رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأحياء الأموات


«ليس المهم أن يموت الإنسان، قبل أن يحقق فكرته النبيلة، بل المهم أن يجد لنفسه فكرة نبيلة قبل أن يموت». كلمات غسان كنفانى غرست بداخلى تعريف «الأحياء الأموات»!! وراودتنى صور لكثير ممن حولنا تستطيع أن تطلق عليهم لقب «الأحياء الأموات».. هذا الإحساس الذى يراودنا جميعاً فى مشوار الحياة، ولكن نختلف فى المدة والزمن الذى يسيطر علينا فيه.. فقد نعيشه لحظات، ساعات، أيام، شهور، سنوات ولكنه قد يلازم البعض منا فى رحلة الحياة بتفاصيلها فنطلق عليهم «الأحياء الأموات»... نعم ...الأحياء الأموات!! وهم كثيرون وبأشكال وبصورمختلفة ومتعددة .. فالموت ليس فقط أن يتوقف قلبك عن النبض وتفارق الحياة .. فهناك ممن حولنا يتحدثون، يأكلون، يضحكون، يعيشون ولكنهم موتى أويتمنون الموت فقد قتلهم «شيطان اليأس، الاستسلام، الضعف أوالإحساس بالعجز»!!

يعيشون بيننا بلا قلب، بلا حياة . فقد ضاقوا ذرعاً بالحياة فأصبحوا يعيشون الحياة بلا تذوق لطعمها، لرحيقها، لمتعتها، لجمالها.. فهم يعيشون إحساس «الموت بلا موت» .. فهناك «ميت القلب» ...«ميت الإحساس والمشاعر» .. «ميت الروح»... نحن جميعاً، يطرق بقوة على بابنا هذا الإحساس بأننا من «الأحياء الأموات»..فقد يأتينا لحظات عندما نفقد إنساناً كان هو لنا الحياة . فينزع القلب من مكانه، وتتساوى الأيام، وبرحيله تغلق أبواب الحياة أبوابها خلفه.. وقد يأتينا لحظات هذا الإحساس عندما تحاصرنا لحظات الفشل أوالانكسار أوالإحباط أو الحزن.. ونظن أن «الموت» هوالنهاية لعذابنا .. فهم يشعرون بأنه ليس هناك من هوأتعس منهم أوأشقى منهم .. ويبدأ الإحساس بأن الموت هوالمنفذ والخلاص الوحيد للنجاة والهروب من أعاصير الحياة!!..

و«الأحياء الأموات» هم أيضا من باعوا أوطانهم من أجل حفنة دولارات وأرصدة فى البنوك وأصبحوا خناجر فى ظهر الوطن... «الأحياء الأموات» هم من فقدوا احترام الناس لهم ... «الأحياء الأموات» هم من باعوا ضمائرهم ... «الأحياء الاموات» هم من خانوا من وثقوا فيهم !!...

إذا كنت ممن يرفضون أن تصبح من «الأحياء الأموات» ..إذا كنت ممن يؤمنون بأنه إذا توقفت الحياة فى أعيننا فيجب ألا تتوقف قلوبنا عن الحياة .. وإذا كنت ممن يطرحون على أنفسهم هذا السؤال « لماذا نموت ونحن أحياء؟... لماذا نموت بلا موت؟ ... ولماذا لا نبقى أحياء بعد موتنا؟ .

فكر وتوصل لفكرتك النبيلة التى تستحق بها الحياة، اكسر قيود الانكسار واليأس والموت، وانطلق وعش الحياة وتذوقها بحلوها وبمرها .. واصنع معنى وهدفاً لحياتك .. واعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واصنع الخير لأنه لا يموت وسيتحدث عنك بعد رحيلك ..ويجعلك من الأحياء بالسيرة الطيبة والذكرى الحسنة ....

اللهم ..لا تجعلنا من « الأحياء الأموات» واجعلنا من «الأموات الأحياء».. اللهم ..اجعلنا ممن وصفتهم «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أوعلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».. موعدنا الأحد المقبل إن شاء الله.