رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيادة الرئيس.. «حلاق» الشرقية يستحق قيادة «المحليات»


لأن فساد المحليات لــ«الركب» بشهادة د.زكريا عزمى-أحد أركان نظام مبارك- والمتهم أيضا فى قضايا فساد ضمن المجموعة التى تعرض الآن المصالحة مع جهاز الكسب غير المشروع..فقد سبق أن كتبت أكثر من مقال للوزير الحالى ومن سبقوه وللمحافظين.
كنت أنوى استكمال الكتابة عما بدأته الأسبوع الماضى عن نهب اللصوص للمال العام وأراضى الدولة قديماً وحديثاً..لكنى آثرت الكتابة اليوم عن «رئيس وحدة محلية بالشرقية يترك الوظيفة للعمل حلاق».. وذلك حتى أقارن بينه وبين زملائه فى الوزارة نفسها.. وفى تفاصيل الخبر المنشور منذ 4 أيام تقريباً بصحيفة يومية..«أقدم محمود سليمان-رئيس الوحدة المحلية بقرية كفور نجم التابعة لمركز الإبراهيمية بالشرقية-على تقديم التماس إلى المحافظ، يعتذر فيه عن عدم الاستمرار فى عمله.. مبرراً رغبته فى العمل كـ«حلاق» ليوفرالرعاية الكاملة لوالدته.. قعيدة الفراش.. والتى فشل فى رعايتها بسبب ضعف راتبه الحكومى الذى لم يتعد الـ«1200»جنيه شهرياً.. والله العظيم رجل محترم جداً.. لأننى أعرف جيداً المبالغ الإضافية التى تدخل جيوب رؤساء الوحدات المحلية ونوابهم ومساعديهم و«ألاضيشهم» من: المواقف وأنابيب الغاز والنظافة ومحاضر البيئة ورسوم تأجيرأملاك الدولة..فضلاً عن إيرادات أسواق اللحوم والفواكه والخضار من الباعة الزائرين لهذه الأماكن............ و«المستخبى» كان أعظم.

فى الحقيقة لم أستغرب من وجود هذا النموذج المحترم فى بيئة مليئة بالفساد والفاسدين والمفسدين.. واعتبرت أن هذا الكلام بمثابة رصاصة طائشة فى صدر لصوص «المحليات» وغيرها من الجهات الحكومية.. بل وصفعة قوية على وجه كل مسئول فى الدولة لا يراعى الله فى عمله..حينها تذكرت الخبر المنشور منذ أيام قليلة مضت والذى يوضح أن وزير التنمية المحلية د.أحمد زكى بــــدر أهدر حوالى 80 مليون جنيه «فروق سعر البنزين»..كمكافآت لقيادات وزارته.. وهى المنحة المالية المخصصة من «البترول» سنوياً لتحسين وإنارة الطرق فى المحافظات للحد من الكوارث التى انتشرت مؤخراً بسبب الظلام وتهالك الأرصفة..واستشهد «بدر» بكلام الله عز وجل: «إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا......» الآية 6 - سورة «الحجرات».. وليته صمت ولم يفعل لأنالخبر كان صحيحاً.

ولأن فساد المحليات لــ«الركب» بشهادة د.زكريا عزمى-أحد أركان نظام مبارك- والمتهم أيضا فى قضايا فساد ضمن المجموعة التى تعرض الآن المصالحة مع جهاز الكسب غير المشروع..فقد سبق أن كتبت أكثر من مقال للوزير الحالى ومن سبقوه وللمحافظين وقلت فيه: إن الفساد الذى لمسته فى المحليات يفوق كل تصور.. هذه الوزارة رغم أهميتها.. أصبحت مرتعاً للصوص والهبيشة.. فإذا كنتم ترغبون فعلاً فى القضاء على تلك الظاهرة.. فلتتركوا مكاتبكم وتصطحبوا معكم أجهزتكم الرقابية وتنزلوا إلى الشارع فى جولات مكوكية للمحافظات والمجالس المحلية لتتعرفوا عن قرب على مشاكل المواطن ومعاناته عندما يذهب إلى هذه الأماكن لإنهاء مصالحه.. ولا مانع خلال هذه الزيارات المفاجئة أن تسألوا المواطن عن سبب دفعه الرشاوى للموظف.. واسألوه عن سبب صمته على الفساد ولمن يشتكى إذا تعطلت مصلحته أو حاول أى موظف أن يبتزه.. هكذا كان يفعل اللواء أحمد رشدى - وزير الداخلية ا لراحل.

ورجوت هؤلاء المسئولين أن يسألوا أيضاً عن فساد تراخيص المبانى المخالفة فى الأراضى الزراعية ..وكيف سمح موظفو المحليات بتركيب عدادات الكهرباء والمياه لهذه المبانى.. وقلت لهم: اسألوهم عن مصير أموال الصناديق الخاصة..اسألوهم عن استغلال بعضهم لمناصبهم فى التربح بطرق غير شرعية..وناشدتهم بإعلان الحرب الشعواء على أعداء ثورتى 25 يناير و30يونيه الذين يتقلدون مناصب مهمة حتى الآن فى المحليات..وقلت لهم: لو استطعتم أن تديروا هذا الملف بنجاح.. فإنكم بذلك ستنقذون مصر من براثن «المصلحجية» واللصوص والخونة والعملاء والمنتفعين.. وكررت لهم السؤال: هل ستستطيعون فعل ذلك أم سترفعون الراية البيضاء استسلاماً لهزيمتكم وانتصاراً للفساد الذى «يعشش» فى كل ركن من أركان هذه الوزارة كما هو الحال فىوزرات ومؤسسات حكومية أخرى؟!.

ومن العجب العُجاب.. وأنا أكتب هذا المقال أن يقع تحت يدى خبر فى جريدة يومية يفيد بأن «مبارك» عرض تسوية مع الكسب غير المشروع مقابل سداد 147 مليون جنيه..فيما قدر خبراء هذه التسوية معه ونجليه بمبلغ يتراوح ما بين 8 إلى 10 مليارات جنيـــــــه..يا نهار أسود لما رأس الدولة وأولاده يُتهمون فى قضايا فساد من هذا النوع !!.. يبقى الموظف البسيط يعمل إيه؟!..على رأى الشاعر: «إذا كان رب البيت بالدف ضارباً..فشيمة أهل البيت الرقص»..لذا أتمنى من كل المتعاطفين مع الرئيس الأسبق أن يُحكموا عقولهم فى هذه المصائب التى حلت بالبلد بدلاً من النقد والسباب غير اللائق لكل من يختلف معهم..أما وثائق بنما ..فلن نتحدث عنها الآن رغم تأكيد صحيفة مصرية أن مصادر قضائية رفيعة المستوى كشفت عن أن جهاز الكسب غير المشروع بدأ فى تحليل التحرى عما يخص «علاء مبارك» فى هذه الوثائق لبيان ما بها من معلومات قد تسهم فى التحقيق مع «آل مبارك» والكشف عن الثروات التى يمتلكونها فى الخارج ولم تتطرق إليها التحقيقات.

إن واقعة هذا الرئيس وعصابته التى سرقت ونهبت الأخضر واليابس وباعت مقدرات الشعب من أراض للمرضى عنهم.. وغاز للعدو ونشر الفساد فى كل ربوع الدولة.. تذكرنى بصراع الأقوياء ضد الضعفاء..فالأقوياء كانوا ومازالوا هم أنفسهم أصحاب الحظوة والنفوذ فى كل مكان وزمان..بل وتراهم أينما ذهبت يسيطرون على حقوق الضعفاء بأساليبهم «القذرة».. وهو القانون نفسه الذى يسرى منذ الخليقة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فى الغابة.. «الحيوان الأقوى يأكل الأضعف ولا مجير».. وهو المبدأ ذاته الذى تأسست عليه الإمبراطوريات الظالمة-رعاة البقر أنسب مثال - والتى أبادت حضارة وحياة الآخرين بالفتن وسفك الدماء بأبشع آلات الحرب المحرمة دولياً تحت سمع وبصر كل المنظمات والهيئات الدولية المعنية بحماية حقوق وحياة البشر..كلمةأخيرة.. أخبرنى مصدر خاص أن الأرقام التى تؤكدها الجهات الرقابية عن فساد المحليات بــ«المليارات».. وأكد لى أيضاً أن بعض صغار المسئولين معدومى الضمير فى هذه الوزارة تحديداً –كما هو الحال فى غيرها-يمتلكون ثروات تقترب مما يمتلكه بعض رجال الأعمال.. فما حقيقة هذه المعلومات؟.