رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكلمة التى كشفت الوجه الحقيقي لأردوغان

أردوغان
أردوغان

"إسرائيل اعتادت الكذب وهجومها على سفينة مرمرة سببًا كفيلًا لإقامة حرب".. لم يكن يتخيل من استمع إلى تلك الكلمات في عام 2009 على لسان رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان أن يستمع إليه رئيسًا لتركيا في 2016 وهو يقول "إسرائيل في حاجة إلى بلد مثل تركيا في المنطقة، وعلينا القبول بحقيقة أننا أيضًا في حاجة إلى إسرائيل إنها حقيقة واقعة".

سبعة أعوام شهدت ذلك التحول أو ربما العودة إلى العلاقات الطبيعية بين دولتين حليفتين كإسرائيل وتركيا كانت آخر وأبرز حلقات العودة أو التطبيع في ما نُشِر بشأن رفع تركيا "الفيتو" الذي كانت تفرضه على مشاركة إسرائيل في تدريبات حلف شمال الأطلسي "الناتو"، كما أبلغ الحلف إسرائيل بإمكانية قيامها بفتح مكتب في مقره في بروكسل يكون بمثابة ممثلية رسمية لديه.

1949 شهد بداية تلك العلاقات عندما قدمت تركيا اعترافًا بدولة الاحتلال الإسرائيلي كأول دولة إسلامية، تبعه تعاونًا في مجالات عسكرية ودبلوماسية وصلت معه تركيا إلى المورد الرئيس للسلاح إلى إسرائيل بالإضافة إلى نحو 62 اتفاقية تعاون اقتصادي والعديد من الشراكات الاستراتيجية.

وعلى عكس المتوقع كانت تلك العلاقة تقوى في عهد الرؤساء ذوي الخلفية الإسلامية ففي عام 1996 عقدت تركيا مع إسرائيل اتفاقية إستراتيجية بمباركة أميركية تمنح بموجبها المقاتلات الإسرائيلية حق الوصول إلى القواعد العسكرية شرقي تركيا، استنكرتها وقتها الجامعة العربية لأنها تشكل تهديدا للأمن القومي العربي وكان تلك الاتفاقية في عهد حزب "الرفاه" الإسلامي.

واستمرت علاقاتهما في التنامي كدولتين صديقتين حتى عام 2009 عندما اعترضت قوات الاحتلال الإسرائيلي سفينة "مرمرة" التركية والتي كانت في طريقها لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة وقتلت طاقمها، وهو ما ردت عليه تركيا باستدعاء سفيرها من إسرائيل، ومنع طائرات عسكرية إسرائيلية من استخدام مجالها الجوي وقال أردوغان إن إسرائيل "اعتادت الكذب"

وظن البعض في ذلك الوقت أن تركيا تعلن غضبتها على إسرائيل من أجل أبنائها الذين قتلوا على يد الاحتلال بل ومن أجل الفلسطينيين وما يحدث في غزة من حصار وقتل واتخذوها نموذجًا لمجابهة الاحتلال وخاصة بعد أن غادر أردوغان منصة مؤتمر دافوس احتجاجًا على عدم اعطائه الوقت الكافي للرد على الرئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقتها، بدأ أردوغان الحديث قائلًا إن الجيش الإسرائيلي يقتل الأطفال في شواطئ غزة، ورؤساء وزرائكم قالوا لي إنهم يكونون سعداء جداً عندما يدخلون غزة على متن دبابتهم احتشد الآلاف ليلاً لاستقبال رجب طيب أردوغان بعد ساعات من مغادرة مؤتمر دافوس حاملين الأعلام التركية والفلسطينية ولوحوا بلافتات كتب عليها "مرحبا بعودة المنتصر في دافوس" و"أهلا وسهلا بزعيم العالم وعلقت حماس على الحادث بالقول "على الحكام العرب ان يقتدوا به.

إلا أن تلك الغضبة رأي بعض المحللين أنها كانت صورية من أجل حشد مزيد من التأييد لأردوغان حيث بقيت العلاقات التجارية كما هي بين الدولتين الحليفتين منذ وقت طويل.

فداخل إسرائيل وفد حكومي وعسكري تركي، كما يتدرب ضباط وجنود أتراك داخل النقب على استخدام طائرات تعمل من دون طيار تستخدمها إسرائيل لتعقب مسلحين فلسطينيين في غزة، مع قليل من التوتر في العلاقات اشترطت معه تركيا اعتذار رسمي من إسرائيل عما فعلته وتعويض لأبنائها وكسر للحصار عن غزة

ومع تحقق شرط الاعتذار من قبل بنيامين نتنياهو في مارس 2013 وبدء الحديث عن تعويضات لأهالي الضحايا بدأ موقف تركيا في اللين تجاه إسرائيل والعودة ربما تدريجيًا لما كانت عليه علاقتهما في السابق.

ولم يكن تحقيق تلك الشروط مجانيًا بل كان مقابل تخلي تركيا عن ملاحقة إسرائيل قضائيًا ومنع دخول القيادي في حماس صلاح العروري كما التوقف عن دعم حماس.

ووصل حجم التبادل التجاري بين الدولتين ذروته في مثل تلك العام حيث وصل إلى 4.85 مليار دولار، بزيادة بنسبة 39% مقارنة عن العام الماضي. ووصل حجم التبادل إلى هذه الذروة بفضل ازدياد الصادرات الإسرائيلية لتركيا بنسبة 76% وازدياد الاستيراد الإسرائيلي من تركيا بنسبة 13%.

وتواصل حجم التبادل التجاري بين الدولتين عام 2014 وارتفع التبادل بينهما في الثلث الأول من العام 2014 إلى 949.2 مليون دولار مقابل 761 مليون دولار في العام 2013. وازداد حجم الاستيراد من تركيا إلى 956 مليون دولار مقابل 791 مليون دولار بنفس الفترة من السنة الماضية.

وعادت العلاقات التركية الإسرائيلية إلى طبيعتها كحليفين استراتيجيين في عهد أردوغان الرئيس التركي وفي الوقت الذي تصاعدت فيه اليوم الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة من قوات "ناحل عوز".