رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سر رفض الاتحاد الأوروبي لانضمام تركيا

الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي

تسعى تركيا باستماتة شديدة، لدخول الاتحاد الأوروبي، الذي يفرض بدوره 4 شروط أساسية، تتمثل في أن تكون الدولة طالبة العضوية من الدول الأوروبية، وأن تكون قادرة وراغبة في تحمل الالتزامات السياسية والاقتصادية للعضوية، وأن تكون مستعدة لقبول وتطبيق قوانين الاتحاد الأوروبي، وأن تطبق الدولة طالبة العضوية مبادئ الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وحريته الأساسية وسيادة القانون، وقد سلكت أنقرة طرق مختلفة للوصول إلى حلم العضوية في القارة العجوز.

سبتمبر عام 1963:
وقعت تركيا أول اتفاق للانضمام إلى المجموعة الأوروبية وهو "اتفاق أنقرة" الذي كان عبارة عن عملية من ثلاث خطوات نحو إنشاء الاتحاد الجمركي الذي من شأنه أن يساعد في الحصول على عضوية تركيا الكاملة في المجموعة الاقتصادية الأوروبية.
إلا أن ذلك الاتفاق سرعان ما تبدد بالتجميد في سبتمبر 1980 بفعل الانقلاب العسكري في تركيا بقيادة الجنرال "كنعان إيفرين" مع مجموعة من الضباط بسبب تخوفهم من الصعود الملحوظ للتيار الإسلامي وتسبب الانقلاب في إعدام 50 شخصًا واعتقال 650 ألف شخص ومحاكمة الآلاف ووقوع 299 حالة وفاة لتتحول تركيا بعده نحو الحكم العسكري الاستبدادي الكامل، حيث تدخل الجيش في الحياة السياسية بحجة حماية علمانية الدولة وفق دستور نصت مادته الـ15 على حماية الجنرالات والقادة العسكريين من المحاكمة، وبذلك سقط عن تركيا شرط تطبيق مبادئ الحرية والديمقراطية، ولكن تلك المحاولة لم تتوقف عند هذا التجميد فبدأت جولة أخرى من المفاوضات.

إبريل 1987:
تقدمت تركيا بطلب رسمي للانضمام للاتحاد الأوروبي بعد إنهاء الانقلاب العسكري وفي عهد الرئيس الليبرالي توركوت أوزال وبدأت في السير على خطوات ذلك الطلب حتى وضع الاتحاد شروط اتفاقية "كوبنهاجن" للانضمام إلى الاتحاد.
وهي الشروط السياسية: على الدولة المترشحة للعضوية أن تتمتع بمؤسسات مستقلة تضمن الديمقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان والأقليات.
شروط اقتصادية: وجود نظام اقتصادي فعال يعتمد على اقتصاد السوق وقادر على التعامل مع المنافسة الموجودة ضمن الاتحاد.
شروط تشريعية: على الدولة المترشحة للعضوية أن تقوم بتعديل تشريعاتها بما يتناسب مع التشريعات والقوانين الأوروبية.

يناير 1995
وقعت تركيا اتفاقية اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي تمهيدًا لانضمامها رسميًا وبعدها وفي يناير 1999 تم الاعتراف بتركيا رسميًا كمرشح للعضوية الكاملة للاتحاد الأوروبي إلا أنه سرعان ما تبدد كل ذلك وتجمدت الاتفاقية بفعل معارضة اليونان احتجاجًا على قضية قبرص والتي تحتل تركيا شمالها وتقيم دولة لا يعترف بها سواها.

مارس 2001
كل تلك العقبات والضغوط لم توقف مسيرة تركيا حيث بدأت جولة أخرى من المحاولة، حيث اعتمدت أنقرة برنامجًا وطنيًا أفضى إلى إلغاء عقوبة الإعدام ومنح الأكراد حقوقًا ثقافية لتقترب من تنفيذ الشروط القانونية للاتحاد الأوروبي والتي تمنع بشدة على أي دولة أوروبية تطبيق عقوبة الإعدام.
وأعرب المجلس الأوروبي المعني بمراقبة حقوق الإنسان في أوروبا إثر ذلك عن تأييده لهذه الخطوة فقد اعتبر رئيس الجمعية البرلمانية بالمجلس بيتر شايدر في بيان أصدره من مقره في ستراسبورغ بفرنسا القرار خطوة ذات أهمية سياسية كبيرة من شأنها تعزيز آمال تركيا في إقناع الزعماء الأوروبيين ببدء محادثات بشأن الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي

أكتوبر 2005
بدأ الطرفان رسميًا مفاوضات الانضمام بالرغم من معارضة عدد من الدول أبرزها النمسا، ومابين عامي 2007-2012 جمدت ألمانيا وفرنسا فتح خمسة فصول للانضمام كانت ستجعل من انضمام تركيا واقعًا حتميًا وهي الفصل 17 الخاص بالسياسات الاقتصادية والنقدية والفصل 22 الخاص بالسياسات الإقليمية والفصل الـ15 المتعلق بالطاقة والـ23 المتعلق بالقضاء والحقوق الأساسية والـ24 حريات وأمن واقترحتا في مايو 2009 شراكة مميزة مع تركيا من دون انضمامٍ فعلي ولكن تلك الشراكة لاقت الرفض من قبل الجانب التركي، ليعقب ذلك في عامي 2013-2014 إبداء فرنسا وألمانيا مؤشرات انفتاح رفعت فيها باريس الفيتو عن فتح الفصل 22 المتعلق بالسياسات الإقليمية 

يناير 2014 
زار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أنقرة وأعلن أن مسألة انضمام تركيا ستطرح في مطلق الأحوال في استفتاء في فرنسا
وجاء التطور الأخير في تلك المفاوضات بالاتفاق التركي الأوروبي الذي يضمن أن تستقبل تركيا كافة اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين للعيش في بلادها مقابل منح تأشيرة مجانية لدخول الأتراك إلى دول منطقة "شينجن" بالاتحاد وإعادة فتح المفاوضات التي ما تزال "قبرص" ظاهريًا العائق أمامها.

سر رفض انضمام تركيا
يمكن الجزم بان انضمام تركيا لن يتم بنسبة كبيرة، فكلما حققت أنقرة شرطًا، فرضوا غيره، لكن السر في رأي المراقبين يعود إلى عدة معوقات، أبرزها أنها ثاني أكبر عضو في الاتحاد من حيث عدد السكان بعد ألمانيا حيث بلغ عدد سكان تركيا 78 مليون نسمة عام 2015 وهذا التعداد يعطي لتركيا عدد أكبر من الممثلين داخل الاتحاد الأوروبي ويجعلها من الأعضاء الفاعلين فيه

معوق اقتصادي
إن انضمام تركيا للاتحاد يفتح الباب أمام المهاجرين الأتراك للبحث عن فرصة عمل وتعتبر العمالة التركية من العمالة الرخيصة فسوف يؤدي ذلك إلى تدني الأجور في الدول مرتفعة الدخل وبالتالي زيادة معدلات البطالة بالإضافة إلى توقع انتشار السلع التركية الرخيصة في دول الاتحاد مما يؤثر على أسعار الصناعة المحلية والجودة

معوق جغرافي:
يعتبر العديد من القادة الأوروبيين أن الجزء الأكبر من تركيا في آسيا الصغرى وبالتالي فهي ليست أوروبية
معوق ديني:
حيث تغلب الديانة المسيحية على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ويعتبر البعض أن انضمام تركيا سوف يؤثر في الهُوية الثقافية والدينية لهذه الدول بالإضافة إلى تحول القضايا الإسلامية في تركيا إلى قضايا أوروبية.