رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«إفطار على مائدة الخيانة».. فيديو يحمل رسالة مشفّرة من الاحتلال للعرب والمسلمين.. ما سر استعراض إسرائيل لأعداد المسلمين والمصريين في صفوف الجيش؟

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

الفيديو الذي نشرته صفحة «إسرائيل في مصر» لمسلمين يتناولون السحور والإفطار على الحدود، أثناء خدمتهم في جيش الاحتلال، يبعث برسالة مشفّرة، أكثر من كونه استفزازًا، ربما لإظهار تماسك الجيش الإسرائيلي، رغم اختلاف أنسجته، أو لتأكيد أن اتجاهًا خطيرًا بدأ يتشكل داخل المنطقة، من حيث نزوع المسلمين للخدمة بجيش الاحتلال، والإيحاء بأنه ليس كل المسلمين ضد الاحتلال، والترويج لهذه الفكرة إعلاميًا.

لا تفعلُ إسرائيل شيئًا من باب الاستعراض، وإنما لكل ما تفعله هدف وغرض، وإذ يشير الفيديو إلى مئات المسلمين المرابطين على حدودها، بين ضباط وجنود ذوي كفاءة عالية تضاهى غيرهم من بنى إسرائيل، بحسب ما تطالعنا به أرقام وإحصاءات الدراسات العبرية، فإن ذلك يثير التساؤلات حول ما تخفيه تل أبيب من مآرب خلف هذه الدراسات، وما تقصده من كشف تلك الأرقام.

عرب 1948
ويضم الجيش الإسرائيلي نسيجًا مختلفًا من الجنود، على رأسهم عرب 48، الذين تم تجنيدهم داخل الجيش عن طريق تشغيلهم فى الحراسة، وكان الرائد يوسف ترومبلدور، من أوائل القادة العرب داخل جيش الاحتلال وهو درزي الأصل، والذي أصبح الرمز للتضحية من أجل الدفاع عن الأرض لإثبات ولائه لإسرائيل.

ووفقا للتقديرات، هناك نحو ألف مسلم يخدمون في الجيش الإسرائيلي، من بينهم 10 نساء مسلمات، لكن المثير في الأمر هو أن القانون الإسرائيلي لا يجبر المسلمين الإسرائيليين على الخدمة، كما هو الحال بالنسبة لليهود وأقليات أخرى.

بدو النقب
بدو النقب هم مسلمون دخلوا الخدمة في الجيش الصهيوني بهدف تحسين أوضاعهم المعيشية والحصول على خدمات أعلى، وفي الوقت نفسه الفوز بفرصة عمل جيدة بعد الجيش لأن أصحاب الأعمال الصهاينة يرفضون تعيين العرب إلا لو حصلوا على شهادة الخدمة بالجيش الإسرائيلي، وبحسب الجيش الصهيوني فإنهم «مئات المسلمين» لكنه يرفض إعلان رقم محدد.

خلال الحرب العربية الإسرائيلية 1948، قرر العديد من البدو القتال إلى جانب القوات الصهيونية التي عرفت باسم «الهاجاناه»، وبدو النقب، هم أقلية مسلمة تشكل نسبة 12% من عرب إسرائيل، ويميلون غالباً إلى تعريف أنفسهم على أنهم إسرائيليين مقارنة ببقية العرب في إسرائيل، كما يخدم العديد من بدو النقب في جيش الدفاع الإسرائيلي.

الشركس
الشركس أقلية غير عربية تتواجد فى دولة الاحتلال لكن غالبيتهم مسلمون سنة، وكان للشراكسة علاقات جيدة مع اليهود في إسرائيل منذ بداية مشروع الاستعمار اليهودي في أرض فلسطين، ساعدت الجالية الشركسية في هجرة اليهود الغير شرعية إلى فلسطين إبان الانتداب البريطاني وقاتلت إلى جانب إسرائيل في حربها ضد العرب عام 1948 عندما قامت دولة الاحتلال.

ولم يهاجر شركس فلسطين إلى البلدان المجاورة، وفضلوا خيار البقاء داخل حدود الدولة الجديدة وقبول المواطنة الإسرائيلية الكاملة، مثل الدروز، ويؤدي الشركس الذكور منذ عام 1958 الخدمة العسكرية الإلزامية الإسرائيلية عند بلوغ سن الرشد، بإستثناء الإناث.

الدروز
وهم جنود وضباط بالمئات، بحسب مصدر عسكري إسرائيلي، منهم من شارك في الحروب على غزة، مثل فهد فلاح، وهو ضابط في الجيش الإسرائيلي برتبة رائد، ولطالما أكد أنّه فخور بخدمة وطنه إسرائيل، ومستعد للقتال في غزة رغم أن القانون الإسرائيلي لا يجبر المسلمين الإسرائيليين على الخدمة.

مزايا يقدمها الاحتلال
المسلم الذي يخدم بالجيش الإسرائيلي، يؤدي مهمته وفقا لمفهوم أنه طالما رضي بالعيش والبقاء في هذه الدولة فإنه من واجبه أن يحافظ عليها وأن يحميها ويحترمها، وهو ما أشارت إليه ورقة بحثية أصدرها مركز «جافا» للدراسات السياسية والإستراتيجية بجامعة «بارايلان» بتل أبيب، مؤكدة أن الجيش الإسرائيلي يضم بين صفوفه ما يقارب 12 ألف مسلم من بينهم 1120 مصريا يحصلون على مرتبات مجزية، حسبما تقول الدراسة.

وحتى هذه الدراسة، وإن كان من الممكن تصديقها، خصوصًا إذا أخذنا فى الاعتبار أن محاكم مصر شهدت على فترات متباعدة، قضايا إسقاط جنسية عن مصريين، آخرهم المصريين الأربعة، الذين قرر المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء وقتها، بإسقاط جنسيتهم بعد ثبوت عملهم بالخدمة العسكرية لدول أخرى، لكنها - الردراسة - تدخل في الإطار ذاته، إطار الرسالة التي تحمل بين طياتها مؤشرات كثيرة، أولها الاستفزاز، وآخرها إظهار التعاطف مع الاحتلال وجيشه، بدليل الخدمة فيه.

ويكافئ الجيش الإسرائيلي، الشبان المسلمين الذين يلتحقون به، بدعم ماديًا لشراء قطع أرض كبيرة بأسعار مدعومة من الدولة، بأسعار زهيدة حقّا، فضلا عن المنحة المالية الكبيرة التي يحظى بها الجندي عندما ينهي ثلاث سنوات من الخدمة - اليهود والعرب على حدٍّ سواء - يتلقى المتطوعون المسلمون في الجيش راتبا عاليا بشكل ملحوظ، إضافة نحو 1500 دولار شهريّا، طوال أشهر الخدمة الستّة الأخيرة، ولكن لا يحظى الجندي اليهودي بهذه المزايا.