رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«بيت المقدس» يستغيث بـ«داعش»


كان رد الأجهزة الأمنية والعـسكريـة للعملية الإرهابيـة الأخيـرة التى استهدفت كمين الصفا الأمنى فى جنوب العـريش، وقصف معسكر الساحة بقذائف الهاون نفسها على الساحة المصرية، هو الأعنف فى إطار عملية «حق الشهيـد» إذ تم تصفية 60 وإصابة 40 من العناصـر الإرهابية، وقد فرضت تفاعلات هذا الرد نفسها على الساحة المصرية، ولا شك فى أن هذا الرد يُمثـل تغـييراً جذرياً وتحولاً نوعـياً كبيراً فى تخطيط وإدارة العمليات لتصفية البؤر الإرهابية، سواء من حيث التوقيت أو التخطيط والتنفيذ، أو فى حجم ونوعية القوة المشاركة، مما أدى إلى كسر إرادة العناصر الإرهابية إلى حد طلبها الاستغاثة من «داعش».

ويُمكن ملاحظة أن توقيت هذا الرد العـنيف يرتبط بإدراك القيادة العـسكرية وتصميمها على ضرورة دحر وكسر إرادة هذه العناصـر قبل أن تتمكن من تكثيف عـملياتها وإفساد الاحتفال بذكرى عـيد تحريـر سيناء المقبل، خاصة أن هاتين العمليتين اتسمتا بدقـة التخطيط واحترافية التنفيذ، وهو ما يُشير إلى استمرار الدعـم الخارجى لها، والذى يتمثل فى انتقاء الأفراد وإعـدادهم نفسياً وذهنياً وبدنياً وصحياً، وتجهيـزهم بالأسلحة والمعـدات والذخائر ثم تدريبهم، والتخطيط الدقيق للتنفيذ، وتوفيـر الحماية عـند تخلصهم من المعـركة، وتحديد خط السير الآمن وصولا ًإلى المأوى المُعـد لإعادة تأهيلهم لتنفيذ مهمة أخرى «غالباً ما يكون قطاع غـزة تحت التأمين الشامل لحماس»، إذ يمكن ملاحظة أن القوة المنفذة كانت تضم عناصر أجنبية وأخرى مصريـة وعناصر من أبناء المنطقة، أما من حيث المكان فـقـد اتخذت الجماعة الإرهابية مناطق تمركزها فى المنطقة التى تشكل مثلثاً قاعـدتـه محصورة بين مدينة رفح والعـريش، ورأسه فى الشيخ زويـد، لتكون قريبة من قطاع غزة، الذى يشكل ملجأً أمناً لها، ويكون مركزاً لإعادة تأهيلهم وتدريبهم.

ويأتى هذا الرد العنيف استكمالاً للإجراءات الجارى اتخاذها والتى تم تنفيذ بعـضها، فقد أُعلنت حالة الطوارئ فى المنطقة المحصورة بين رفح والعـريش على ساحل البحر المتوسط شمالاً، وجبل الحلال جنوباً إلى حدودها السياسية شرقـاً، وتم تشكيل لجنة من كبار قادة القوات المسلحة لتقييم الموقف فى سيناء، وصدَّق القائد الأعلى على خطط العمليات، وبدأت نقل المواطنين القاطنين على الشريط الحدودى طوعاً وإعادة توطينهم فى مناطق أخرى بعـد تعـويضهم، وهو إجراء وقائى لحمايتهم وتجنيبهم الآثار التى قد تترتب على عملياتهاضد الجماعات الإرهابية.

وفى يقينى فإن هذه الإجراءات قد فرضتها الظروف الاستثنائية والحاجة الاستراتيجية الملحة لإحياء المشروع القومى لتنمية سيناء الذى لو تم إنجازه على نحو سليم لأمكن لسيناء الإسهام بقدر كبير فى تعـظيم المقدرة العسكرية والأمنية لمصر على نحو عام والمقدرة الاقتصادية المؤثرة بالسلب على توازن مكانة مصر على نحو خاص، ويمكن إسهامها فى إعادة توزيع السكان وتصحيح اختلال توازن عنصرى الكتلة الحيويــة لسيناء «المساحة والسكان»، فبالرغم من أن مساحة سيناء 61 ألف كم مربع إلا أن عدد سكانها لا يتجاوز 600 ألف نسمة، وهو ما لا يحقق التفاعل السليم بين عـنصرى السكان والأرض من حيث المساحة أو الموارد الطبيعية، مع الوضع فى الاعتبار عـظم ما تمتلكه سيناء من موارد طبيعـية فى قطاعاتـها المختلفة «القطاع الاستخراجى كالزراعة فى السهل الساحلى والثروة المائية على سواحل البحرين المتوسط والأحمر وخليجى السويس والعـقـبـة والـنفـط والفحم، والقطاع الإنتاجى الصناعى الذى يعـتمد على الـتعـديــن فى وسط سيناء، أو القطاع الخدمى الذى يعـتمد على النقل البحرى من ميناءى شرق بور سعـيد والعـريش، ويعـتمد أيضاً عـلىالسياحة فى جنوبها الجبلى وشواطئ خلجانها، وهو ما يساعد على تحقيق الوظائف الرئيسية للتنمية، سواء الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعـية، أو زيادة مساحة القاعـدة الإنتاجية بما يتسق مع تنوع هذه الموارد، وتوفيـر القدر الكافى من فرص العـمل الحقيقـية، أو توزيع المراكز الاقتصادية والأهـداف الاستراتيجيـة فى هذا الاتجاه الاستراتيجى الرئيسى، ويتعـيـن التعامل مع سيناء عـلى أنها وحدة تنموية واحدة لضمان تنميتها وفقاً لمخطط استراتيجى واحد وضم الخطط التنموية لشرق بورسعـيد وشرق الإسماعـيلية وشرق السويس، والمخططات التنموية لمحافظتى شمال وجنوب سيناء ومحافظة وسط سيناء حال إنشائها، مع ربط هذه الخطط ببرامج تمويل وبرامج زمنية واضحة ومحـددة.

وقد ارتبط تنظيم بيت المقدس بتنظيم «داعش» عندما تم إشهار دولة الخلافة الإسلامية، على المناطق المحررة فى شمال سوريا والعـراق، وقام التنظيم بمبايعة أبى بكر البغـدادى القرشى خليفة للمسلمين، ودعا جميع الفصائل الجهادية فى أنحاء العالم بمبايعـته، بعد أن لقبوه بـ«أميـر المؤمنين المفضال الكرار» وسموه أبا بكر الحسينى القرشى البغـدادى نسبة إلى قريش وبغـداد، وكان من بين من بايعوه تنظيم بيت المقدس الذى نسى أن بيت المقدس يقع فى فلسطين المحتلة وليس فى سيناء