رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الجيش الموازي».. طوق النجاة الوحيد للأنظمة الحاكمة من الانقلابات العسكرية.. «حرس الباسادران» التجربة الإيرانية التي استنسخها أردوغان سرًا فأحبطت محاولة الإطاحة به

جريدة الدستور

"انقلاب عسكري"، عبارة تخشاها كافة الأنظمة الحاكمة في أي من دول العالم، بيد أنه لا مفر من الوقاية من هذا الانقلاب سوى بظهير شعبي يرفضه، أو بديل آخر يصنعه الحاكم ليحمي أركان نظامه وهو ما نفذته إيران في شكل تجربة "الحرس الثوري" أو ما يعرف بـ"حرس الباسادران".

إيران المحصنة
فور نجاح الثورة الإسلامية ضد نظام الشاه في إيران واعتلاء آية الله على الخميني، منصب المرشد العام للثورة، ذهب إلى تدعيم أركان النظام الجديد خشية تعرضه لانقلاب عسكري من قبل القوات المسلحة، فعمد إلى تكوين "الحرس الثوري" عام 1979 كجهاز للأمن الداخلى لحماية الثورة الإسلامية، ومواجهة الثورة المضادة التى رأها من القوات المسلحة الإيرانية، والذى يوصف بأنه أقرب إلى قوات مسلحة موازية تدين بالولاء للمرشد ومبادئه الثورية، حيث منح الخمينى صبغة رسمية للميليشيات الموالية له، والتى انبثقت بعد الثورة، من خلال تشكيل كيان عسكري حمل لقب قوات "الباسيج".

ومنح المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، صلاحيات واسعة للحرس الثورى الإيرانى للدفاع عن مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية، حيث تحول الحرس الثوري إلى ما يشبه مركز الثقل والجاذبية لدعم أمن النظام الإيرانى ، الأمر الذى جعل نفوذه يمتد ليسيطر على الاقتصاد والسياسات الداخلية والخارجية، إضافة لتحكمه فى كل صغيرة وكبيرة في المجتمع الإيرانى.

الدستور
ووفقًا للمادة "150 " من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فإن مهام الحرس الثورى وفقا لنوايا المرشد الأعلى "الخمينى " هى:" احتواء أو تصفية العناصر المضادة والمعادية للثورة، والمواجهة المسلحة للثورة المضادة وعناصرها المسلحة كذلك، وحماية إيران من تحركات القوى الخارجية فى الداخل، نشر الثورة، ودعم حركات التحرر للشعوب العالم التى تعانى من القمع، تحت إشراف وتوجيه المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، وتوظيف خبرة الحرس الثورة فى التعامل مع الاضطرابات القومية والكوارث غير المتوقعة ودعم خطط التنمية فى إيران لضمان زيادة موارد الحرس الثورى".

ولعب الحرس الثوري دورا قويًا خلال حرب الخليج الأولى، حيث قاد العديد من المعارك والهجمات التي أدّت لإعادة السيطرة على بعض المدن الإيرانية من سيطرة الجيش العراقي، حيث إن الحرس يضم في تشكيلاته قوات برية وبحرية وسلاح الجو والاستخبارات الخاصة بواقع 90 ألف ضابط ومقاتل بالجيش و 300 ألف مقاتل بقوات الاحتياط.

وأكد محللون عسكريون ورجال السياسة، أن الحرس الثوري يقوم بدور كبير في دعم حركات المقاومة الإسلامية في المنطقة العربية مستخدمنًا شعارات مذهبية حيث يدعم الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان وحماس في فلسطين، وهو ما استدعى تصنيف الولايات المتحدة له كمنظمة إرهابية.

تركيا.. الظهير والكيان
وأفشلت الإرادة الشعبية مؤخرًا الانقلاب العسكري ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد أن نزلت قوات برية ومدرعة وجوية إلى الشارع في الـ 15 من يوليو الجاري وفرضت حظرًا للتجوال معلنةً السيطرة على مقاليد الحكم.

وسرعان ما نزلت حشود المواطنين إلى الشوارع لرفض هذا الانقلاب العسكري، إلا أن هذه الجماهير لم تكن وحدها قادرةً على الوقوف أمام قوة الجيش مما يمتلكه من أسلحة ثقيلة، حيث توفي العديد منهم أسفل عجلات الدبابات وبقصف الطائرات الحربية بعد استهداف مقار حكومية وعسكرية بشتى أنحاء تركيا، فيما ظهر انتماء مؤسسة الشرطة والتي يحمل أفرادها أسلحةً خفيفة للنظام الحاكم فحدثت مواجهات بالأسلحة ولقي على إثرها العشرات مصرعهم.

شرطة أردوغان
وأظهر انحياز جهاز الشرطة التركية للنظام الحكام تأكيدات حول كون الرئيس رجب طيب أردوغان، قد ضم إلى هذا الجهاز أفرادًا يحملون توجهات سياسية وخاصة لحزب العدالة والتنمية الظهير السياسي والشعبي لأردوغان، ما جعل رفض المشاركة في الانقلاب العسكري يأتي من خلال مبادئ الولاء والبراء للجماعة والحزب المنتمي إليه فرد الشرطة، وتشكيل كيان مصغر لفكرة "الحرس الثوري".

وتعتمد العديد من الأنظمة الحاكمة على إشراك أفراد الجماعة السياسية المنتمي إليها رأس النظام، في الأجهزة العسكرية بالبلاد من القوات المسلحة والشرطة وأجهزة الاستخبارات.

وقال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، " إن الحل الوحيد لمشاكل إيران ودول الشرق الأوسط هو في الصندوق وليس بالانقلابات العسكرية والبعض لا يزال يظن أنه يمكن إسقاط حكومة شعبية بالطائرات والمدافع والدبابات وهو ما يخالف الواقع المعاش".

وعلق وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف ، على محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها الجيش التركي، قائلًا:" دفاع الشعب التركي الشجاع على الديمقراطية وحكومته المنتخبة يثبت أن الانقلابات لا مكان لها في منطقتنا ومحكوم عليها بالفشل".

محاولة مرسي
وشهدت مصر محاولة لإنشاء جيش مواز للجيش الوطني قوامه 10 آلاف مقاتل في شبه جزيرة سيناء، من قبل الرئيس المعزول محمد مرسي بهدف تكوين كيان داعم وساند لأركان نظامه إلا أن أجهزة الدولة وفي مقدمتها القوات المسلحة والشرطة حالت دون تحقيق ذلك وأفشلت مخطط الجماعة والذي كان يهدف للضغط على المؤسسات الوطنية لتمرير قوانين خاصة بالجماعة على حساب الشعب أو تحويل البلاد للدخول في حرب أهلية باستخدام الكيان العسكري الموازي.

تلميح النهضة التونسية
وقالت "الجمعية التونسية الأورومتوسطية للشباب" إن الفصل 95 من مسودة الدستور الذي أعدته حركة النهضة التونسية ذات الفكر الإخواني، يشرع بصفة صريحة تسليح مجموعات لا تنتمي لا لسلك الأمن الوطني ولا لسلك الجيش أي بمعنى آخر ميليشيات مسلحة من شأنها أن تدخل تونس في دوامة عنف ونزاع مسلح".

ووصفت المنظمة هذه المسودة بالتي تكرس لديكتاتورية جديدة بدأت ملامحها تظهر مؤخرا في تونس، مع تصاعد قوة التيار الإسلامي وخاصة جماعة الإخوان المسلمين.