رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز يكتب: نبوءة العارف.. كيف بدأت المواجهة بين السيسي والإخوان؟

محمد الباز
محمد الباز

الشاطر هدد السيسى بـ«آلاف المسلحين» فى اجتماع عُقد فى ٢٥ يونيو ٢٠١٣
السيسى قال لـ«الكتاتنى»: الشعب سيخرج فى ٣٠ يونيو سواء أصدرنا بيان تحذير أو لا
محمود عزت طلب من مرسى إلغاء دعوة الجيش للحوار الوطنى



التعبير الأدق عن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو المواطن المطلوب رقم واحد فى مصر، فما فعله منذ ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وحتى الآن، يجعله منتهى أمل كثيرين، من يحبونه يريدونه ليكمل طريقه معهم، ومن يكرهونه يطلبون رأسه، فحلمهم الأكبر هو إزاحته عن طريقهم، حتى يدخلوا المدينة مرة أخرى آمنين.

هذه كتابة بالنسبة لى حرة تمامًا، قد يكون عبدالفتاح السيسى هو عمودها الفقرى، لكنك ستكتشف أننا نكتب عن مصر فى أصعب سنواتها وأكثرها إرهاقًا، يمكن أن تجد نفسك فيها، فجميعنا كنا أبطال هذه السنوات.. لكنه كان وحده، وبكلمة القدر، الذى قاد الجميع إلى أرض لم يكن ليتوقعها أحد.
هذه الحلقات يُمكن أن تجعلك تفهم السيسى أكثر، هنا تختلط المعلومات بالوقائع، والتحليل بالرأى، قد تقابلك أشياء تسمع عنها للمرة الأولى.. لا تنزعج ونحن نكتب من تحت جلد الرئيس، فهذه كتابة ليست من أجل الرئيس، ولكنها من أجل التاريخ.

هناك أيام تصنع الرجال.. وهناك رجال يصنعون الأيام.
إذا أردت دليلًا على صدق ما أقوله، فتأمل الحالة التى عاشها وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى من ٢٣ يونيو وحتى ٣ يوليو ٢٠١٣.
نحن الآن فى مسرح الجلاء، القوات المسلحة تعقد ندوتها التثقيفية الخامسة، انتهى القسم الأول من الندوة التى تحدث فيها كل من السيد أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية السابق، والكاتب والمفكر السياسى الدكتور عبدالمنعم سعيد.
فى فترة الاستراحة جلس عبدالفتاح السيسى مع عدد من قيادات الجيش على رأسهم الفريق صدقى صبحى، رئيس الأركان وقتها، وكان من بينهم الفريق عبدالمنعم التراس، قائد قوات الدفاع الجوى، ومجموعة من الكتاب والمثقفين والسياسيين.
اقترب «التراس» من عبدالفتاح السيسى، وقال له: لقد استمعت لأحد العارفين بالله يقول إن البلاد فى حالة فتنة، ودرء الفتنة واجب على كل مسلم، ومن بيده الأمر أوْلى بدرء الفتنة، ومن بيده القوة آثم إن لم يتدخل لدرء الفتنة.
التفت السيسى إلى ما قاله التراس، سأله عن اسم هذا العارف، همس له به، فلم يسمعه غيره، ابتسم السيسى ابتسامة من يقول إنه يعرف هذا العارف بالله جيدًا، ويثق فى رأيه وكلامه.
ما الذى استقر فى وجدان السيسى وقتها؟
ما الذى قرر أن يقوم به؟
هل اعتبر ما قاله عبدالمنعم التراس رسالة قدرية، تُحدد له دورًا لا بد أن يفعله، فهو تحديدًا من يدير القوة التى يملكها الشعب المصرى، وإذا كان لأحد أن يتحرك، فلا بد أن يتحرك هو على الفور.
فى القسم الثانى من الندوة التثقيفية، لم يتحدث السيسى فقط، لكنه ألقى بيانًا اتفق عليه قادة القوات المسلحة، وإذا أردنا أن نحدد نقطة صلبة تحركت منها الثورة المصرية فى اتجاه الانتصار على الإخوان ورئيسهم، فهى النقطة التى تم فيها تحرير هذا البيان.
ركّز السيسى فى بيانه على نقاط محددة، صاغها بدقة وعناية:
أولًا: القوات المسلحة على وعى كامل بما يدور فى الشأن العام الداخلى دون المشاركة أو التدخل، لأنها تعمل بتجرد وحياد تام، وولاء رجالها لمصر ولشعبها العظيم.
ثانيًا: القيادة العامة للقوات المسلحة منذ توليها المسئولية فى أغسطس من العام ٢٠١٢ أصرت على أن تبتعد عن الشأن السياسى وتفرغت لرفع الكفاءة لأفرادها ومعداتها، وما تم من إنجازات خلال الثمانية أشهر السابقة يمثل قفزة هائلة.
ثالثًا: هناك حالة من الانقسام داخل المجتمع، استمرارها يمثل خطرًا على الدولة المصرية ولا بد من التوافق بين الجميع.
رابعًا: يخطئ من يعتقد أن القوات المسلحة تعيش فى معزل عن المخاطر التى تهدد الدولة المصرية، ولذلك لن تظل صامتة أمام انزلاق البلاد فى صراع تصعب السيطرة عليه.
خامسًا: علاقة الشعب والجيش أزلية، وهى جزء من أدبيات القوات المسلحة تجاه شعب مصر، ويخطئ من يعتقد أنه يستطيع بأى حال من الأحوال الالتفاف حول هذه العلاقة أو اختراقها.
سادسًا: إرادة الشعب المصرى هى التى تحكم القوات المسلحة، وقادتها مسئولون مسئولية كاملة عن حماية هذه الإرادة، ولا يمكن أن يسمح الجيش بالتعدى عليها، وإنه ليس من المروءة أن يصمت رجال القوات المسلحة أمام تخويف وترويع أهلهم المصريين.
سابعًا: الشعب المصرى هو الوعاء الحاضن لجيشه، والقوات المسلحة لن تقف صامتة بعد الآن تجاه أى إساءة قادمة توجه إليها، فالجيش المصرى كتلة واحدة صلبة ومتماسكة وعلى قلب رجل واحد يثق فى قيادته وقدرتها.
ثامنًا: الجيش المصرى تجنب الدخول فى المعترك السياسى، إلا أن مسئوليته الوطنية والأخلاقية تجاه الشعب تحتم عليه التدخل لمنع انزلاق مصر فى نفق مظلم من الصراع أو الاقتتال الداخلى أو التجريم أو التخوين أو الفتنة الطائفية أو انهيار مؤسسات الدولة.
كانت الرسالة الأساسية التى أراد السيسى أن يؤكد عليها من خلال هذا البيان أنه لا أحد يستطيع المساس بشعب مصر طالما أن الجيش موجود، ولا أقول ذلك على سبيل الفهم لما بين سطوره، فهو قال هذا نصًا فى بيانه: الموت أشرف لنا من أن يُمس أحد من شعب مصر فى وجود جيشه.
كان لا بد من تحرك يفوق البيان رغم قوته ووضوحه، فلم يختم السيسى بيانه إلا بعد أن قال: إن القوات المسلحة تدعو الجميع، دون أى مزايدات، لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها، ولدينا من الوقت أسبوع يمكن أن يتحقق فيه الكثير، وهى دعوة متجردة إلا من حب الوطن وحاضره ومستقبله.
بدا الأمر واضحًا لا يقبل لبسًا ولا تأويلًا.
القوات المسلحة التى ترى أن الوطن على وشك الانهيار بسبب ممارسات جماعة الإخوان ورئيسها، تمنح الجميع سبعة أيام، فرصة أخيرة كى يتراجع الجميع عن حالة الشد والجذب، ولأن الإخوان كانوا فى السلطة، فقد ألقى البيان بالمسئولية الأكبر عليهم ضمنيًا، لأنهم لا بد أن يتحركوا ويستوعبوا ما يحدث فى الشارع.
من هذه اللحظة بدأت عجلة التاريخ فى الدوران فى اتجاه آخر، وهو ما لم يدركه الإخوان المسلمون، فواصلوا غيّهم، وبدلًا من أن يستوعبوا ما أرادته القوات المسلحة، تعاملوا مع البيان وكأنه موجه إلى المعارضة التى هى ليست إلا رد فعل على ما يفعله النظام.
حاولت الجماعة سرقة الضوء، فبدأت التسريبات الإعلامية القادمة منها تشير إلى أن بيان القوات المسلحة كان متفقًا عليه بين محمد مرسى وعبدالفتاح السيسى، حتى توحى للجميع أن الأمور تحت السيطرة، وهو ما سارعت مصادر عسكرية إلى نفيه وتكذيبه تمامًا، والدليل أن مرسى لم يلتق بالسيسى يومهًا إلا فى الساعة الخامسة مساء، أى بعد أن انتهت أعمال الندوة بأكثر من ساعتين.
يومها كان السيسى صريحًا مع مرسى.
حذر الرئيس الإخوانى من خطورة هذا البيان، وقال إن الجماعة ترفضه، تحتج عليه، تعتبره انحيازًا للشعب الذى أعلن غضبه، ويستعد للتظاهر فى ٣٠ يونيو.
ورأى السيسى أن البيان لم يكن إلا ترجمة لدور وموقف القوات المسلحة، فالجيش لا يمكنه الوقوف صامتًا أمام ما يحدث، ثم إنه لن يتدخل ولن ينحاز ولكنه يدعو الجميع إلى كلمة سواء، وقبل أن يمضى السيسى تاركًا مرسى وحيدًا، نصحه بأن يستجيب لمطالب الناس.. وأشار إلى إمكانية إجراء انتخابات رئاسية مبكرة حتى يهدأ الشارع.
كانت جماعة الإخوان المسلمين تعرف جيدًا أن مرسى لن يقدر لا على إقناع السيسى بشىء، ولا على التأثير فيه حتى يتراجع عن بيانه، أو على الأقل يُصدر بيانًا آخر يخفف فيه من حدة لهجته، ويلغى مهلة الأسبوع التى منحها الجيش للجميع، فقرر أعضاء مكتب الإرشاد بعد اجتماع طارئ وموسع عقدوه فى نفس يوم صدور البيان أن يوفدوا من يعتقدون أنه رجل الجماعة القوى لمقابلة السيسى عله يؤثر فيه.
كانت الجماعة تعتقد أن المواجهة التى ستحدث بين عبدالفتاح السيسى وخيرت الشاطر يمكن أن تصب فى مصلحة الجماعة ورئيسها، لكنهم لم يقدروا ما قدرته الأقدار.
فى صباح ٢٤ يونيو ٢٠١٣، تقدم سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة، بطلب إلى مكتب وزير الدفاع لتحديد موعد لقاء، وأكد فى طلبه أنه سيصطحب معه خيرت الشاطر.
وقد تسأل على الأقل من باب الفضول، ولماذا لا يتقدم خيرت الشاطر بنفسه ليطلب اللقاء من السيسى؟
سأقول لك ببساطة، لأن خيرت الشاطر لم تكن له أى صفة سياسية يمكن أن يقابل بها وزير الدفاع، كان وقتها نائبًا لمرشد جماعة الإخوان، والدولة المصرية بمؤسساتها المختلفة لا تعترف بشىء اسمه جماعة الإخوان، لكنها تعترف بحزب الحرية والعدالة، ولذلك دخل خيرت إلى مكتب السيسى فى بطن الكتاتنى، ودون ذلك ما كان له أن يدخل.
تحدد موعد اللقاء فى اليوم التالى مباشرة ٢٥ يونيو ٢٠١٣، وأعتقد أن هذا اليوم يمكن أن يكون يومًا آخر من أيام التاريخ، فقد كانت المواجهة التى جرت بين السيسى وخيرت الشاطر، وحكاها وزير الدفاع بعد ذلك، تأكيدًا على أن الإخوان جماعة لا شأن لها بالسياسة، وأنها مجرد جماعة إرهابية لا تعرف إلا لغة القوة والتهديد بها.
لما يقرب من ٤٥ دقيقة جلس السيسى يستمع صامتًا لما جاء به خيرت.
قال إن مكتب الإرشاد غاضب من بيان التحذير الذى أصدره الجيش.
وقال إن البلاد تتعرض لمؤامرة خطيرة تشارك فيها قوى داخلية وخارجية، وهناك مؤسسات فى الدولة تساعد وتسعى إلى نشر الفوضى.
وقال إنه يعز عليه وعلى جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة أن يصدر بيان هو أقرب إلى الإنذار ضد رئيس الدولة الشرعى، ويمنحه سبعة أيام لإنهاء الأزمة، فى وقت تعرف فيه القوات المسلحة من هو السبب وراء الأزمة، والتصعيد الذى تشهده البلاد.
بدا لخيرت الشاطر- الذى علا صوته فطلب منه وزير الدفاع أن يهدأ لأنه لن يقبل بأن يعلو صوت أحد فى مكتبه- أن السيسى لا يهتم بما يقوله، لأنه يخالف الواقع، فلجأ إلى ما اعتقد أنه يمكن الحل الأخير مع الجيش.
بدأ نائب المرشد فى التهديد الواضح والمباشر.
قال الشاطر: نحن حتى الآن نلتزم الهدوء، وطلبنا من عناصرنا التحلى بالصبر حرصًا على أمن البلاد، ولكن الناس لن تسمع كلامى بعد ذلك، وهى ترى المؤامرة تنفذ والجيش يحذّر والشرطة تشجع.
زاد الشاطر على ما قاله ما يمكن اعتباره كشفًا عن جيشه الذى أعده للمواجهة، قال: أنت تعرف يا سيادة الوزير أن مصر بها آلاف الآلاف من المسلحين الإسلاميين دخلوا البلاد فى فترة الثورة وما بعدها، وتعرف أن لديهم أسلحة ثقيلة جاءت إليهم من ليبيا وغيرها، ولا أحد يستطيع السيطرة على هؤلاء، وقد جاءتنى معلومات موثقة أن هؤلاء لن يقفوا مكتوفى الأيدى وهم يرون المؤامرة تنفذ.
وجه السيسى، الذى لم يتفاعل مع ما قاله خيرت الشاطر حتى هذه اللحظة، جعل القيادى الإخوانى يخرج من التحذير العام إلى التحذير الخاص.
قال خيرت مواجهًا السيسى شخصيًا: أرجوك ألا تنسى أن الرئيس مرسى هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأن بإمكانه اتخاذ أخطر القرارات، وهو رئيس له رصيده الشعبى الكبير، كما أن المجتمع الدولى وأمريكا لن يتركا الأمور تمضى كما يريد البعض، بل سيدافعان عن الشرعية بكل ما يملكانه، ونحن لا نريد أن نفتح الأبواب أمام تدخل دولى فى شئون مصر، ولكن من يظن أن أمريكا والغرب سيظلان صامتين أمام أى محاولة للانقلاب على الشرعية فهو واهم، ولذلك أطلب منك أن تسحب هذا الإنذار، وأن تحمى الشرعية وتحافظ على استقرار البلاد.
ألقى خيرت الشاطر بكل مدفعيته مرة واحدة، لم يقاطعه السيسى، وفى الوقت نفسه لم يشعره بردة فعله، فقد كان يختزن كل غضبه الذى ألقاه فى وجه هذا الذى يهدد الجيش المصرى فى مكتب وزير الدفاع.
لخص السيسى ما لديه فى نقاط محددة، قالها لخيرت الشاطر:
أولًا: إذا كان هناك مسئول عن الأحداث التى تشهدها البلاد فهو أنتم، بعد أن أصدرتم الإعلان الدستورى الذى دفع البلاد إلى مرحلة خطيرة، فكان بمثابة إعلان فتنة.
ثانيًا: عندما حاولت القوات المسلحة أن تدعو إلى مائدة حوار بين الجميع رفضتم ذلك، بعد أن تحدث محمود عزت مع الرئيس مرسى وطالبه بإلغاء الحوار، ولم تكن أنت مشجعًا على هذا الحوار أيضًا.
ثالثًا: التحذير الأخير هدفه حث الجميع، وأولهم الرئيس على إنقاذ الموقف قبل ٣٠ يونيو، وذهبنا له يوم ٢٢ يونيو، وقلنا له إن القوات المسلحة لن تسكت وستطالب جميع الأطراف بضرورة حل الأزمات المتلاحقة قبل الانفجار.
رابعًا: نحن لا نتهدد، وأرفض اللغة التى تتحدث بها معى، وأرجو ألا أسمع هذا الكلام منك أو من غيرك مرة أخرى.
خامسًا: يؤسفنى أن أقول لكم إنكم وضعتمونا أمام خيار من اثنين يا إما تقتلونا يا إما تحكمونا، وهذا منطق مرفوض.
لم يكن السيسى هادئًا وهو يتحدث، العبارات التى أضعها أمامكم لا تشى بالحالة التى كان عليها، بعد أن انتهى خيرت الذى تحدث بأداء تمثيلى بحت، رافعًا يديه فى إشارة التصويب، مهددًا بأن الإسلاميين المسلحين لن يصمتوا، هنا تحول وزير الدفاع إلى شخص آخر تمامًا، وربما فوجئ به عدد من مساعديه، لقد تحول، على وصف بعضهم، إلى أسد فى وجه أوغاد جاءوا ليحذروا الجيش المصرى فى بيته.
تدخل سعد الكتاتنى ليمتص طاقة الغضب التى ملأت المكان، لكنه دخل بها إلى مساحة جديدة، عندما قال للسيسى إن هناك مؤامرة تحاك ضد الشرعية.
التقط السيسى الخيط ليضع الأمور فى نصابها، ربما للمرة الأخيرة أمام من لا يريدون أن يفهموا حقيقة الوضع، قال موجهًا كلامه هذه المرة للكتاتنى وخيرت الشاطر معًا: المؤامرة فى أذهانكم أنتم، هذا شعب مسالم، لكنه ضج من الاستهانة به، انتظر الرخاء على أيديكم، فإذا به يواجه القتل والمرض والجوع والخراب، انتظر بناء الدولة، فإذا به أمام حكم الجماعة، وأمام رئيس لا يخاطب سوى أنصاره من الجماعة والإسلاميين، ونسى أن هناك شعبًا كاملًا.
أمسك السيسى مرة أخرى بخيط الكلام، الذى جاء الإخوان يسوقونه أمامه، قال لهم: نحن لا نخاف من أحد، ولسنا طامعين فى السلطة ولا نريد العودة للمشهد السياسى مرة أخرى، وكفانا ما لاقيناه من إهانة منذ ثورة ٢٥ يناير، وكنا نعرف مَنْ الذى يحرك ومَنْ الذى يحرّض، وظننا أنه بوصولكم للسلطة ستتعاملون مع الشعب والجيش بشكل مختلف، ولكن ذلك لم يحدث.
اقتحم السيسى قلب المشكلة، موجهًا كلامه للكتاتنى: أنا لا أعرف عن أى استقرار يتحدث المهندس خيرت الشاطر وأنتم فى مشاكل مع الجميع، القضاء والشعب والشرطة والجيش، ماذا تريدون بالضبط، حلوا مشاكلكم مع كل هؤلاء تنتهى الأزمة.
قال الكتاتنى دون أن يفكر: نريد الحل.
لم يلتفت السيسى لما قاله الكتاتنى، كان يعرف أنه ليس حقيقيًا، فحتى لو أرادت الجماعة أن تحل الأزمة، فهى تريد حلها على طريقتها الخاصة وبما يرضيها هى، وليس بما يرضى جميع الأطراف.
قال السيسى بما يشبه النبوءة، لموفدى الجماعة إليه: الشعب سيخرج فى ٣٠ يونيو، سواء أصدرت القوات المسلحة تحذيرها أو لم تصدر، وأنا أحذّر من الغضب القادم، وأصدرنا بيان القوات المسلحة لإبراء الذمة أمام الجميع، ونحن لن نسمح أبدًا بسقوط الدولة أو إذلال الشعب، ولن يجرؤ ضابط أو جندى على أن يوجه الرصاص إلى صدور المصريين، لن يكون هناك حل أمنى ولن نسمح به أبدًا، وجيش مصر سيحمى شعب مصر، وأنا أحذّر أيضًا من تهديدات الأخ خيرت الشاطر باستخدام الميليشيات ضد الجيش أو الشرطة أو الشعب، أقسم بالله العظيم أن أولادنا حياكلوهم ويقطعوهم لو فكروا يعتدوا على الشعب المصرى.
حاول الكتاتنى استيعاب الموقف كله والخروج منه بنتيجة، بعد أن التزم الشاطر الصمت التام والسيسى يتحدث، ووعد الكتاتنى السيسى بأن تبحث الجماعة عن حل، قال له: نحن فى الانتظار.
خرج الشاطر والكتاتنى من مكتب وزير الدفاع إلى مكتب الإرشاد، لتتوالى الأحداث العاصفة.