رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسالة لوزير الآثار


وصلتنى رسالة باسم «حركة ثوار الآثار» تطالب النائب العام بالنظر فيما لديها من مستندات تكشف حجم الفساد فى وزارة الآثار.. مؤكدة أن هذه المستندات توضح بشاعة المحسوبية والمصالح الشخصية التى تهدد تراث مصر الأثرى والذى يمثل أحد أهم وأقوى الروافد الاقتصادية للأمن القومى المصرى.. وشددت الحركة على أن الإهمال المنتشر فى هذه الوزارة يهدد أيضاً بضياع تاريخنا وحضارتنا ولخصت مطالبها فى عرض المشكلة كالآتى: أولا: بدأت بعثة مشتركة من كلية الآثار- جامعة القاهرة –فرع الفيوم ومنطقة آثار الفيوم عملها فى منطقة «كيمان فارس» بالفيوم فى 25/3/2000 وحتى 14/6/2000م.. وتوصلت لاكتشافات مهمة سنذكر بعضها لاحقا وأكدت أن هذه المنطقة هى أصل مدينة الفيوم القديمة.. والتى تأسست فى عصر الأسرة الخامسة، وازدهرت فى عصر الأسرة الثانية عشرة.. وأنشأ بها الملك إمنمحات الثالث معبد الإله سبك وأطلق عليها اسم «شيدت» ويقع فى حى الجامعة، وكانت تبلغ مساحتها 220 فداناً ولذا فإن أطلالها من أقدم وأقدس ما عرف من بقايا المدن المصرية، وفى شمال المدينة يوجد المعبد الرئيسى المنتمى لعصر الدولة الوسطى، كما عثر فى هذا المكان أيضاً على آثار تضم تمثالاً لـ «إمنمحات» الثالث من الجرانيت الأسود، وبرديات، وعملات برونزية وتماثيل فخارية وإضافات للمعبد من عهد رمسيس الثانى وجزء من سور لبقايا معبد يونانى يرجع لعهد الملك بطليموس الثانى، بالإضافة إلى وجود بعض الحمامات الرومانية وعدد من المبانى الحديثة داخل حرم جامعة الفيوم.

ثانياً: قامت هيئة الآثار فى ذلك الوقت بحصر ما تبقى من هذه الآثار وإحاطتها بسياج أو سور حديدى، والسؤال الواجب طرحه فى هذه الحالة هو: أين تلك المنطقة حالياً ؟!، مع العلم أن أصحاب الضمائر الحية فى المحافظة حاولوا إنشاء متحف داخل حرم الجامعة ليكون مزاراً سياحياً يقصده السائح الأجنبى لكن هذه المحاولات باءت جميعها بالفشل الذريع لوجود مصالح بعينها لعدد من الشخصيات المعروفة التى ضربت بالقانون عرض الحائط بزعم أنهم أصحاب القرار فى كل شىء.. فى حين يرى البعض الآخر من أهالى منطقه «كيمان فارس» أن ما حدث من اعتداء على أرض الآثار وطمس معالمها يعتبر جريمة بحق الدول ويجب محاسبة المسئولين عنها رغم مرور كل هذه السنوات.. وأرجع الأهالى مسئولية ما حدث إلى المحافظ الأسبق جلال السعيد ورئيس جامعة الفيوم آنذاك ود. جمال محجوب - رئيس الإدارة المركزية للترميم-آنذاك و د. زاهى حواس- أمين عام المجلس الأعلى للآثار فى حينه-مؤكدين أن المحافظ الأسبق اتفق مع رئيس الجامعة على عدم تجديد تعاقد «محجوب» إلا إذا أحضر قراراً من د. حواس يفيد بأن هذه المنطقة ليست فيها أى معالم أثرية حتى يستطيعوا الإفلات من المحاسبة إذا تم اكتشاف الأمر.. وبالتالى يسهل لهم طمس معالم المنطقة وضمها – بالتحايل على القانون طبعاً- إلى حيز الجامعة لتُستخدم فيما بعد كمبانٍ وحديقة، وهذا ما حدث ذلك بالفعل.

ثالثاً: هناك قضية أخرى من الفساد والمتورط فيها أيضاً د. جمال محجوب وقت أن كان يشغل وظيفة رئيس الإدارة المركزية لترميم الآثار مع آخرين، ومدرج أسماؤهم فى كشف لجنة المعاينة المرفق مع المستندات السابق الإشارة إليها، حيث تسبب هذا الرجل فى ضياع وطمس معالم منطقة «كوم الشقافة» الأثرية بمحافظة الإسكندرية.. والتى تحتوى على مقابر مهمة من العصور القديمة ولا أحد يعلم لماذا يفعل كل ذلك بآثارنا دون أن يحاسبه أحد، هل من أجل مصالح شخصية أم أن هناك أسباباً أخرى يعرفها مسئولوه ويتسترون عليه؟! فقط نريد الحقيقة خصوصاً أن هذا الرجل قد خرج من كل هذه المخالفات مثل الشعرة من العجين كما يقولون.

ولأن الشىء بالشىء يذكر.. فقد تابعت قضية مشابهة منذ خمس سنوات تقريباً.. ولا أحد يعرف مصيرها حتى الآن.. خصوصاً أن المتهم الرئيسى فيها وهو د. عبد الرحمن العايدى- مدير الإدارة المركزية لمصر الوسطى - قد خرج على المعاش.. وتتلخص الواقعة فى بلاغ مقدم للنائب العام من د. حواس وعدد من رجاله المقربين فى الوزارة بتاريخ 14-04-2011 ضد بعثة اللاهون فى الفيوم التى يترأسها «العايدى» بسبب تركها عدداً من المومياوات- التى تم اكتشافها- للكلاب الضالة والثعالب بناء على تقرير من لجنة أثرية خاصة بمراجعة وتوثيق الآثار المكتشفة فى حفائر اللاهون منذ عام 2008.

د. حواس ورجاله ليسوا وحدهم الذين تقدموا ببلاغ ضد المتهمين فى هذه الواقعة.. بل تضامن معهم ست جهات للمطالبة بالتحقيق فى المخالفات التى ارتكبت فى هذا الموقع.. والتى انتهت إلى تدمير العشرات من المومياوات المكتشفة فى 67 مقبرة أثرية فى هذه المنطقة.. كما أكد ذلك د. محمد عبد المقصود-رئيس الإدارة المركزية لآثار الوجه البحرى وسيناء آنذاك- فى بلاغ إلى النائب العام ضد نفس البعثة التى يترأسها د. عبد الرحمن العايدى «عدوه اللدود».. كاشفاً عن أن المومياء المسروقة مهمة جداً.. مما سبق يمكننا أن نسأل المعنيين بالأمر وعلى رأسهم الوزير الحالى د. خالد العنانى:إذا تأكد لكم طمس معالم هذه الآثار وسرقتها فى الفيوم والإسكندرية.. فهل يمكن أن تحاكموا المتورطين فى تلك الجرائم بقانون الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 المادة 43 و44 والتى تقضى بعقوبة السجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه على كل من قام بسرقة أو حيازة أثر أو جمع آثاراً بقصد التهريب، أو القيام بأعمال حفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص، وفى حال أن الفاعل بالمجلس الأعلى للآثار تطبق عليه نفس العقوبة؟؟.

يتبقى لنا فى هذا السياق أن نذكر أنفسنا بما قاله غيرنا «إذا أردت أن تحكم على بلد.. فلابد وأن تعرف جيداً إدراك مواطنيها قيمة تراثهم التاريخى.. وهل ينظرون إلى الحجر كونه مجرد أثر يتخذونه سبيلاً للثراء عندما يعثرون عليه ويحاولون بيعه لعدو يخطط لسرقة حضارتهم وتاريخهم.. أم يقدرون أنه تراث وحضارة وهوية أمة.. وكيف يتعاملون مع رغبة العدو الذى يخطط لحرمانهم من آثارهم والاستحواذ عليها فى مناطق شاسعة يسيطر عليها فقر وجهل وفساد.. ثم ما الأسباب التى تصنع من حماة آثارنا لصوصاً للتاريخ».. وحتى لا تكون الصور كلها سوداوية.. فلابد أن نشيد بدور العديد من علمائنا وخبرائنا الوطنيين فى وزارة الآثار وفى الجامعات.. مثل هؤلاء يحترمون أنفسهم لأنهم يحترمون تراثهم.. مثل هؤلاء لهم منا كل الاحترام والتقدير لنزاهتهم وأمانتهم وإمدادهم لنا بالمعلومات التى تفضح مافيا الآثار فى الداخل والخارج.. مثل هؤلاء سبق وأكدوا أن سرقة المتحف المصرى أثناء ثورة 25 يناير كانت مدبرة.. وقاموا بعرض فيديو للصوص الذين سرقوا المتحف فى ظل وجود كاميرات قيمتها تتعدى الـ80 مليون جنيه.. ولا أحد يعلم حتى الآن أين اختفت الشرائط التى سجلتها كاميرات المتحف أثناء اقتحامه؟!.. مثل هؤلاء أكدوا أيضاً أن الآثار التى نهبت خاصة بعهد إخناتون والملك توت عنخ آمون.. وهى نفسها الآثار التى يسعى وراءها اليهود لإثبات عبرانيتها وحقهم-كذباً وزورأً- فى مصر.. !!

فهل وصلت رسالتى إلى كل مصرى يخاف على وطنه؟!