رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا توعد بما لا تستطيع


«لا خير فى وعد إذا كان كاذباً... ولا خير فى قول إذا لم يكن فعلاً». صدقت يا على بن أبى طالب.. توقفت طويلاً أتأمل تلك المعانى.. ونظرت حولى فوجدتنى محاصرة بين وعود كاذبة تتطاير من حولى على ألسنة المدير، المسئول، السياسى، الوزير... غير مدركين بأن الإنسان عندما يعد فهويلزم نفسه بتنفيذ ما وعد به، وبأنه يقطع على نفسه عهداً أو ميثاقاً بينه وبين الناس، أوبينه وبين مولاه عز وجل، وبأنه إذا لم يف به يكون ناقضاً للعهد ويكون منافقاً كما قال شفيعك وشفيعى محمد صلى الله عليه وسلم «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له».!!

انظر حولك.. ستلاحظ بأننا قد أصبنا بمرض «عدم تصديق». «فقدان الثقة» فى أى وعد من الوعود البراقة ... بل إننا قد نظلم الصادق من المسئولين، السياسيين، الوزراء لأن وعود الماضى والحاضر قد أفقدتنا الثقة بكل الوعود!!.

الجميع أصبح متشككاً فى أى خدمة يقدم عليها إنسان لأخيه الإنسان، فى أى زيارة، فى أى ابتسامة ، فى أى اتصال تليفونى «أكيد عايز حاجة».. «أكيد فى غرض من المكالمة». «مافيش حاجة من غير سبب». «أكيد حيطلب منى طلب». «مرض الشك» أصاب الجميع الجميع يشكك فى نوايا الآخر حتى فى النوايا الطيبة!!

إن الوعود الكاذبة أصبحت آفة العصر. فما من مسؤول يتولى منصباً جديداً إلا ويمطرنا بوابل من الوعود الكاذبة!!. ما من مدير يتولى منصباً جديداً ألا ويوعدنا بلبن العصفور!! كم سياسياً أو مرشحاً فى الانتخابات يمطر ناخبيه بالعديد من الوعود الكاذبة عن عطاياه لهم وعن حل جميع مشاكلهم بعد نجاحه، ثم بعد النجاح، تتبدل الكلمات، تتبخر كل الوعود ويتبخر هو معها ويفيق الناخب على أنها ما كانت إلا وعود كاذبة!!. لماذا لا يصدق الناس وعود المسئول، الوزير، المدير ويصدق وعود المرشح؟.

والآن.. السؤال الأهم، لماذا يوعد الانسان، المسؤؤل، الوزير، الصديق، الأب، الأم، بما لا يستطيع؟! لماذا يوعد الإنسان بما لا يناسب إمكاناته؟. وإلى متى سنعيش بالوعود الكاذبة.. ألم يحن بعد الوقت تنفيذ تلك الوعود؟!.

لا تنكث وعدك... واحذر أن توعد بما لا تستطيع الوفاء به حتى لو كانت وعودك للزوجة ، للزوج. للأبناء، للأسرة، للأصدقاء لأن الوفاء بالعهد من شيم وصفة المؤمنين «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود» ونقض العهد من شيم الفاسقين «وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين». فإذا وعدت بشىء أتمه لئلا يقال عليك إنك «كاذب»!!

عليك أن تقف أمام مرآة وتواجه نفسك.. هل أنت مصاب بهذا المرض وبهذا الوباء؟. هل وعدت أحداً يوماً بما لم تستطع؟. ... اللهم. اجعلنا ممن يوفون بالوعود وبالعهود «وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا». موعدنا الخميس المقبل إن شاء الله.