رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

آثارنا تتعرض للتسييس.. والصهينة والتهويد


تمنيت من الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يتدخل شخصياً فى اختيار القيادات الأثرية التى تشرف على تراث مصر وتاريخها فى وزارة الآثار..لأن العبث الذى نتابعه حول هذا الملف من وقت لآخر يؤكد أن هناك من يتلاعب بحضارتنا لصالح العدو سواء من خلال البعثات الأجنبية التى قاربت الـ300 بعثة متخصصة فى التنقيب والترميم والاكتشاف.. أو من خلال أثريين لا يرتقون إلى مستوى المسئولية الموكلة إليهم.. وهنا لابد من أخذ مطالبات خبرائنا المخلصين مأخذ الجد حينما استشعروا الخطر الداهم من هذه البعثات..الأمر الذى يجعلنا نطالب بأن تكون عملية التنقيب والترميم من قبل مصريين فقط حتى نأمن خيانة البعثات الأجنبية التى تقوم بـ«تسييس وصهينة وتهويد» آثارنا منذ زمن وحتى الآن دون حسيب أو رقيب.

أكتب عن هذا الموضوع لأننى من المهمومين بهذا الملف.. وأعرف خبايا ودهاليز مافيا الآثار المصرية والأجنبية عن طريق مصادر وطنية شريفة فى هذه الوزارة وخارجها.. وما أثار حفيظتى مؤخراً للكتابة عن «خيبتنا إللى ما وردت على حد»..هو ما أكده محمد أبو الوفا-مدير آثار البحر الأحمر- أن متحف تورينو الإيطالى توجد به أقدم خريطة مصرية فى العالم.. لافتاً إلى أنها ترجع لعام 1318 قبل الميلاد وتنسب للملك سيتى الأول.. وأن الخريطة توضح المسالك والدروب الجبلية لمناجم الصحراء الشرقية.. كما تكشف أن منطقة وادى الحمامات تقع فى الطريق الرابط بين مدينة قفط بمحافظة قنا ومدينة القصير بمحافظة البحر الأحمر.. والذى أطلق عليه قديما طريق «قدس الأقداس» ويوجد به 25 منجماً من الذهب.. وأن هذه الخريطة تكشف أيضاً أماكن130 منجماً أخرى من الذهب بينها منجم السكرى الذى يتم نهبه بكل الحيل!!.

وهنا نطرح السؤال التالى: من سمح بخروج هذه الخريطة من مصر؟!..ولنفترض أنها سُرقت فى وقت ما وتحت أى ظرف.. فهل يمكننا أن نطالب باستردادها وبكل آثارنا المسروقة بناء على المادة «49» من دستور4 201.. والتى تنص على «التزام الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها وترميمها واسترداد ما استولى عليه منها..وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه.. ويحظر إهداء أو مبادلة أى شىء منها.. والاعتداء عليها والاتجار فيها جريمة لا تسقط بالتقادم».. وهذا يجعلنا نسأل وزارة الآثار عما نشر وأذيع فى وسائل الإعلام مؤخراً عن قيام بعض علماء المصريات الألمان بنقش علامة «نجمة داود» على أحد الأحجار بمعبد «أوزير نسمتى» بجزيرة الفنتين بمحافظة أسوان..حينها سألت خبراء الآثار عن أصل «الحكاية» أفادوا بأن أصابع الاتهام موجهة نحو أحد أفراد البعثة والذى يرجح أنه يهودى الديانة، وأنه من قام برسم أو نقش النجمتين على واجهة المعبد الآثرى بشكل استفزازى أثار مشاعر المصريين بهدف تشويه حضارتهم.. وأكدوا أنه تم إخفاء وإزالة الكتلة الحجرية التى ظهرت عليها نجمتا داود بعد تدخل بعض المسئولين فى الآثار لإخفاء المعلومة عن الرأى العام!!.

ما سبق يجعلنى أكرر طلبى للرئيس بمتابعة مثل هذه الجرائم.. وذلك باتخاذه إجراءات رادعة تصل إلى حد الطرد من مصر ضد من يزيف تاريخنا ويتعمد صهينة آثارنا لصالح العدو الغادر.. وكذلك محاكمة المسئولين المصريين المراقبين لمثل هذه البعثات.. مع التشديد بوضع كاميرات مراقبة فى كل مواقع التنقيب على مستوى الجمهورية تحت إشراف جهة سيادية لديها خبراء من أساتذة الآثار والتاريخ لوقف هذه الأكاذيب .. مع العلم أن «نجمة داود السداسية « لم تذكر فى التوراة على الإطلاق..وأن هذا الرمز كان موجوداً كتصميم فنى هندسى فى الحضارتين: الإسلامية والهندية..لكنً اللوبى الماسونى استطاع أن يخدع العالم بتزييف حقائق التاريخ .. مدعياً أن هذه النجمة هى الرمز اليهودى.

وحتى تتضح الأمور أكثر فقد أكد خبراء وأساتذة الآثار ممن نثق فيهم إن البعثات الأجنبية فى مصر لا تعمل إلا فى الأماكن التى تختارها ولأهداف معروفة تتماشى مع أهوائها ومصالحها وأجندتها الخاصة..ولا أدرى كيف تجاهلت وزارتنا الموقرة علم وخبرة أكثر من 12 ألف أثرى مصرى متخصص وحولتهم – بقدرة قادر – إلى «عواطلية» يبحثون عن لقمة العيش بشق الأنفس دونأن يجدوها..فيما نجحت فى مساعيها لمنح البعثات الأجنبية النسبة الأكبر من المواقع الأثرية المهمة تحت حماية قانون تنظيم عمل البعثات الظالم.. وللحق والتاريخ يجب الإشارة إلى أن الأضرار التى لحقت بنا من هذه البعثات أضعاف استفادتنا منها.. ومن المؤسف حقا أن يدعى أحد رؤساء القطاعات الآثار المصرية أن البعثات الأجنبية تثرى تاريخنا وآثارنا بزعم أن لديها إمكانيات مادية وعلمية ..ولم يكتف هذا المدعى بذلك.. بل قال «إنهم حريصون جدًا على آثارنا بسبب خبرتهم فى الحفريات والتنقيب منذ أكثر من 30 عاماً.. فى الوقت الذى لا نملك فيه الأموال لنقوم بأعمال الحفائر»!!.

وهنا يجب الرد على «هلفطة» هذا المسئول بأن عناصر هذه البعثات يتعمدون نشر أبحاثهم عن آثارنا بكل اللغات دون اللغة العربية!!..وكأن العالم كله له الحق فى معرفة ما يفعلونه على أرضنا..أما نحن فآخر من يعلم!!.. هذا أولاً..أما ثانياً فيوجد لدينا كفاءات من شباب الأثريين لديهم رؤية وفكر فى معالجة كل قضايا الآثار..ولكن لسبب أو لآخر يتم استبعادهم!!.. ثالثاً نؤكد منذ زمن بعيد وليس الآن .. إن أزمة الآثار الحقيقية فى قياداتها وسوء إدارتها..فلو أن هذه القيادات «الفاشلة» أخذت بنصائح أصحاب الأفكار الخلاقة .. لعاد ذلك على الوزارة بدخل مادى كبير جداً.. فعلى سبيل المثال لا الحصر..ما المانع من التنسيق مع الجامعات والمدارس والمعاهد والمؤسسات الحكومية والخاصة لزيارة الأماكن الأثرية فى كل محافظات مصر؟..وما المانع أيضاً من تأجيرالبيوت الأثرية القديمة المهملة بسبب غلقها وعدم الاهتمام بها إلى جهات وطنية أمينة كالبنوك تستطيع إدراتها؟.. أعتقد أننا فى هذه الحالة سنضمن دخلاً ثابتاً لا علاقة له بتقلبات السياحة.. وبهذه الأموال نستطيع الاستعانة بعلم وخبرة الأثريين المصريين فى الحفر والترميم و.... بدلاً من غدر وعبث الأجانب بحضارتنا وتاريخنا.. مش كده ولا إيه؟