رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسباب فشل الانقلاب العسكري على "أردوغان".. المعارضة فاجأت الانقلابيين بتأييد الرئيس ووقوفها إلى جانب الديمقراطية.. انقسام الجيش ضرب المحاولة العسكرية في مقتل

جريدة الدستور

بعد ساعات من الترقب والمتابعة لمجريات الأحداث في شوارع العاصمة التركية أنقرة، لمحاولة تطورات الانقلاب العسكري على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أصبح العالم على أنباء فشل المحاولة، وبعيدًا عن حالة الذهول من سرعة الصعود وكذلك سرعة السقوط للانقلابيين، فإن الامر في نظر كثير من الخبراء كان متوقعًا فشله لشواهد وأسباب كثيرة.

غياب المؤيدين
العقيد حاتم صابر قائد وحدة 777 السابق، وخبير مكافحة الإرهاب الدولي، أكد أن سر فشل الانقلاب العسكري في تركيا يرجع بالأساس إلى عدم وجود ظهير شعبي لقادة الجيش المنقلبين، في مقابل الملايين التي تؤيد أردوغان، وهو ما أظهر عدم ولاء الجيش التركي للشعب وأن الانتماءات الشخصية تتحكم في جنرالاته.

وأضاف صابر، في تصريح خاص،:" رغم الأوضاع السياسية المتردية في تركيا إلا أن الأحزاب والقوى المعارضة لم تؤيد الانقلاب، إلى جانب عدم تنسيق القائمين بالمحاولة الفاشلة، مع أجهزة الاستخبارات الأمريكية والروسية والاسرائيلية ودول المنقطة حول دوافعهم وسعيهم للقيام بهذه المحاولة".

وعن مصير القوات التي شاركت في الانقلاب قال: سيتم محاكمتهم محاكمة عسكرية وإعدامهم أو تطبيق عقوبة السجن مدي الحياة إذا تعذر استخدام عقوبة الإعدام بخلاف وجود الخيار الأقرب وهو تصفية كل من شارك في هذه المحاولة".

انقسام الجيش
المحلل السياسي ومقدم برنامج "GPS" على شبكة "CNN" الأمريكية أوضح أن قائد الجيش لم يخرج أمام العامة ويطلب الدعم وهذا يعني أن الجيش نفسه لم يتم توحيده، وأنه في تاريخ الانقلابات الأربعة التركية كان الجيش منضبطًا للغاية وعندما يقوم بانقلاب فهو يعلم بالضبط كيف يفعل ذلك".

وقال الباحث في الشئون التركية، كرم سعيد، إن من قاموا بالانقلاب هم مجموعة صغيرة من الجيش وليس لهم ظهير عسكري أو شعبي، إلى جانب أن التحرك لم يكن مدروسًا أو مخططًا له بشكل جيدًا حيث لم يتمكنوا من السيطرة على مفاصل الدولة رغم السيطرة لبعض الوقت على الإذاعة والتليفزيون ومقر البرلمان ووكالة الأنباء الرسمية بالبلاد".

وأضاف في تصريح خاص: "الاصطفاف الشعبي خلف أردوغان ورفض الانقلاب العسكري كان السبب الرئيسي لفشل المحاولة، إلى جانب الموقف الموحد لأحزاب المعارضة ضد الانقلاب، كما أن الشعب الذي خرج لتأييد أردوغان رفع الأعلام التركية ولم يرفع أعلام حزب العدالة والتنمية أو أحزاب فئوية للنظام الحكام، ووجود تيار كبير داخل الجيش رفض التحرك العسكري".

وعن دور أجهزة استخبارات خلف المحاولة الفاشلة، قال: لا أعتقد أنه تم التنسيق المخابرات الدولي أو دعم أجهزة بعينها لهذا الانقلاب والدليل هو تلكؤ الدول الكبري في إعلان موقفها وذلك يرجع إلى عدم معرفتهم المسبقة بما سيحدث.

وتوقع سعيد، أن يقوم البرلمان التركي بإعادة عقوبة الإعدام للدستور بهدف توقيع هذه العقوبة على القائمين بالانقلاب والذين وصلت أعدادهم إلى نحو 2000 ضابط وجندي وقيادي بالجيش.

طبقة متوسطة
فريد زكريا، محلل "سي إن إن"، يرى أن أحد الأسباب للفشل هو أن تركيا بلد متوسط الطبقة ولديها مجتمع مدني ووسائل إعلام مثل CNN التركية، وهو ما بدا واضحًا في خروج الأحزاب المعارضة لدعم أردوغان رغم كرهها له، مؤكدًا أنه من الصعب للغاية القيام بانقلاب عسكري في دولة ذات طبقة وسطى.

وتمتلك تركيا 20 حزبًا من الأحزاب المعروفة، تتنوع في الاتجاهات والانتماءات كما أن حصة الفرد من الدخل القومي هناك تصل إلى 19 ألف دولار وهو ما يغير من أولويات شعبها حيث تكمن الأولوية الأولى له في الديمقراطية والحكم المدني.

ومع عدم سيطرة الانقلابيين على جميع وسائل الاتصال والإعلام بحيث ظلت بعضها خارج السيطرة، نجح أردوغان في التواصل الشعبي والدولي لإجهاض الانقلاب، بخلاف قدرة حزب العدالة والتنمية على التعبئة وبنيته التنظيمية القوية حيث استطاع أن يحركها بسرعة للتصدي للانقلاب والخروج إلى الشارع.

الجيش والشرطة
ولم يمر وقت طويل لإعلان المجموعات المسلحة الانقلاب على أردوغان والسيطرة على حكم البلاد، حتي ظهر انقسام داخل الجيش على اﻷمر، خاصة مع رفض جهازي المخابرات واﻷمن الداخلي الانقلاب والتحركات لمواجهة السيطرة على البلاد، ونجحا في إلقاء القبض على بعض أفراد الجيش.

وأعلن رئيس البرلمان التركي إسماعيل كهرمان، رفض السلطة التشريعية في البلاد للانقلاب العسكري، قائلا:" نحن ندعم الحكومة الشرعية وموقف النواب واحد، وزمن الانقلابات قد ولى ولن يعود إليها من جديد".

وأعلن أهم قادة الجيوش التركية "الجيش الأول- البحرية- القوات الخاصة" رفضهم للانقلاب، ودعا قائد الجيش الثالث قواته المشاركة بالمحاولة الانقلابية العودة إلى ثكناتهم، إلى جانب تخليص رئيس هيئة الأركان خلوصي آركان بعملية أمنية، بعد ساعات من اعتقاله لدى الانقلابيين، وإعلان الجيش أن رئيسه عاد لمزاولة عمله كالمعتاد، مع إلقاء القبض على مئات الضباط المتورطين بالمحاولة الانقلابية.

فشل ترتيب الخطوات
محلل السي إن إن، يرى كذلك أنه في كل الانقلابات يبدأ الأمر باعتقال الرئيس أولًا ثم تقوم بالسيطرة على كل وسائل الإعلام؛ تجنبًا لأن يُصدر الرئيس أوامره لأيٍ من مؤسسات الدولة للتحرك ضد المحاولة ولم يحصل أي من ذلك وهو ما مكن أردوغان من السيطرة سريعًا على المحاولة، وأضاف "ما نعلمه بالضبط هو أن قائد الجيش لم يكن إلى جانب الانقلاب وكذلك أبرز القادة العسكريين.