رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الواقع العربى.. والحرص على الرئيس


لا شك فى أن قلبَ كلِ وطنىٍ مخلصٍ يعتصر ألماً وحزناً وهو يتابعُ حالَ الدول العربيةويقرأُ بامعانٍ توجهاتِ قادتها ويستشرف بوعىٍ مصيرَ هذه الأمة إذا استمر حالها على ما هو عليه. وكمُدخَلٍ لحديث اليوم أجد من الملائم أن نُذكّر ببعض الحقائق التى صارت واضحةً ومعلومةً للجميع وهى بايجازٍ كالتالى: «1» أن هناك مخططاً آثماً أعدته وتنفذه الولايات المتحدة الأمريكية وشركاؤها تحت مسمى «الشرق الأوسط الجديد» يستهدف تدمير الدول العربية واستلاب ثرواتها واعادة تقسيمها من جديد، من منطلق أيديولوجى استعمارى عنصرى. «2» استحدث أصحاب ذلك المخطط آليةً ارهابيةً لتنفيذ مخططهم سموها «الفوضى الخلاقة»، ثم استخدموها فى الدول العربية وابتدعوا لها تسمية ثورات الربيع العربى. «3» إذا كانت مصر بحضارتها وعبقرية شعبها قد استطاعت أن توقف أو تعرقل تنفيذ ذلك المخطط، فإنها لم تسقطه نهائياً، وبالتالى فإن أصحابه مازالوا يعملون بكل امكانياتهم السياسية والعسكرية والاقتصادية لاستكمال تنفيذه، وبالطبع فإن مصر تقع فى قلب المستهدف بهذا المخطط.

نأتى إلى موقف الدول العربية وأنظمتها الحاكمة تجاه ذلك المخطط منذ أُعلن عنه وحتى الآن، فنجد أن بعضاً منها استجاب مبكراً وبادر طواعيةً بتحقيق ما يهدف إليه ذلك المخطط الآثم على أرضه، فكان تقسيم دولة السودان مثلاً إلى دولتين والثالثة فى الطريق. وهناك عدةُ دولٍ انكسرت شوكتها وانهارت قواها وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من تنفيذ أهداف المخطط على أراضيها، وذلك كحال ليبيا وغيرها. وهناك عدةُ دولٍ أخرى ذات استقرارٍ هش وملاءةٍ عارضة، فضلت أنظمةُ حكمها الرضوخَ بشكلٍ أو بآخر للهيمنة الأمريكية، واتخذت من المواقف فى السر والعلن ما يخدم ذلك المخطط اللعين ويساعد على تنفيذه، ظناً خاطئاً منها بأن ذلك الرضوخ والاستسلام المهين سيمنع تنفيذ المخطط على أراضيها ويجنبها ويلات المواجهة ويحافظ على مصالحها الشخصية المرهونة بيد الغرب. يبقى من بين الدول العربية دولتان فقط وهما مصر وسوريا اللتان قررتا بوعىٍ وشجاعةٍ التصدى لذلك المخطط وخوض الحرب المقدسة دفاعاً عن وجودهما.

وما زالت الدولتان صامدتين فى هذه الحرب الشرسة، رغم بعض التباين بينهما، فسوريا لم تُحسن تقدير وادارة وتوجيه الأحداث فى بادئ الأمر حتى فقدت كثيراً من أوراق اللعب على أرضها، ثم بدأت فى استعادة توازنها وامتلاك زمام المبادأة خاصةً بعد الدعم الخارجى المباشر، فى حين أن مصر أدارت أزمتها من البداية بحنكةٍ حضاريةٍ ولم تفقد توازنها بفضل عبقرية شعبها وقوة جيشها واحترافيته دون أى مساعدةٍ خارجية. كما أن سوريا اضطرت للانشغال فقط بحربها الشرسة ضد جحافل الشر من كل حدبٍ وصوب، فى حين أن مصر تخوض ذات الحرب دفاعاً عن وجودها أيضاً، ولكن بالتوازى مع خوضها ملحمة الاصلاح واعادة بناء الدولة. وأخيراً فإن سوريا أصبحت مسرحاً لتحارب وصراع كثيرٍ من القوى الدولية بما يقوض من قدرتها على الحسم، فى حين أن مصر مازالت ولله الحمد تملك سيادتها كاملةً على أرض الواقع.

من هذه القراءة نستطيع الجزم بأن العداء الأمريكى الغربى لنظامى الحكم فى سوريا ومصر ليس عداءً شخصياً وإنما هو عداءٌ استراتيجى وسيظل قائماً بُغيةَ اسقاطهما، لأن التخلص منهما هو السبيل الوحيد لتنفيذ المخطط على أرضهما واستكمال تنفيذه على بقية الأرض العربية. ومن المعروف أن الآلية الارهابية التى تنتهجها تلك القوى المتآمرة لاسقاط النُظم، قد تكون باغتيال رمز الحكم أو بتفتيت الظهير الشعبى الذى يؤازره، وهذه الآلية الأخيرة بدت بوادرها فعلاًبالدعوات المغرضة التى أطلقتها بعض الشراذم السياسية، وبمنهج الإثارة والفتنة والتحريض الذى تتبناه بعض وسائل الاعلام. لذلك علينا فى ظل هذا المناخ السياسى البغيض أن ندرك بوعىٍ وضميرٍ وطنى أهمية حماية الرئيس والحرص عليه ومؤازرته وتعضيده، فذلك من ضرورات أمن مصرالقومى فى هذه المرحلة التاريخية الفارقة. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل،،

■ كاتب