رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإصلاح التشريعى


بين الواقع والمأمول يكون الحلم المصرى بوجود تشريعات عصرية ومعبرة عن واقع الشعب المصرى الذى بذل الغالى والنفيس من أجل التغير والتقدم والتطلع إلى مستقبل مشرق لأبنائه، أو أن نرضى أن يظل اﻷمر مجرد خيال وحلم عاجزين عن تحقيقه. ولذلك فإن هذا المقال، يدور بصفة أساسية حول «الإصلاح التشريعى»، وكيف أن مجلس النواب صاحب الاختصاص الأصيل بالتشريع ملزم بتغير البنية التشريعية لكى تتوافق مع الواقع المصرى وتحقق فلسفة وغاية التشريع، وإن كنت أود أن أتسع فى مفهوم التشريع، فالمقصود هنا بالتشريع ما يصدر من قوانين أو مراسيم بقوانين أو لوائح إدارية أو قرارات تنظيمية تصدر إما عن السلطة التشريعية أو عن رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء أو غيرهم من الوزراء ورؤساء الهيئات العامة، وتضع قواعد عامة ملزمة فى حدود ما ينص عليه الدستور والقوانين المختلفة.

بادئ ذى بدء لا ينكر أحد مدى أهمية الإصلاح التشريعى مجملاً، وكيف أن البلاد محاطة بغابة من التشريعات لم يتم تهذيبها من وقت طويل _ رغم محاولة وزارة العدل على استحياء فى الجانب الاقتصادى تارة أو جانب الأسرة _ مما قد يؤدى إلى منع المرور جزئياً بل لا أكون متجاوزاً للحد، إن قلت انه يؤدى إلى منع المرور كلياً _بالبلاد إلى المستقبل المشرق، الذى نتطلع إليه، ونريده جميعا لبلادنا بعد ثورتين عظيمتين. ولا ينكر أحد كذلك وكما قيل لى _ من بعض فقهاء القانون _إن هذا «عش الدبابير» وبيت القصيد، بل لا أعتقد أنه يوجد مسئول بداية من رئيس الدولة إلى أقل مسئول فى الدرجة الوظيفية، يخدم هذا البلد بإيمان واقتناع، دون أن تكون له منظومة تشريعية كاملة ومتكاملة ومتطورة «أتطمع أن ترى غرساً، وتهفو إلى ثمراته قبل الغراس».

إن المجتمع المصرى لا يختلف عن غيره من المجتمعات المتحضرة فى أن يكون التشريع هو أحد أهم أدواته فى إجراء تحولاته الكبرى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولكى نحدد معالم الطريق إلى المستقبل لابد أن يقوم التشريع بدور حاسم فى اتجاهين: الاتجاه الأول: إرساء القواعد التشريعية الكفيلة بفتح آفاق العبور إلى المستقبل، بلا عقبات أو عوائق تتعثر معها خطى هذا العبور وحتى يكون القانون قادراً على استشراف المستقبل. والاتجاه الثانى: أن تكون هناك إعادة كلية وليست جزئية لجميع التشريعات يرتبط معها الواقع بالحلم.

إن جسامة هاتين المهمتين أبرزت الضرورة العلمية والعملية فى أن يكون الإصلاح التشريعى المنشود هو إصلاح خاضع لتخطيط دقيق يقوم على ركيزتين إحداهما موضوعية تستمد كيانها من ضبط حدود وأبعاد وأولويات الإصلاح، والثانية زمنية تتعلق بتحديد دقيق للإطار الزمنى الذى يجب أن ينجز فيه الإصلاح التشريعى..حمى الله مصر وحفظ شعبها وجيشها.