رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعثات الآثار «الخواجاتى» مستمرة.. والمصرية متوقفة !!


يا معالى الوزير.. إن أجدادنا الفراعنة الذين صدروا للدنيا حضارة عظيمة تجلت فى معابدهم وأهراماتهم ودور عبادتهم.. بل وقدموا من العلوم ما سبقوا به جميع العالم بآلاف السنين من طب وفلك وتشييد ورسم ونحت وتحنيط.. أصبحوا الآن تحت رحمة العجز فى وزارة الآثار التى تركت الباب موارباً للبعثات الأجنبية لكى تنهب عدداً لا بأس به من القطع الأثرية النادرة.

عندما يؤكد لنا خبراؤنا فى الآثار أن الوزارة المعنية بالحفاظ على كنوزنا تتعامل معهم على أنهم من جنسية «عاشرة» بعد الأمريكان والفرنسيين والألمان واليابانيين وحتى الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية.. وعندما نكتشف أن أكثر من250 بعثة أجنبية تنقب عن آثارنا داخل أراضينا فى الوقت الذى يجلس فيه خيرة علمائنا فى بيوتهم دون عمل.. وعندما نتأكد أن البعثات «الخوجاتى» تُحدد لنفسها مواقع أثرية مهمة لتصبح بعد ذلك –بقدرة قادر- صاحبة حق امتياز لهذه المواقع.. وعندما يُمنع علماؤنا الأجلاء من مجرد الاقتراب من «الخواجات» والأماكن التى يعملون فيها بأوامر من مسئولى الآثار الكبار.. وعندما يتضح لنا أن 50 بعثة أجنبية تعمل فى محافظة الأقصر وحدها.. وعندما نعرف بأن مفتش الآثار المصرى الذى تعينه وزارته ممثلاً للدولة للإشراف على بعثة الخواجات يتحول من «مراقب» إلى «أجير» بعد أن يتقاضى من هذه البعثات 50 جنيهاً يومياً.. فإننى هنا أُجزم بأن هذه الوزارة كانت ومازالت «دولة داخل الدولة»!!

شىء بغيض حقاً و«ممقوت» أن تُحرم البعثات المصرية من العمل فى الحفر بحجج تافهة وخايبة وغير مقنعة وتطعن الانتماء الوطنى لأثريينا فى مقتل!! .. طبعاً ده عيب أوى.. وليت السيد الرئيس يُخصص من وقته ولو ساعة واحدة- وأظنه سيفعل لو قرأ هذا الكلام-حتى يناقش قضية مصيرية تخص «عرض» مصر مع قيادات أثرية- وطنية-محترمة تمثل أكثر من «12 ألف» أثرى مصرى لديهم من العلم والكفاءة والخبرة ما يؤهلهم للتنقيب عن آثار العالم أجمع «مش» آثار مصر بس.. ولو «مش» مصدقنى سيادة الرئيس إسأل «الخواجات» إللى بيستعين بيهم وزراؤنا المبجلون عن كفاءة الأثريين والمرممين المصريين فى التنقيب والترميم.. هؤلاء الآن سيادة الرئيس أصبحوا عبئاً ثقيلاً على الدولة بعد أن تم تحويلهم إلى بطالة مقنعة عن عمد لأسباب غير مفهومة !!.

«مفيش حاجة من الغرب تسُر القلب».. آآآه والله العظيم.. لأن كل ضربة معول من يد مصرية فى أرض الكنانة.. تكشف لنا أثراً يمثل دليلاً دامغاً لـ «فضح» التأويلات الصهيونية المستمرة ضد حضارتنا.. وهذا ما حدث بالفعل بعد اكتشافنا «جبانة عمال الأهرام» التى دحضت ادعاءات اليهود بأنهم بناة الأهرامات.. وهنا أطرح السؤال التالى: ماذا لو أن أثريى أى بعثة أجنبية- وجميعهم مؤمنون بالتوراة المحرفة طبعاً- هم من اكتشفوا تلك المقبرة ؟!.. هل كانوا سيعلنون الحقائق لصالحنا؟!.. يا سادة.. إن دارسى علوم المصريات الأجانب يتبنون جميعهم أفكار التوراة.. ارجعوا إلى تصريحات السفيرة الأمريكية السابقة بالقاهرة آن باترسون «غراب البين الذى أججت الصراع فى باكستان.. كما تسببت فى جرائم معروفة أثناء ثورة 25 يناير» نقلاً عن «معاريف» الإسرائيلية عندما نسبت أصل الملك الفرعونى توت غنخ آمون إلى اليهود !!.. كما زعمت ً-حسب فهمها للرواية العبرية «المفبركة»- أن والده الملك أخناتون هو سيدنا موسى عليه وعلى نبينا وأنبياء الله أفضل الصلاة والسلام !!.. وهذا «الشطط» يجرنا جراً إلى كشف ألاعيب النصاب العالمى-حسب وصف د.زاهى حواس- «ريفز» الذى يحاول الآن بمساعدة «د.الدماطى» أن يثقب مقبرة الملك الشاب بحجة أن خلفها مقبرة أخرى للملكة الجميلة نفرتيتي.. وهذا ما حذرنا منه فى مقالاتنا السابقة !!.

وعلشان أنا ساعات ما بفهمش.. أحياناً أسأل نفسي: هم إخونا وزراء الآثار بيعملوا فينا كده ليه؟!.. لكن سرعان ما تأتينى الإجابة الشافية من خلال تفردهم واحتكارهم باتخاذ قرارات سلطوية وكأن هذه الوزارة «عزبة» ورثوها أباً عن جد وليست ملكاً للشعب !!.. وليه لأ.. ارجعوا كام سنة للخلف حتى تصدقوا ما أقوله.. لقد أعطى هؤلاء لأنفسهم الحق فى العبث بآثارنا وحضارتنا كيفما شاءوا ووقتما يريدون ولمصلحة من يروق لهم لا لمصلحة الشعب !!.. وإلا فليجاوبنى الوزير السابق ممدوح الدماطى – مثلاً - عن نتيجة الدورات التدريبية التى أقامتها الوزارة «المكلومة» فى عهده لآلاف العاملين بها وأنفقت عليهم ملايين الجنيهات فى الوقت الذى تعمد فيه وقف العمل الميدانى الخاص بالحفائر ؟!.. ولمثل هذا الرجل الذى مازال يسرح ويمرح فى الوزارة – أقصد عزبته ومن سبقوه- أسأل : ألم يكن من باب أولى أن يتم توزيع تلك الميزانية على برنامج للتدريب والعمل الميدانى فى الحفائر فى آن واحد.. أم أن المقصود من هذه الألاعيب هو «شفط» أموال الدولة فى بطن المحاضرين والمنظرين واعتبار برامج التدريب «سبوبة» للمنتفعين من شلة الأنس؟!.. ياريت تفيدونا.. فهمونا ربنا يعمر بيوتكم.. عاوزين نفهم بس والله.

يا د. خالد عنانى إننا أصحاب هذه الحضارة دون غيرنا.. صح كده ولا أنا غلطان؟!.. أكيد صح.. طيب «مش» المفروض يا معالى الوزير أننا أولى الناس بالبحث والتنقيب عن أثار أجدادنا الفراعنة.. خصوصاً وأنت تعلم-كما نعلم نحن- أن المستخرج منها حتى الآن لا يتعدى نسبة الـ 10% من تراثنا الحضارى الذى أبهر العالم وساعد فى بناء جميع الحضارات الإنسانية جمعاء بشهادة علماء وخبراء التاريخ والآثار والجيولوجيا.. الأمر الذى يجعلنا «نعيد ونزيد ونلت ونعجن» دون ملل أو كلل بأن تُعجل باتخاذ خطوات علمية وعملية لتصحيح الأوضاع «المعوجة» حتى تعطى الفرصة لعلمائنا وخبرائنا فى البحث والتنقيب عن أثار أجدادهم.

يا معالى الوزير.. إن أجدادنا الفراعنة الذين صدروا للدنيا حضارة عظيمة تجلت فى معابدهم وأهراماتهم ودور عبادتهم.. بل وقدموا من العلوم ما سبقوا به جميع العالم بآلاف السنين من طب وفلك وتشييد ورسم ونحت وتحنيط.. أصبحوا الآن تحت رحمة العجز فى وزارة الآثار التى تركت الباب موارباً للبعثات الأجنبية لكى تنهب عدداً لا بأس به من القطع الأثرية النادرة.. الأمر الذى يطرح العديد من التساؤلات.. ويثير علامات الاستفهام حول أنشطة تلك البعثات.. خاصة أن بعض أفرادها يحملون الجنسية الإسرائيلية-بحسب الخبراء-بدليل وجود عدد من القطع الثمينة المكتشفة التى تزين متاحفهم عقب انتهاء أعمال كل بعثة.. وتعد واقعة بعثة متحف اللوفر من أشهر الجرائم التى ارتكبت بحق الآثار المصرية.. إذ كيف نفسر وجود خمس لوحات من مقبرة «طيبة-15» فى متحف اللوفر فى ثمانينيات القرن الماضى ؟!

ولربط هذا بذاك دعنى أوضح لمعاليك «د.عنانى» أن الباحثين فى الحضارة المصرية القديمة لديهم يجدون صعوبة فى الحصول على نتائج مؤكدة وموثقة لأبحاثهم ودراساتهم نظراً لندرة المعلومات المتوافرة عنها.. لذا أؤيد وجهة نظر الأثريين والخبراء بأن إجراء الحفائر الجديدة سيكون له مردود إيجابى كبير جداً لمصر.. بل وسيغير مجرى التاريخ المصرى القديم بأكمله.. وأعتقد أن إصدار مطبوعة علمية-دورية ولو ربع سنوية متخصصة فى الآثار بعدد من اللغات الأجنبية الأساسية.. يصدرها أهل الاختصاص وتوزع على القارئ المستهدف.. فإن ذلك سيكون له مردود إيجابى كبير جداً .. خصوصاً وأن الوزارة –حسب معلوماتى- تمتلك مطبعة على أعلى مستوى من الجودة.. بإضافة-طبعاُ-أن بها عدداً من الباحثين الأجانب المهتمين بالنشر العلمى خارج مصر.. وهؤلاء أحياناً-سواء أكان ذلك عن عمد أو عن غير عمد أيضاً- يزورون تاريخنا لأهداف معلومة ومفضوحة للمتابع العادى قبل المتخصص.