تكرار الأزمة مستقبلاً، يجب قصر استيراد القمح على جهات حكومية معينة، فضلاً عن وضع قواعد صارمة تمنع التلاعب فى توريد الأقماح، وسن تشريعات تُغلظ عقوبة الاستيلاء على المال العام، بالإضافة إلى «ميكنة» العمل بالجمعيات الزراعية والشون حتى يتم استلام الأقماح من الفلاحين بسهولة، ومنع التكدس الموسم المقبل، فضلاً عن الاستمرار فى خطط الدولة لبناء صوامع حديثة تقلل الفاقد من مخزون القمح، وتشديد إجراءات الحكومة الرقابية لمنع التلاعب مستقبلاً.