رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيادة الرئيس.. حقاً نحن نعرف


قبل أن أبدأ حديثى اليوم أهنئ شعبنا العظيم بمسلميه وأقباطه بحلول شهر رمضان المعظم، الذى يحمل الخير والبركة للإنسانية جمعاء، داعياً المولى سبحانه وتعالى أن يوحد صفنا وينصر جيشنا ويحفظ أمننا فى حربنا المقدسة دفاعاً عن وجود الدولة ومستقبلها، وأن يجعل هذا البلد سخاءً رخاءً وسائر بلاد العرب والمسلمين موضوع حديثى اليوم عن الحدث الأبرز خلال هذا الأسبوع، وهو الحديث التليفزيونى للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أُذيع مساء الجمعة 3/6/2016. وقبل التطرق للموضوع تجدر الإشارة إلى الإعلامى المتميز أسامه كمال، الذى أجرى الحوار بمهنيةٍ عاليةٍ وأدبٍ جم وإدراكٍ جيد لقضايا الوطن دون تفلسفٍ أو حذلقة، مع التركيز الهادئ فى مجريات الحوار واستنهاض الأسئلة المنطقية المترتبة على الإجابات المطروحة. حقاً لقد كان أداءً إعلامياً متميزاً يستحق الإشادة والتقدير.

وفى سياق الحوار كان السؤال الأهم: هل كانت هناك مؤامرة على مصر؟ فكان رد الرئيس أن هذا السؤال متأخر أى أن الأحداث والأدلة أجابت عنه وأصبحت المؤامرة التى استهدفت مصر وباقى الأوطان العربية واضحةً بالقطع واليقين، وبالتالى فإن السؤال عنها الآن يجىء متأخراً جداً. وحينما سُئل عما اذا كانت المؤامرة مازالت مستمرةً، أجاب بأن هذا السؤال أيضاً يأتى متأخراً، وأكد أنها مستمرةٌ على جميع الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية بل والاجتماعية. وحينما سُئل عن أهل الشر فى الخارج والداخل الذين يستهدفون الوطن، لم يفصح الرئيس صراحةً عن أسمائهم واكتفى بالقول بأن المصريين يعرفونهم جيداً.

لقد آثر الرئيس عدم ذكر الدول المتآمرة بأسمائها وهذا من دواعى السياسة ودهاء الدبلوماسية، كما تجاهل ذكر أذناب المؤامرة بالداخل بما يدل على قلة شأنهم وضعف شوكتهم. وفى هذا الإطار وتأكيداً لقول الرئيس بأن المصريين يعرفون، فإننى أعتقد أننا حقاً نعلم ما يلى: «1» إن التآمر على مصر والوطن العربى كان بالمخطط الآثم المسمى بالشرق الأوسط الجديد والذى وُضع لتحقيق الأهداف الاستعمارية الأمريكية وإعلاء شأن الكيان الصهيونى.(2) بدأت الدولة صاحبة هذا المخطط بتنفيذه بآلياتٍ مستحدثةٍ تندرج تحت ما عُرف بـ«الجيل الرابع للحروب» ومن بينها آلية الفوضى والتخريب التى تم استخدامها فى بلادنا تحت شعار ثورات الربيع العربى. (3) كان من ركائز تنفيذ ذلك المخطط الآثم، استقطاب واستخدام بعض القوى الدولية الإقليمية وهى بلامواربةٍ تركيا وقطر مع بث روح الخوف والتخاذل فى نفوس دولٍ أخرى لخلخلة عقيدتها وتثبيط عزيمتها وإقصائها عن دورها القومى الواجب. وعلى جانبٍ آخر كان استقطاب واستخدام الشراذم الداخلية كأذنابٍ فاعلةٍ لتنفيذ المخطط، وهى بلا شكٍ أو غموض جماعات الإخوان المتأسلمين وحركة 6 أبريل وجبهة التغيير وما شابهها من تنظيماتٍ مارقةٍ عميلة. (4) مازالت المؤامرة قائمةً وتتصاعد وتيرتها ضد مصر لأنها استطاعت بثورتها فى 30 يونيه 2013 أن توقف تقدمها وتعيق تنفيذها، وضد الوطن العربى بصفةٍ عامةٍ لأنها لم تحقق أهدافها حتى الآن.

أعتقد أن المصريين يعلمون ذلك بوعىٍ ويقين وهو ما أشار إليه السيد الرئيس، ولكن يبقى شىء آخر أرى أن المصريين فى حاجةٍ لمعرفته بشكلٍ أوضح بعيداً عن غموض الدبلوماسية ومتاهات التصريحات السياسية، وهو موقف مصر الدولة تجاه الصراعات المسلحة الجارية فى العديد من الدول العربية. ذلك أن كل تلك الحروب تدور فى منظومةٍ واحدةٍ وهى منظومة المؤامرة التى تحدثنا عنها، وهى بعيدةٌ تماماً عن مفهوم الثورات الذى تحاول الولايات المتحدة الأمريكية إسباغه عليها، وهى بالتالى تهدد الأمن القومى العربى كله، ومن ثَمَّ يتعين على كل الدول العربية وفى مقدمتها مصر أن تحدد موقفها بشكلٍ واضحٍ وفاعلٍ تجاه طرفى الصراع فى كل دولةٍ على حدة، وهما طرفان لا ثالث لهما، الأول نظام حكمٍ شرعى - مهما كانت مثالبه - يدافع عن كيان دولته ومصيرها، والثانى ميليشيات مسلحة تحت مسمياتٍ متنوعةٍ مدعومة بقوى الشر الدولية وتحارب لإسقاط الدولة لحساب مخطط التآمر الآثم. حفظ الله مصرنا الغالية ، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل،،