رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تفاصيل الـ«90 دقيقة» الأخيرة بين أوغلو وأردوغان

جريدة الدستور

في اجتماع طارئ للجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية، اليوم الخميس، قدم رئيس الوزراء أحمد داوود أغلو استقالته رسميًا من رئاسة الحزب، وذلك عقب اجتماع ثنائي عقد ليل الأربعاء في أنقرة بينه وبين أردوغان، في محاولة أخيرة للتوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة، فشلت فيها كل محاولات الوساطة، وهو الأمر الذي لم يحدث وفق التسريبات.

وكشف تقرير نشره موقع ترك برس، عن كواليس خلاف حاد دار بين أوغلو و أردوغان،في الليلة التي علم فيها أردوغان أن أوغلو بدأ بإعداد قوائم المؤسسات التى ستحضر أول مؤتمر عام لحزب العدالة والتنمية في سبتمبر الماضي، دون أن يستشيره في ذلك، فاستدعاه ووقع بينهما خلاف في وجهات النظر، خرج على إثرها أوغلو غاضبًا.

لكن المؤتمر انعقد في وقته، وفي نهايته بلغ داوود أوغلو حديث عن أن «بينالي يلدريم» وزير النقل والاتصالات والملاحة البحرية، أحد أقوى رجال أردوغان داخل الحزب، جمع توقيعات الأغلبية المطلقة، وأعد العدة ليترشح لرئاسة الحزب، عوضا عن أوغلو.

حينها، اتجه مباشرة للرئيس أردوغان، وسأله عن مدى صحة ما يثار وعما إذا كان هو على علمٍ بهذا «الانقلاب» داخل الحزب، لكن أردوغان لم يعطه إجابة صريحة واكتفى فقط بقوله «نعم عندي علم بما يفعله يلديريم، كما عندي علم بما تفعله أنت، وبإمكانك أن تختار».

الخلاف بين الاثنين احتدم في الأيام الأخيرة بعد اتخاذ الحزب قرارا بسحب صلاحية تعيين مسؤولي الحزب في المحافظات والأقضية من أوغلو، وإعطائها إلى اللجنة المركزية لاتخاذ القرار والإدارة التي كانت لديها هذه الصلاحية في البداية، ما يعني أنها استعادتها، وهي خطوة وصفها الناطق باسم حزب العدالة والتنمية، عمر تشليك، بأنها فنية، نافيا وجود أي أزمة في الحزب، ولكن توقيت هذه الخطوة فتح المجال للتكهنات.

وأفادت تقارير بأن اللقاء الذي جمع الاثنين على مدار ساعة ونصف تقريبًا تناول الحديث عن بيان «ملف البجعة» الذى نُشر على الإنترنت والذى ورد فيه ما يلمّح إلى مساعى أوغلو والمقربين منه لتصفية أردوغان والانقلاب عليه.

وتضمن اللقاء الحديث حول ملف «نقاط خيانة الأمانة» الذي نشره مجهول، على الإنترنت وهو عبارة تقرير شبه استخباراتي أحصى جميع تحركات وعلاقات وتصريحات أوغلو، والذي تساءل خلاله رئيس الوزراء عن حقيقة المعلومات التي تفيد بأن مستشارا للرئيس التركي كتبه، وعما إذا كان يتحرك تحت المراقبة بأمر من القصر، لكن أردوغان تجاهل التعليق على الأمر.

وتشير التقارير إلى أن أردوغان واجه أوغلو بعدم التزامه بتعليماته، ومن ذلك عدم التزامه شرطين وضعهما لتسليمه زعامة حزب العدالة والتنمية وهما: إقرار نظام حكم رئاسي، والامتناع عن التعاون مع الغرب الذي يريد الإطاحة بأردوغان من الحكم، كما حمّله أردوغان مسؤولية تدهور الملف السوري، وكذلك التفريط في الملف الكردي، والتواطؤ مع مؤامرات جماعة الداعية المعارض فتح الله كولن، في محاولات إلصاق تهم فساد بأردوغان وعائلته.

كما تساءل أردوغان عن سبب طلب داوود أوغلو لقاءً مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في واشنطن، بعد شهر فقط من لقاء أردوغان مع الرئيس الأمريكي، وحينها برر أوغلو ذلك بأنها زيارة تتعلق بالتطورات على صعيد الملف السوري، رافضًا تلك اللغة التي تحمل في مضمونها اتهامًا بمحاولته الانقلاب على أردوغان.

وبعد فشلهما في التفاهم، قرر أوغلو أنه سيتقدم باستقالته رسميًا، بشكل نهائي، واتفقا على أن يتم ذلك بشكل لا يضر بصورة الحزب في الرأي العام التركي، والأهم من ذلك أن هذه الخلافات يمكن أن تدفع الناخب التركي لمعاقبة حزب العدالة والتنمية مرة أخرى في أي انتخابات قادمة.

ويؤكد باحثون في الشأن التركي، أن أردوغان سيسعى المرة القادمة ألا تكون قيادة الحزب شخصية قوية «كاريزميا» وإن كانت تحظى بحضور فاعل داخل أوساط الحزب، لتجنّب الاصطدام بين رئاسة الحكومة ورئاسة الدولة، وأن يكون في النهاية مجرد منفذ لرؤى وسياسات أردوغان، فيما يبرز من بين الأسماء المرشحة لخلافة أوغلو، وزير المواصلات وذراع أردوغان الأيمن في الحزب، بن علي يلدريم، ووزير الدفاع التركي عصمت يلماز، وهناك خيار ثالث يشير إلى وزير العدل التركي بكير بوزداغ.