رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التطور الاجتماعى يصاحب البناء الحجرى


ليس ببناء الحجر وحده يتم التطور وإقامة النهضة الحقيقية، وإسكان شعب العشوائيات فى مبان تتسم بالفخامة والجمال، بل الضرورة الملحة، وضع خطة غير تقليدية لإنقاذهم حتى لا يعودوا للتمرد العشوائى مرة أخرى، وسكنى الأماكن البعيدة عن أعين السلطة، ويقع عبء هذه المسئوليات على بعض الوزارات والجامعات بكلياتها المختلفة وهناك تجارب سابقة وناجحة لبعض الجامعات فى تفعيل الاهتمام بالمجتمع المحيط بالجامعة. ويشكل التطور الاجتماعى للطبقات الأكثر احتياجاً عاملاً مهماً فى إشاعة الأمان والسلام والجمال للمجتمع، وهنا: نكرر المقولة أنه من السهل بناء الطوب ولكن الأصعب هو بناء الإنسان، ومع ذلك فبناء الطوب من الضروريات الأساسية لأى نهضة، إذ يمثل الهيكل والإطار الخارجى لهذه النهضة، والذى يجب ملء الفراغاتالداخلية لهذا الاطار، حتى تصبح الصورة أكثر جمالاً واكتمالاً، فبناء الإنسان المصرى البسيط الذى أهملته العصور السابقة يحتاج إلى الاهتمام به فى النواحى النفسية والاجتماعية وإشاعة النواحى الجمالية والتذوق الجمالى، والارتفاع بهذا الإنسان المنسى لكى يصبح إنساناً بالمعنى الحقيقى للكلمة، وإذا كان من ضمن أهداف ثورة يوليو 1952 الستة، التطور الاجتماعى وتحقيق العدالة الاجتماعية للمصريين، وتضييق الفجوة بين الطبقات، وحققت هذه الثورة الخطوات الأولى فى هذا السبيل فحددت الملكية الزراعية بمائتى فدان، ووزعت الأراضى على المعدمين من الفلاحين، وشيدت بعض المشاريع العملاقة التى حققت نوعاً من الرفاء الاجتماعى لأغلب الطبقات، فمن الأولويات الملحة لثورة 30 يونيه 2013 مواصلة هذا الطريق، واستكمال البناء الاجتماعى. فبعد دخول العناصر المادية فى حياة هؤلاء البؤساء من سكان العشوائيات، وهذه العناصر دائماً ما تكون أسرع من العناصر المعنوية والثقافية، فأهم ما يمكن تقديمه لهم التكيف الاجتماعى والثقافى مع وضعهم الجديد، وتقديم لون مشرق حتى نعوضهم عن الكآبة السابقة، ويجب التركيز على تغيير الفكر الذى اعتاد عليه هؤلاء السكان وإحلال بعض المعتقدات والأفكار التى تلائم عالمهمالجديد، فقطعاً إن التغير المادى الذى تحقق لهؤلاء السكان يجب أن يصاحبه، تغير للتقاليد والعادات والسلوك، المطلوب هو فك الاشتباك بين حياتهم العشاوئية السابقة وحياتهم العشوائية، وإعادة تأهيلهم لحيلتهم الجديدة، من حيث اتباع مبادئ النظام والنظافة واحترام الآخر، حيث كان معظم سكان العشوائيات يعملون فى مهن تتسم بالحقارة والدونية، فمن الضرورى تعديل مسارهم المهنى، وإعدادهم لبعض المهن الراقية والتى تحتاج إلى إعمال العقل، ويقول أحد الكتاب «إن استخدام العقل يعين الإنسان على تحصيل رزقه وتعمير وتطوير حياته ودون العقل لن تعمر الأرض ويظل الإنسان لقمة فى فم الحماقة والطيش والأذى والتدمير. فالعقل هو الذى يميز الإنسان عن غيره من المخلوقات، وبالعقل يستطيع الإنسان التفكير والابتكار والإبداع وأخيراً تحقيق إنسانيته.

■ عضو اتحاد المؤرخين العرب