رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

للخارجية والإعلام.. ساندوا الشعب الأمريكى


تناقلت بعض الفضائيات الأجنبية أخبار التظاهرات المتفرقة التى تشهدها بعض الولايات الأمريكية منذ بضعة أشهر للتنديد بممارسات الشرطة القمعية واستخدامها للقوة المفرطة ضد مواطنيها الأمريكيين، حتى إن الإحصائيات شبه الرسمية تشير إلى أن من اثنين إلى أربعة أشخاصٍ يُقتلون يومياً فى الولايات المتحدة بأيدى الشرطة الأمريكية وفى الحقيقة أننا رغم اختلافنا مع الإدارة الأمريكية، أو بتعبير أدق رغم عداء الإدارة الأمريكية لأمتنا العربية وتآمرها عليها بالتدمير والتخريب والتقسيم واستلاب ثرواتها،.. إلّا أننا لا نضمر كراهيةً أو عداءً لعموم الشعب الأمريكى، لأننا ندرك أنه مغيبٌ عن سياسة دولته الخارجية ولا دور له فى وضع وتنفيذ تلك السياسة رغم مظاهر الديمقراطية الخادعة التى يتم تسويقها عن بلاد العم سام، كما أنه شعبٌ من جذورٍ كثيرةٍ متنوعةٍ وبالتالى فإن مشاعر التعاطف معه يمكن أن تجد مكاناً لها لدى شعوبٍ كثيرةٍ أُخرى، ومع ذلك تبقى الجريمة الإنسانية التاريخية الكُبرى لكل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، إنها مسخت الشخصية الأمريكية وحولت شعوبها فى كل الولايات إلى قطعانٍ من البشر لا تهتم إلا بالأكل والشرب ووسائل الاستمتاع والترفيه فقط، وفصلتها تماماً عن أيديولوجية الإدارة المركزية الحاكمة وسياستها الخارجية، فى حين أن هذه الأيديولوجية والسياسة التى تُبنى عليها يجب أن تكون من أولويات اهتمامات المواطن الأمريكى وأن يكون شريكاً حقيقياً فاعلاً فى صنعها وتنفيذها، لأنها ببساطةٍ هى التى ترسم صورة الولايات المتحدة ومكانتها الحضارية فى وجدان شعوب العالم، فضلاً عن كونها المسئولة عن تحديد مستقبل ومصير الدولة بأكملها وليس مصير الإدارة فقط.

أعود إلى التظاهرات التى تشهدها بعض الولايات الأمريكية للتنديد بالقهر وأساليب القمع الذى تمارسه الشرطة فى تعاملها اليومى المعتاد - وفى الظروف الطبيعية - مع الشعب الأمريكى، وهو التعامل الذى يسفر يومياً عن سقوط عشرات الأبرياء بين قتيلٍ وجريح فى حين تتقاعس الشرطة وتتخاذل عن مواجهة العصابات المسلحة التى تروع الناس وترتكب جرائم القتل والسرقة باكراه وتنتشر بصورةٍ علنيةٍ فى كثيرٍ من المقاطعات التى يكتفى مسئولوها بتحذير السكان من مغادرة منازلهم بعد الساعة السادسة مساء!

إن هذه المشاهد المأسوية تُنبئ بأن قطاعاً كبيراً من الشعب الأمريكى يعانى الأمرّين، فمن فوقه مطرقة الشرطة الغاشمة، ومن تحته ترويع وابتزاز العصابات الإجرامية المسلحة بما أفقده الأمن والأمان والسكن والسكينة، أى أنه فقد أبسط حقوق الإنسان التى تتشدق بها الإدارة الأمريكية. وعلى جانبٍ آخر ولأسبابٍ أخرى عديدة بدأت منذ عدة سنوات بعض الحركات الانفصالية فى الإعلان عن نفسها، وهى تنتشر فى أكثر من عشرين ولاية أمريكية وعلى رأسها ولاية ألاسكا، وهى تدعو مواطنيها للتضامن والمطالبة بانفصال تلك الولايات عن الاتحاد الفيدرالى الأمريكى، وأعتقد أنه مطلبٌ وإن كان عسيراً إلا أنه ليس مستحيلاً لأنه جائزٌ فى الدستور الأمريكى وله إجراءاتٌ محددة، بل إن أحد الباحثين الروس ويدعى إيجور بازين أعلن فى عام 2009 عن توقع حدوثه. يبقى بعد ذلك السؤال أين نحن من تلك الأحداث التى يشهدها المجتمع الأمريكى؟ أين دور الإعلام الوطنى العربى بشقيه الحكومى والخاص فى تناول تلك الأحداث والتواصل المباشر مع المتظاهرين الأمريكيين وعرض قضيتهم على الرأى العام وتبنى مطالبهم المشروعة؟ وأين دور منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية بقدراتها المادية والسياسية والاجتماعية؟ ثم أين دور الدبلوماسية المصرية والعربية فى مساندة المطالب المشروعة للشعب الأمريكى ولو بالكلمة الذكية فى المحافل الدولية؟ وأخيراً أين دور الجاليات العربية فى الولايات الأمريكية لتحفيز ودعم إخوانهم فى مطالبهم المشروعة؟ إن مؤازرة الشعب الأمريكى فى محنته الدفينة التى بدأت تطفو على السطح، يمكن أن تساعده ليصير شريكاً مؤثراً فى صناعة سياسة بلاده الخارجية، أو تساعده فى تحقيق أمله الأكبر باستقلال الولايات الراغبة فى الانفصال عن الاتحاد الفيدرالى، وفى كلا الحالين أعتقد أن التوازن العادل سيتحقق بين القوى الدولية. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل،،