رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الزيارة الملكية .. وجسر القومية


زيارة ملك المملكة السعودية جلالة الملك سلمان بن سعود لمصر لها خصوصيتها وأهميتها فى ظل ما تعانيه معظم دول العالم العربى من مشاكل سياسية واقتصادية وأزمات طائفية وموجات إرهابية على كل لون، وتدخل خارجى يحركه الثعبان الأزرق القابع فى البيت الأبيض يبث سمومه هنا وهناك بهدف الحفاط على ربيبته إسرائيل، التى زرعتها أمريكا «أسفين» لكى يدمى قلب الوطن العربى، والمملكة السعودية ومصر فى وقتنا الحالى هما القوتان العربيتان المتماسكتان فى العالم العربى المفكك، كما أنهما يمثلان نوعا من التكامل، فالمملكة بما تمتلكه من قدرات مادية فائقة ومصر بما تملكه من كوادر بشرية متخصصة فى جميع المجالات وما لديها من مشروعات تستوعب القدرة المادية للمملكة العربية تستطيع إقامة نهضة حقيقية فى كلا البلدين، وشكلت النموذج الذى يحتذى وينتقل إلى بقية الدول العربية بعد التخلص من مشاكلها الداخلية والخارجية، وترجع خصوصية الزيارة إلى العلاقة الروحية والحميمية التى تربط جميع المصريين بالأراضى المقدسة، فمند بداية ظهور الاسلام فى مكة وفرض الحج لبيت الله الحرام لمن استطاع اليه سبيلا، وكل مصرى مسلم يهفو قلبه إلى الأماكن المقدسة فى المملكة، والمملكة تمثل للمصريينوطنهم الثانى، ومنذ عقود ماضية يترجم المصريون من العاملين فى التخصصات المختلفة هذا الحب بالذهاب للمملكة العربية السعودية للعمل، سواء كمدرسين فى جامعات ومدارس المملكة أو عاملين فى توسعات الحرم المكى والحرم المدنى، يذهب المصرى للمملكة حاملا فى قلبه عاطفة خاصة، ورغم المشاق والمتاعب التى يتحملها فى رحلته فى الجو والبحر والبر، فانه لا يشعر بهذه المشاق والمتاعب، عند وضع قدمه على الأرض المقدسة، لكى يؤدى عملا يحبه ويضحى بكل غال ونفيس فى سبيله، والعلاقات بين الدولتين ليست على المستوى الرسمى فحسب بل على المستوى الشعبى أيضاً، حيث هناك عمليات مستمرة فى الزواج بين المصريين والسعوديين، وهناك تجربة تفخر بها مصر فى علاقتها مع السعودية فقد قامت النهضة التعليمية للفتيات بالسعودية سواء فى التعليم الجامعى أو ماقبله على المصريات، فالمملكة لديها عقيدة بأنه لا يجب أن يقومن بالتدريس للفتيات الا النساء، ولذلك تعاقدت مع المعلمات المصريات من جميع المراحل، وكان مطار القاهرة يشهد سنوياً رحلة الشتاء والصيف لهؤلاء المعلمات لنشر معارفهن المختلفة فى جميع العلوم، ولم تكن حركة التنوير والتعليم تقتصر على المملكة السعودية فحسب، بل امتدت إلى جميع البلاد العربية الأخرى ورحل آلاف المصريين إلى جميع الدول العربية لاداء دورهم المشرف كما رحل العرب من البلاد العربية لمصر للحصول على الدرجات العلمية فى أدق التخصصات، واحتضنتهم مصر بحضارتها الأصيلة، فأصبح العالم العربى لديه وحدة تعليمية واحدة ذات طابع مصرى، ولذلك فالكثير من الذين تعلموا فى مصر لديهم انتماء من نوع خاص لمصر وبالتالى للعروبة.

 عضو اتحاد المؤرخين العرب