رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إلى رئيس الوزراء ..ووزير الآثار


....و..... لضمان سلامتها وعودتها سليمة.. وهنا وجب علينا أن ننصح سيادته بقراءة بنود هذا العقد المجحف بحق مصر وآثارها.. وسيكتشف بنفسه أن المقابل المادى لخروج هذه القطع الفريدة لا يتعدى النصف مليون دولار!!.. هذا غير الأضرار المتوقعة لتلك الآثار كالتلف أو السرقة أو التزوير.

مصادر بالآثار أكدت لى أن هذا المبلغ «التافه»- بحسب وصفهم- لا يمكن أن يفى باحتياجات بند واحد للوزارة مثل مرتبات العاملين التى تتجاوز الـ 70 مليون جنيه شهرياً.. ده غير بنود مالية أخرى بمئات الملايين للترميم وحماية المواقع من مافيا الآثار.. وحتى تتضح الحقائق أمام القارئ.. لابد من إلقاء اللوم على وزير الآثار السابق د. ممدوح الدماطى.. ليه؟!.. لأنه هو من وقع عقد هذا المعرض.. رغم أنه يعلم علم اليقين - ما نعلمه نحن- من إجحاف بحقنا المادى والمخاطر التى يمكن أن تواجه الأثر الأصلى فى مثل هذه المعارض.. هذه الحقائق نوجهها الآن إلى «د. عنانى».. لا لشىء سوى لمطالبته بضرورة تصحيح المسار والبحث عن بدائل مادية أخرى لزيادة الدخل النقدى للوزارة بعد أن تعدت ديونها أكثر من ثلاثة مليارات جنيه .. هذا إذا كانت هناك نية طيبة لذلك.. أما عن «حكاية» الدعاية السياحية والأثرية التى سيسهم فيها المعرض.. فهذا الكلام تحدثنا فيه بالتفصيل الممل قبل ذلك.. فهناك طرق أخرى للتسويق والدعاية لآثارنا سبق واستخدمناها بعيداً عن عالم «البزنسة».. وكانت آمنة للغاية وحققت عائداً مادياً غير متوقع.. لكن ليس لمصر بالطبع.. بل لجهات أخرى بعلم ومساعدة مسئولينا المخلصين!!.

. ولعل «د. عنانى» يتذكر معنا تجربة إقامة المعارض الخارجية للآثار المستنسخة فى مدينة ألمانية صغيرة تسمى «نورمبرج».. لقد زار هذا المعرض ما يزيد على الأربعة ملايين ونصف المليون زائر ألمانى- نقلاً عن «الشرق الأوسط» حينها.. وهى الوكالة الرسمية للدولة .. وقد وصل سعر تذكرة الدخول للمعرض 17 يورو.. أى حوالى 80 مليون يورو .. بما يعادل 800 مليون جنيه مصرى فى هذا التوقيت!!.. نكرر أن هذا المعرض أُقيم فى مدينة ألمانية صغيرة ولا يوجد بها سوى آثار مقلدة وليست أصلية.. فما بالنا لو أنه أُقيم فى بقية المُدن الألمانية الكبرى مثل «برلين» أو «ميونخ».. ثم أقيم أيضاً فى عواصم عالمية بأوروبا وأمريكا والصين؟؟!!.. شرط أن تكون القطع المرشحة للمعارض الخارجية فريدة من نوعها ومعروفة تاريخياً لدى الأجانب.. وهذا محور مهم نلقى بالمسئولية فيه على عاتق الجهات المعنية بالإعلام الخارجى والسياحة معاً.. وبالتنسيق مع قيادات الآثار.

مع العلم أن هذه الفكرة قام بتنفيذها د. أريك هورننج –عالم آثار مشهور يعرفه «د. عنانى» جيداً.. وهذا الـ«هورننج» هو من نسق لإقامة معرض لنسخة طبق الأصل «ريبليكا» لمقبرة توت عنخ آمون ومعها ألف قطعة أخرى مستنسخة أيضاً فى بعض العواصم الأوربية.. وكانت النتيجة مبهرة عندما حقق المعرض عائداً مادياً يزيد على الـ 600 مليون دولار !!.. اللافت فى هذه الواقعة المؤسفة أن الخواجة «هورننج» تعاون فى مشروعه مع شخصيات مصرية معروفة سهلت له تحقيق كل رغباته اللصوصية التى طعنت مصلحة الوطن العليا فى مقتل.. وأنا والله لا أتجنى على أحد بقدر ما أريد أن يجاوبنى المسئول الذى سمح لهذا الرجل بدخول المتحف المصرى بالقاهرة ليقلد نماذج لألف قطعة أثرية أصلية من نفائس المتحف.. ثم ينتقل إلى مدينة الأقصر ليخرج بنسخة طبق الأصل من مقبرة توت عنخ آمون؟؟؟؟! .

حكومتنا الموقرة لم تنتبه أن حق الشعب فى الملكية الفكرية- حسب الاتفاقية الموقعة لدول العالم فى بداية العقد الماضى والمنبثق عنها القانون رقم 82 لسنة 2002- تم بخسه عن عمد وبتخطيط مسبق.. يعنى لم نتقاض دولاراً واحداً من ربح المعرض !!.. لذا تدخل الرجل الوطنى المحترم النائب العام الأسبق د. مستشار عبد المجيد محمود فى الأمر مطالباً الجهات المعنية بعودة هذا المعرض وفوراً.. وهو الأمر الذى صاحبه تدخل السيدة كاترين أشتون- المنسق العام السابق للسياسة الأوروبية – للإشراف بنفسها على استرجاع المقبرة المستنسخة لمصر!!.. والمضحك المبكى «بقى» أنه منذ هذا التاريخ وحتى الآن.. مازالت تلك المقبرة «مُتكومة» فى المخازن دون أن نستفيد منها.. ولا نعرف مصير الألف قطعة التى رافقت المقبرة حتى الآن.. بل ولم يصدر أى بيان من أى جهة عنها حتى كتابة هذه السطور !!.

بقى لنا أن نلفت نظر الوزير الجديد بأن مصر لديها أساتذة تفوق خبرتهم أضعاف أضعاف خبرة الخواجات فى إتقان المستنسخات الأثرية المتطابقة مع القطع الأثرية الثابتة والمنقولة وبكفاءة منقطعة النظير.. وقد ظهرت هذه المهارة فى المعرض الذى أقامه «هورننج».. فلماذا لا نستفيد منهم؟!.. وحتى لا يفهمنى أحد بالخطأ.. فأنا لا أشكك فى منظمى المعارض الأثرية بالخارج.. ولكن من حقى- كمواطن مصرى وصاحب حق أصيل فى الدفاع عن آثار بلدى- أن أطرح سؤالاً على «د. عنانى»:هل تضمن وتأمن أن تعود آثارنا كما كانت قبل خروجها من مصر وأنت تعرف جيداً التقنيات العلمية الحديثة التى تستخدمها المافيا العالمية فى تزوير الآثار؟!.. لكل ما سبق أحيط معاليك علماً بأن المعرض الذى افتتحته فى لندن.. كان معروضاً قبل ذلك فى «معهد العالم العربى» بباريس.. وهذا المكان –كما هو معروف- لا يخضع لسيطرة ورقابة الحكومة الفرنسية.. بل هو عبارة عن مؤسسة ثقافية ذات طابع خاص.. والكلام ده معناه ببساطة كده عدم مسئولية السلطات الفرنسية عن أى خلل قد يحدث لآثارنا.. أظن كلامى واضح ومفهوم.. يا معالى الوزير.. إن انتقال الآثار الأصلية بين مدينة وأخرى يعرضها لمخاطر عديدة تعلمها أنت دون الخوض فى أحاديث معادة ومكررة.. وشاهد على ذلك تعرض العديد من القطع الأثرية الهامة فى تلك المعارض إلى تلفيات تم بموجبها تعويض مصر مادياً عنها.. وإذا لم تصدقنى فارجع إلى المعارض التى أقيمت خارج مصر منذ عام 2002 .. فهل يرضيك أن نقايض- ولو على قطعة أثرية واحدة- بأموال الدنيا كلها؟!.. أنا متأكد أنك ضد هذا العبث الذى سمح به مسئولون قبلك.. وكم أتمنى أن تطلع على ما ورد بحيثيات حكم المحكمة الإدارية العليا فى دعوى رفعتها «أم العرب» د. نعمات أحمد فؤاد وشيخ الآثاريين وعالم الآثار الأشهر الأستاذ الدكتور على رضوان - عميد كلية آثار القاهرة الأسبق- ضد أحد المعارض التى تعاقد عليها د. عبدالحليم نور الدين- أمين عام مجلس الآثار الأسبق- حتى نقطع الشك باليقين ونوقف هذه المهازل.