رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرب التصريحات تتصاعد بين السعودية وإيران.. الرياض تصرّح علانية برغبتها في إسقاط «ولاية الفقيه».. وطهران تتهم «الفيصل» بتدبير عمليات اغتيالات لقادتها وتهدد بمحو المملكة من الوجود

جريدة الدستور

بلغت حرب التصريحات بين إيران والمملكة العربية السعودية أعلى مستوياتها، خصوصًا بعدما اتهم أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، اللواء محسن رضائي، الأمير السعودي تركي الفيصل، الرئيس الأسبق للمخابرات السعودية بتحريض عناصر المعارضة الإيرانية على "تنفيذ عمليات الاغتيال" في إيران، بتصريحاته في مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس، الذي عُقد السبت الماضي.
حيث قال رضائي، إن دعم السعودية الرسمي للمنافقين، ويقصد بهم جماعات المعارضة، كشف أن جميع الاغتيالات التي نفذتها هذه الجماعات خلال السنوات الأخيرة كانت بحماية السعودية.
كما هدد رضائي المملكة قائلًا: "رسالتنا إلى السعودية من اليوم وصاعدًا هي أننا لا نغضب بسرعة، لكن إذا غضبنا سنمحي النظام السعودي من الوجود".
وتابع رضائي قائلًا: "نرى أن الحكومة السعودية هي المسؤولة عن الاغتيالات التي نفذها المنافقون والمناوئون للثورة وجمعنا الوثائق بهذا الشأن".
كما قال مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية، حسين أميرعبداللهيان، إن تصريحات الأمير السعودي تركي الفيصل، الرئيس الأسبق للمخابرات السعودية، التي قال فيها إنه يُريد "إسقاط النظام" الإيراني، في مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس، "دليل على الدعم المالي والأمني السعودي للإرهاب،".
وتصدر هاشتاج "مؤتمر_المعارضة_الإيرانية" موقع "تويتر"، وشارك العديد من أبرز النشطاء السياسيين بآرائهم وتعليقاتهم حول الأمر، إذ قال الداعية السعودي، سعد البريك، في تغريدة نشرها على صفحته الرسمية على موقع تويتر: "هل بدأ الربيع الفارسي في إيران؟" مضيفًا أن "كلمة الأمير تركي الفيصل هي حقائق من السحر الحلال عن واقع وحقوق شعب خطفه ملالي طهران،" على حد تعبيره.
كما قال مؤسس ورئيس لجنة العلاقات شؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية سلمان الأنصاري "تركي الفيصل سطر بخطابه للشعب الإيراني ملحمة تاريخية عربية وإسلامية لتحرير هذا الشعب من ثيوقراطية نظامهم".
وأضاف الأنصاري، أنه لا يستبعد تنشيط إيران لخلاياه النائمة التابعة لحزب الله في الخليج وعلى الأمن والمخابرات اليقظة.
وتأتي تلك التصريحات لتزيد من حدة التوتر بين إيران والسعودية فعلى الرغم من مشاركة كبار الشخصيات الأميركية والأوروبية والعربية وغيرها من خمس قارات بالعالم؛ لتعلن تأييدها لمشاريع وبرامج المعارضة الإيرانية إلا أن إيران لم تُصعد سوى تجاه السعودية.
حيث دعت زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي إلى إسقاط نظام ولاية الفقيه في إيران والذي يتصدر الحكم منذ قيام الثورة الإسلامية في عام 1979 ودعمها في ذلك الأمير تركي الفيصل الذي قال إن بلاده ستسعى جاهدة إلى إسقاط النظام في العدو الأول لها إيران كما جعل زعماء المعارضة يهتفون باللغة العربية "الشعب يريد إسقاط النظام".
وتعتبر تلك التصريحات المتبادلة استكمالًا للحرب الباردة بين إيران والسعودية حيث أنه وبعد توقيع الأولى على اتفاق نووي مع الغرب وضمان رفع العقوبات عنها بدأت تتحرك بحرية للعب دور فعلي في الشرق الأوسط وبالأخص في منطقتي الخليج والشام واللتان يعتبرا مناطق نفوذ سعودية أو مناطق أمان بالنسبة للمملكة حيث أن أي امتداد شيعي بها ينذر بخطر على النظام السعودي.
وعلى الرغم من تلاشي خطر تصدير الثورة الإيرانية بالنسبة للسعودية إلا أن أحداث البحرين في عام 2011 بدأت تثير مخاوف المملكة من جديد ما دفعها إلى إرسال "قوات درع الجزيرة إلى البحرين؛ لمساعدة المنامة على مواجهة احتجاجات عنيفة ذات صبغة طائفية، وللوقوف ضد ما اعتبر تدخلًا إيرانيا، فيما اعتبرت طهران وقتها تلك الخُطوة "غزوًا عسكري".
كما تطورت الأوضاع في اليمن بشكل متسارع مع بروز الحوثيين كقوة رئيسة تمكنت مع حليفها علي عبد الله صالح من اجتياح صنعاء ومعظم أراضي البلاد، الأمر الذي ردت عليه الرياض وحليفاتها ربي بتدخل عسكري بري وجوي وبحري تحت اسم "عاصفة الحزم"
واستخدم الجانبان أسلحة متنوعة في هذه المواجهة إعلاميًا وسياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، كادت حدة التصعيد في أكثر من مناسبة أن تتحول إلى صدام عسكري مباشر في البحر الأحمر وفي سماء اليمن.
أما على الصعيد الاقتصادي فبدأت إيران بالعودة إلى سوق النفط في آسيا حيث خفضت من أسعار بيع النفط لزبائنها في آسيا والبحر المتوسط لشهر أغسطس من العام الماضي في إطار الجهود المتواصلة لاستعادة الحصة السوقية في تلك المناطق بعد رفع العقوبات عنها مطلع العام الجاري.
وسجلت مبيعات إيران عضو منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" أعلى مستوى في أربعة أعوام ونصف، بما يمثل نحو مثلي حجم مبيعاتها.
وبتخفيضها أسعار الخام مقارنة بالسعودية والعراق اجتذبت إيران زبائن جدد في دول مثل بولندا وحفزت زيادة الطلب من المشترين الحاليين في آسيا.
وردت السعودية، أكبر مصدر للخام في منظمة "أوبك"، بأنها ستورد كميات النفط الخام المتعاقد عليها بالكامل لاثنين على الأقل من المشترين الآسيويين دون تغيير يذكر.
وكانت العقوبات الدولية قد خفضت صادرات إيران من النفط الخام إلى نحو 1.1 مليون برميل يوميا من 2.5 مليون برميل يوميا سجلتها قبل عام 2012.