رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«خيانة في الناتو».. هل اخترقت روسيا حلف شمال الأطلسي؟.. حكاية الجيش الأوروبي السري وتحالف النووي الذي يهدد أمن أمريكا.. «شنغهاي» يغير بوصلة القوى العالمية إلى الشرق

صوره ارشيفيه
صوره ارشيفيه

اتهام الناتو لإسبانيا بخيانته، على خلفية سماحها للسفن الحربية، والغواصات الروسية بالتزود بالوقود في قاعدة سبتة العسكرية، التى تقع على بعد 30 كم من جبل طارق، لا يمكن قراءته بمعزلٍ عما أعلنه وزير الخارجية الألمانى، فرانك فالتر شتاينماير، بشأن أن الاتحاد الأوروبىي واجه محادثات صعبة، حول تمديد العقوبات المفروضة على روسيا، بسبب المعارضة المتزايدة لعدد من دول الاتحاد.

اختراق سياسي
لم يحدد شتاينماير، الدول التى تعارض تمديد العقوبات، لكن كلماته أماطت اللثام، ولو بالتلميح عن أزمة حقيقية، يراها المراقبون اختراقًا واضحًا من موسكو للحلف، ربما لأن عددًا من دوله ارتأت تغليب المصالح الاقتصادية ولو بشكلٍ سرّي مع موسكو، أو لأنها لم تعد ترى في حلف شمال الأطلسى الذي تسيطر عليه أمريكًا، نافعًا لها.

جيش سري أوروبي
ما يعزز وجهة النظر الأخيرة، بحسب خبراء الشأن الروسي، ما كشفته صحيفة «التايمز» البريطانية عن محاولة إبقاء مشروع تشكيل الجيش الأوروبي الموحد «طي الكتمان» في بريطانيا، حتى موعد الاستفتاء التاريخي، الذي سيحدد مستقبلها بالاتحاد الأوروبي، وهو المشروع الذي تدعمه ألمانيا ودول أوروبية أخرى.

إلا أن المشروع السري تسرب إلى الإعلام ونشرته صحف بريطانية، كان آخرها «التايمز» التي قالت إن مسؤولة السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، «فيدريكا موجيريني»، ساهمت في وضع مسودة الجيش الأوروبي، على مدار 18 شهرًا.

تحالف شنغهاي
لكن الجيش الأوروبي الموحد لا يقلق الولايات المتحدة، بقدر ما يقلقها «تحالف شنغهاى»، وهو الضربة القاضية، التي وجهتها روسيا لحلف شمال الأطلسي، وأمريكا على وجه الخصوص، الذي يعتقد المحللون أنه بالرغم من أن إعلان تأسيسه عام 1996، احتوى على بيان يشدد على أنه ليس تحالفًا موجهًا ضد دول أو مناطق أخرى، فإن أحد أهم أهدافه هو العمل كموازن للقوة الأمريكية، وتجنب النزاعات التي تسمح لواشنطن بالتدخل في مناطق قريبة من حدود الصين وروسيا.

كما يعتقد آخرون أن الاتفاقية شهدت النور، كردٍ مباشر على التهديد الذي بات يفرضه تمدد القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، إضافة إلى إحياء مشروع أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكي، بعد أن غيّرت الولايات المتحدة سياساتها النووية وبدأت تعزيز «الدفاع الصاروخي القومي»، أوحرب النجوم، في أوروبا.

تحالف نووي
خطورة «شنغهاي»، بحسب صحيفة «ترود» الروسية، زادت بعد انضمام الهند وباكستان «النوويتين» إليه، عوضًا عن روسيا والصين، ودول أخرى، والذى من شأنه أن يمكنها في المستقبل من تكوين حلف عسكري لاستعادة التوازن في العالم ويشفي بلدان الناتو من متلازمة «عدم العقاب».

مع انضمام باكستان والهند إلى المنظمة، أصبح في هذا التكتل الإقليمي أربع دول نووية، ما يعني تحقيق توازن إستراتيجي مع العالم الغربي الذي يضم ثلاث قوى نووية هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

نصف سكان الأرض
تكتل «شنعهاي» الذي يضم نصف سكان الأرض تقريبًا، يسعى إلى ضم كل القوى المعادية للغرب، ومنها إيران، إذ يقول رئيس مؤسسة التقنيات السياسية الروسية، سيرجي ميخاييف، إن الأرضية قد تهيأت لانضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون، ومؤكداً إن بإمكان طهران أن تلعب دوراً كبيراً إلى جانب موسكو لتطوير هذه المنظمة.

المنظمة، في رأي الخبراء، ستغير التوازن الجيوسياسي في العالم، ويقول أرييل كوهن، الباحث البارز في دائرة الدراسات الروسية، إن هذا التحالف من شانه أن يدق أجراس الإنذار في واشنطن، إزاء مستقبل زعامتها العالمية".

تضم منظمة شنغهاي للتعاون حاليا الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزيا وطاجيكستان وأوزبكستان، كما انضم لها الهند وايران وباكستان، ودول أخرى، وتملك هذه الدول إمكانيات كبيرة عسكرية وبشرية، وبحسب مؤسسة Global Fire Power، فإن الحلف الأسيوي يضم بين أعضائه ثلاثة من أقوى جيوش العالم، روسيا والصين والهند.

مؤتمر موسكو
خبراء اعتبروا أن إقدام روسيا على عقد مؤتمر للأمن الدولي بموسكو، في 16 أبريل من العام الماضي، هو تقديم رسالة إلى واشنطن وحلف الناتو أن القوى العالمية الأخرى لن تتركهما تفعلان ما يحلو لهما.

إيران تتحدى وأمريكا تحذر
وفي مؤتمر الأمن الدولي، صرح وزير الدفاع الإيراني، حسين دهقان، عبر بيان قوي، قائلاً: إن إيران أرادت الاتحاد بين الصين والهند وروسيا لمعارضة توسع حلف الناتو في الشرق، والتهديد الذي يشكّله مشروع الدرع الصاروخي على أمنهم الجماعي.

في وقت انعقاد هذا المؤتمر، حذر الخبير الأمني الأمريكي زبيغنيو بريجنسكي، النخب الأمريكية من تشكيل هذا التحالف، مؤكدًا أنه سوف يمثل تهديداً ضد الولايات المتحدة.

مقارنة عسكرية
وإذا أحصينا المعطيات الأساسية لجيوش جميع البلدان الأعضاء في الناتو التى يبلغ تعدادهاالسكاني 888 مليون نسمة، وبمجموعها يوجد لديها: 3.9 ملايين جندي، في حين يملك شنغهاي أكثر من 5 ملايين جندي، وتمتلك دول الناتو أكثر من 6000 طائرة حربية، وحوالي 3600 مروحية، و17800 دبابة، و62600 من مختلف الآليات العسكرية المدرعة، و15 ألف مدفع، و16 ألف مدفع هاون، و2600 منصة إطلاق صواريخ، و302 من السفن الحربية الأساسية.

وبحسب الميزانيات العسكرية، فالموازنة العسكرية لدول الناتو تبلغ 950 ملياردولار، في حين يبلغ عدد القطع الحربية البرية في الجيش الهندي فقط 16 ألف قطعة من بينها 3500 دبابة، و1785 طائرة حربية، وتملك الصين 25 ألف قطعة حربية برية بين دبابات ومدفعية، يبلغ عدد الطائرات الحربية الصينية 2800 طائرة.

احتمالات المواجهة
المواجهة المباشرة في الوقت الراهن بين الحلفين مستبعدة، هكذا يرى الخبراء، لكن القوة العسكرية للطرفين بصفة عامة، كبيرة فالناتو يضم أقوى سلاح جوي وبحري في العالم، بتواجد الكثير من الطائرات الشبحية مثل والقاذفات مع قوة برية كبيرة العدد، وفي المقابل فإن القوة البرية الصينية وحدها، هي الأكبر في العالم إذ تضم 2.5 مليون، وهي كفيلة بصد عدوان الناتو وإلحاق خسائر كبيرة في أرضية أوروبا.

من حيث القوة البحرية فالناتو يتفوق بفضل السلاح البحري الأمريكي وخبرة المارينز الطويلة مع الحروب، لكن الغواصات الروسية أحسن من التي يمتلكها الناتو، أما سلاح الصواريخ فبحسب الخبراء العسكريين يمكن للسلاح الصاروخي الروسي تدمير أوروبا وأمريكا، إذ توجد صواريخ إسكندر الفعالة جدا، والتي لايوجد لها مثيل في العالم ومداها 3000 كم وهي قادرة على ضرب أهداف استراتيجية في أوروبا، وتخصص صواريخ «الشيطان» لضرب أمريكا.