رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زلزال في القارة العجوز.. الشعب البريطاني ينهي علاقة 43 عامًا مع الاتحاد الأوروبي في استفتاء تاريخي.. صدمة عالمية وتحذيرات من تكرار السيناريو في دول أخرى

رئيس الوزراء البريطاني
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون

قرر الشعب البريطاني انفصال بلاده عن الاتحاد الأوروبي، بعد عضوية دامت نحو 43 عامًا، حيث أظهرت النتائج النهائية لاستفتاء بريطانيا، التي أعلنت الجمعة، فوز «معسكر الخروج»، من الاتحاد الأوروبي، بنسبة 51.9%، مقابل 48.1 من الأصوات لصالح البقاء.

كاميرون يستقيل
أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أنه سيستقيل من منصبه بحلول أكتوبر المقبل، خلال كلمة ألقاها صباح الجمعة للصحفيين، أمام مقر إقامته في داونينج ستريت، قائلا: «البريطانيون قالوا كلمتهم ويجب أن نكون فخورين بديمقراطيتنا البرلمانية، وإرادة البريطانيين يجب أن تحترم ولا شك في النتائج المعلنة، لا أعتقد أنه سيكون من الملائم لي أن أمسك بدفة قيادة البلاد إلى وجهتها المقبلة».

ردود فعل عالمية
وأثار قرار الشعب البريطاني ردود فعل دولية واسعة، ما بين خيبة أمل ومباركة من أبرز قادة وزعماء العالم، حيث علق زيجمار جابريي نائب المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بقوله «اللعنة.. إنه يوم مشؤوم لأوروبا»، كما قال انطون بونر، رئيس اتحاد التجارة الخارجية الألمانية، إن هذه نتيجة كارثية لبريطانيا ولأوروبا وألمانيا، ولاسيما الاقتصاد الألماني، وإنه لأمر مقلق أن تدير الديمقراطية الأقدم في العالم ظهرها لنا».

فيما قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرول: «أنا حزين على المملكة المتحدة»، بعد أن أيد البريطانيون الخروج من الاتحاد الأوروبي. وكتب على صفحته بموقع تويتر: «أوروبا ستستمر لكن لا بد وأن تبدي رد فعل وتعيد اكتشاف ثقة شعوبها».

كما توقع رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز أن تبدأ المفاوضات سريعا حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، رغم أن رئيس معسكر الخروج في المملكة المتحدة، ماثيو إليوت قال إن بلاده لا تزال في الاتحاد وستبقى لأشهر كثيرة وربما لسنوات.

ناقوس خطر
قرار الناخبين البريطانيين يدق ناقوس الخطر، كما وصفه وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني الاتحاد الأوروبي، الذي أكد أن أوروبا تمر بواحدة من أصعب لحظاتها في التاريخ، ليس فقط على المستوى الاقتصادي، ولكن على مستوى تماسك الاتحاد نفسه، خصوصًا وأن شخصيات سياسية ذات ثقل دولى بدأت تطرح تطبيق الفكرة ذاتها، مثل زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني الفرنسي، مارين لوبان، التي أشادت بخروج بريطانيا ووصفته بأنه انتصار للحرية، ودعت في تغريدة على تويتر إلى أن تجري فرنسا ودول الاتحاد الأخرى استفتاءات مماثلة.

وطالب النائب الهولندي اليميني المتطرف، غيرت فيلدرز، بإجراء استفتاء حول إمكانية خروج بلاده هى الأخرى، كما هنأ زعيم حزب رابطة الشمال اليميني المتطرف في إيطاليا، بريطانيا لتصويتها لصالح الخروج قائلا «إن إيطاليا ينبغي أن تكون التالية».

من جهته قال وزير خارجية بولندا فيتولد فاشيكوفسكي إن قرار انسحاب بريطانيا يمكن أن يصبح سابقة ويؤدي إلى انسحاب دول أخرى، موضحا أن هذا القرار البريطاني سيكون له تأثير كأول حجر دومينو الذي يوثق بقية الأحجار، في إشارة إلى باقي دول الاتحاد.

دول على الطريق
ولفت موقع «ديلي بيست» الأمريكي، إلى أن قرار بريطانيا بالانفصال عن الاتحاد الأوروبى، ربما سيعنى أن الكثير من الدول الأخرى تحذو حذو بريطانيا فدول مثل السويد تفكر بالفعل فى استفتاء خاص بها لو صوت البريطانيون للخروج ويمكن أن نتصور أن يكون هناك حملات لخروج السويد وفرنسا وإيطاليا، مع دراسة هذه الدول لقيمة البقاء فى اتحاد منكسر ولكن هذا التأثير للخروج مازال قيد التوقعات وليس هنالك دليل أكيد على حدوثه.

ومقابل الحزن الذي يشعر به بعض الساسة الأوروبيين، هللت شخصيات سياسية يمينية أوروبية بنتيجة الاستفتاء مطالبة بأن تجري دولها استفتاء مماثلا على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسهم مرشح الحزب الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، الذي وصف الاستفتاء بالأمر الرائع، قائلا إن البريطانيين استعادوا السيطرة على بلادهم بتصويتهم لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ودعا قادة مؤسسات الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، بريطانيا إلى بدء آلية الخروج بأسرع وقت ممكن بعد قرار البريطانيين التاريخي الانفصال عن الكتلة الأوروبية.

وكتب رؤساء المجلس الأوروبي دونالد توسك والمفوضية الأوروبية جان كلود يونكر والبرلمان الأوروبي مارتن شولتز والرئيس الدوري الهولندي للاتحاد مارك روتي في بيان مشترك، نترقب الآن من حكومة المملكة المتحدة أن تنفذ قرار الشعب البريطاني هذا بأسرع وقت ممكن ، مضيفين نحن جاهزين للبدء في المفاوضات.

شكل الانسحاب عمليًا
في حال الخروج ستباشر بريطانيا مفاوضات معقدة مع الاتحاد الأوروبي، قد تستمر سنتين كحد أقصى، ستقرر شروط الوصول إلى السوق المشتركة، ويقول المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، روبرتو ازيفيدو، إن العملية يمكن أن تستغرق عشر سنوات، ويجب موافقة زعماء الاتحاد وأعضاء البرلمان الأوربي على البروتوكول الذي سيتمّ التعامل به مستقبلا مع بريطانيا، الأمر الذي قد يحتاج إلى تصديق من قبل برلمانات الدول الأعضاء، ومن ثمّ سيتم تعديل المعاهدات الموقعة مع الاتحاد الأوربي بما يتناسب مع الوضع الجديد في المملكة المتحدة، وقد يكون على المملكة المتحدة إعداد تشريعات وطنية جديدة.

انشقاق اسكتلندا
فى حال غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي سيرافقه انشقاق رئيسة وزراء اسكتلندا ،نيكولا ستورجون المتمسكة بالبقاء في الاتحاد، من خلال تنظيم استفتاء جديد حول الاستقلال عن المملكة المتحدة، وتنشق اسكتلندا هذه المرة، مبتعدة عن بلد اختار الخروج من البناء الأوروبي.

ترسيم حدود أيرلندا
ومن المقرر أن يعاد ترسيم حدود جديدة تعزل أيرلندا الشمالية عن جارتها جمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد، ما يضعف الحركة التجارية بين طرفي الحدود، وحذر رئيسا الوزراء البريطانيين السابقين، جون ميجور، وتوني بلير من انه سيكون من الصعب لا بل من المستحيل الحفاظ على حركة تبادل حر بين البلدين الجارين، كما حذرا من أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي يمكن أن يهدد عملية السلام.

انهيار الجنيه الاسترليني
يرى الخبراء الاقتصاديون أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيصاحبه ركود وبلبلة في الأسواق وفي حي المال والأعمال في لندن يمكن أن تؤدي إلى هبوط سعر الجنيه الإسترليني بنسبة 15% إلى 20% وإلى تضخم بنسبة 5% ، وزيادة في كلفة العمل، فيما سيتراجع النمو 1 إلى 2 في%.

وقال حاكم مصرف إنجلترا، يمكن توقُع تقلب اقتصادي في بريطانيا عقب نتيجة الاستفتاء اليوم، الجمعة، على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خاصة بعدما أعلنت وكالة بلومبرج الأمريكية أن الجنيه الإسترليني تراجع إلى أدنى مستوياته أمام الدولار منذ العام 1985، حيث تراجع سعر الجنيه الإسترليني في أسواق آسيا إلى أدنى مستوى له بعدما كان تخطى الـ1.50 للدولار الواحد عند إغلاق مراكز التصويت في بريطانيا.

تراجع في الهجرة
في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي سيتراجع من دون شك عدد المهاجرين القادمين من دول الاتحاد وبشكل حاد، ما سيؤدي إلى نقص في اليد العاملة في قطاعي البناء والخدمات.
يذكر أنّ موضوع الهجرة يتصدر استطلاعات الرأي دائما حول أهم القضايا بالنسبة إلى البريطانيين. في حال التصويت على الخروج والذي يراه البعض تصويتا حول الهجرة، فان الضغوط ستتزايد على الحكومة من أجل فرض قيود صارمة على الوافدين الجدد.