الواقع العربى.. والحرص على الرئيس
نأتى إلى موقف الدول العربية وأنظمتها الحاكمة تجاه ذلك المخطط منذ أُعلن عنه وحتى الآن، فنجد أن بعضاً منها استجاب مبكراً وبادر طواعيةً بتحقيق ما يهدف إليه ذلك المخطط الآثم على أرضه، فكان تقسيم دولة السودان مثلاً إلى دولتين والثالثة فى الطريق. وهناك عدةُ دولٍ انكسرت شوكتها وانهارت قواها وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من تنفيذ أهداف المخطط على أراضيها، وذلك كحال ليبيا وغيرها. وهناك عدةُ دولٍ أخرى ذات استقرارٍ هش وملاءةٍ عارضة، فضلت أنظمةُ حكمها الرضوخَ بشكلٍ أو بآخر للهيمنة الأمريكية، واتخذت من المواقف فى السر والعلن ما يخدم ذلك المخطط اللعين ويساعد على تنفيذه، ظناً خاطئاً منها بأن ذلك الرضوخ والاستسلام المهين سيمنع تنفيذ المخطط على أراضيها ويجنبها ويلات المواجهة ويحافظ على مصالحها الشخصية المرهونة بيد الغرب. يبقى من بين الدول العربية دولتان فقط وهما مصر وسوريا اللتان قررتا بوعىٍ وشجاعةٍ التصدى لذلك المخطط وخوض الحرب المقدسة دفاعاً عن وجودهما.
وما زالت الدولتان صامدتين فى هذه الحرب الشرسة، رغم بعض التباين بينهما، فسوريا لم تُحسن تقدير وادارة وتوجيه الأحداث فى بادئ الأمر حتى فقدت كثيراً من أوراق اللعب على أرضها، ثم بدأت فى استعادة توازنها وامتلاك زمام المبادأة خاصةً بعد الدعم الخارجى المباشر، فى حين أن مصر أدارت أزمتها من البداية بحنكةٍ حضاريةٍ ولم تفقد توازنها بفضل عبقرية شعبها وقوة جيشها واحترافيته دون أى مساعدةٍ خارجية. كما أن سوريا اضطرت للانشغال فقط بحربها الشرسة ضد جحافل الشر من كل حدبٍ وصوب، فى حين أن مصر تخوض ذات الحرب دفاعاً عن وجودها أيضاً، ولكن بالتوازى مع خوضها ملحمة الاصلاح واعادة بناء الدولة. وأخيراً فإن سوريا أصبحت مسرحاً لتحارب وصراع كثيرٍ من القوى الدولية بما يقوض من قدرتها على الحسم، فى حين أن مصر مازالت ولله الحمد تملك سيادتها كاملةً على أرض الواقع.
من هذه القراءة نستطيع الجزم بأن العداء الأمريكى الغربى لنظامى الحكم فى سوريا ومصر ليس عداءً شخصياً وإنما هو عداءٌ استراتيجى وسيظل قائماً بُغيةَ اسقاطهما، لأن التخلص منهما هو السبيل الوحيد لتنفيذ المخطط على أرضهما واستكمال تنفيذه على بقية الأرض العربية. ومن المعروف أن الآلية الارهابية التى تنتهجها تلك القوى المتآمرة لاسقاط النُظم، قد تكون باغتيال رمز الحكم أو بتفتيت الظهير الشعبى الذى يؤازره، وهذه الآلية الأخيرة بدت بوادرها فعلاًبالدعوات المغرضة التى أطلقتها بعض الشراذم السياسية، وبمنهج الإثارة والفتنة والتحريض الذى تتبناه بعض وسائل الاعلام. لذلك علينا فى ظل هذا المناخ السياسى البغيض أن ندرك بوعىٍ وضميرٍ وطنى أهمية حماية الرئيس والحرص عليه ومؤازرته وتعضيده، فذلك من ضرورات أمن مصرالقومى فى هذه المرحلة التاريخية الفارقة. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل،،
■ كاتب