رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رمضان فى العشرينات.. الملك فؤاد الأول يفتح أبواب قصره للاحتفال مع العلماء والمشايخ.. والجماهير تحتشد فى مسارح نجيب الريحانى ويوسف وهبى

جريدة الدستور

تتميز العلاقة بين شهر رمضان والشعب المصري بأنها علاقة لها من الحفاوة مايميزها، حيث برع المصريون عبر مختلف العصور والأزمان في إضافة نكهة خاصة، جعلت للشهر الكريم مذاقا مميزًا لايشعر به سواهم أو من خالطهم، من وفود تحل ضيوفاً في رحاب قاهرة المعز من أجل الإستمتاع بنفحات الشهر الكريم.

مع مطلع العقد الثالث من القرن العشرين كان تعداد مصر السكاني يقترب من 14 مليون نسمة، صادف موعد حلول شهر رمضان عام 1920 شهر مايو، حيث كان الملك فؤاد الأول هو ملك مصر المتوج علي عرشها، وجرت العادة في تلك الحقبة أن يتم الإحتفال بقدوم شهر الصيام بطريقة خاصة تبرز مكانته لدي جموع المصريين علي حد سواء، فقد جرت العادة مع سطوع هلال الشهر الفضيل، أن يفتح جلالة الملك أبواب قصره علي مصرعيه في إحتفال مهيب، يحضره حشد من العلماء والمشايخ ورموز المجتمع قادمين من كافة الأنحاء قاصدين القصر الملكي، المُزين بزخرف القول عبر آيات تُتلي من فم عباقرة دولة التلاوة أمثال الشيخ محمد الصيفي والقارىء المبتهل علي محمود.

بينما كانت القاهرة تستعد لموسم صيفي ساخن، يعاني فيه الصائمون من لهيب درجات الحرارة والظمأ، كان الشارع المصري يغلي بالإحداث السياسية والإجتماعية، حيث كان الشارع المصري في أوج درجات كفاحه ضد المستعمر الإنجليزي، بينما كان القضاء المصري يصدر حكمه بالإعدام علي أشهر سفاحتين عرفهما التاريخ المصري المدعوتين ريا وسكينة وتحديدًا في 15 مايو الموافق الثامن من رمضان من ذات العام.

بينما حل شهر رمضان من عام 1923 موافقا شهر أبريل، كانت الإحتفال بقدوم شهر رمضان مضاعفا، حيث أصدر الديوان الملكي قراره بإقرار دستور عام 1923، لتبدأ مصر مرحلة سياسية جديدة في تاريخها المعاصر.

علي الصعيد الفني كانت المسارح هي درة التاج، حيث تحتشد بالجماهير في سهرات رمضانية لمشاهدة العروض المسرحية، التي يقدمها كبار النجوم أمثال نجيب الريحاني ويوسف وهبي.

كانت جريدة المصور تتربع علي عرش الصحف والمجلات المصرية في حقبة العشرينات، وكانت الجريدة تنشر حوارات بشكل دوري مع نجوم الفن، حول طقوسهم الدورية واليومية المعتادة خلال الشهر الكريم، وكان أبرز تلك الحوارات، الحوار الصادم الذي أجرته المجلة مع فنان الشعب يوسف وهبي في رمضان من عام 1925، حيث فجر "وهبي" قنبلة في وجه جمهوره، مطلقا تصريح مثير الجدل، أعلن فيه أن لا يصوم شهر رمضان، لكنه يتجنب تناول القهوة أو شرب السجائر أمام أعين الصائمين، حرصا علي عدم جرح مشاعرهم، مضيفا أن يحرص علي إستقدام أحد قراء القرآن الكريم، لتلاوة ماتيسر من الذكر الكريم في جلسات خاصة يعقدها بمنزله.