رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دروس فى الوطنية للشبيبة المصرية


انتهت الانتخابات على خير وتم تشكيل مجلس نيابى على أسس من الحرية والنزاهة كما صرح كثير من المراقبين الدوليين، ولكن هناك ظاهرة رددتها معظم وسائل الإعلام وهى عزوف الشباب عن الذهاب إلى لجان الانتخاب للإدلاء بصوته فى صناديق الانتخابات وتأدية واجبه الوطنى، وفسر الكثير من المعلقين أن انصراف الشباب عن أداء واجبه الوطنى نتيجة أن التنشئة الاجتماعيةلم تتم على الوجه الأكمل، فالهم الأكبر للأسر المصرية هو توفير المأكل وما تعانيه من الحصول عليه، وتدبير الملبس ثم اللهاث وراء التعليم سواء فى المدارس الحكومية أو الخاصة وفى مراكز الدروس الخصوصية وغيرها من طرق التدريس المختلفة، نسيت هذه الأسر الجلوس مع الأبناء والتحدث معهم فى أمور الوطن، فتركته لأجهزة الحاسوب يتجول خلالها بين الغث والثمين، ويجلس بالساعات أمام شاشته، وهوس «الفيس بوك» وينسى حتى أبسط واجباته الأسرية، فهو فى عزلة اختيارية بحجرته، وكل همه هو أن ينجح فى التواصل مع هذا وهذه، من خلال « الشات» التى تفعل فعلها فى عقول الشباب فتخدر فكره، وينسى الوطن وقضاياه والأسرة وأفرادها، وأهمل كثير من الشباب التزود بالثقافة والتذوق الفنى، فلم تعد الثقافة وروافدها تجذبه، وركب السهل، فهو إما فى سياحة مع الرفقاء ومع «المزة» وهذا نوع من الكسل ينطلق من الجهل وإغفال حق الوطن، وتحججتم بعدم معرفة المرشحين وكثرة عددهم وكان من الممكن الذهاب من أجل سمعة الوطن واختيار الأنسب كما فعلت معظم السيدات وكبار السن فوطنيتهم عادلت خبرتهم، واعتقد بعض الشباب أن الانتخابات محسومة مقدما، قبل ذهابهم إلى لجان الانتخاب والتأكد من ذلك، وأريد أن أقدم قدوة حسنة من شباب الوطن، وهم الشباب المجند والواقف على خط النار ليل نهار فى الحر والبرد وابتسامتهم تعلو شفاههم، يحمى حدود وطنه شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا، وعيونه لا تغفل تتجول يمينا وشمالا حتى لا يفلت منهم خائن أو جاسوس أو متسلل، ويتلقون بصدورهم الرصاص دفاعا عن وطنهم الغالى. وأذكر هنا شابا، عندما يذكر اسمه يقترن بعشقه لمصر وهو الزعيم المعجون بالوطنية «مصطفى كامل» المولود عام 1874، ففى العشرين من عمره وبعد تخرجه فى كلية الحقوق كتب الى أخيه يقول له «إنه التحق بهذه الكلية للدفاع عن حقوق الشعب المصرى أمام العالم، وسافر فى هذه السن الصغيرة إلى باريس للدفاع عن القضية المصرية والمطالبة بجلاء بريطانيا عن مصر، واستطاع عن طريق كتابة المقالات فى الصحافة الفرنسية الدفاع عن حق المصريين فى مواجهة الاحتلال، وبالنسبة للداخل فقدنشر مقالاته فى جريدة «الأهرام» منددا بالاحتلال البريطانى لمصر، ولم يكتف بذلك، بل أصدر جريدة «اللواء» باللغتين الفرنسية والإنجليزية عام 1900 ليسمع صوت مصر فى الخارج،كما أنشأ الحزب الوطنى عام 1907 من أجل التفاف المصريين حول فكرة تحرير وطنهم».

■ عضو اتحاد المؤرخين العرب