جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

"رؤساء مصر وسد النهضة": "ناصر" هدد الإمبراطور الإثيوبي.. "السادات ومبارك": "لو اضطررنا لدخول حرب بسبب المياه سنفعل".. والسيسي: "عمري ما هضيعكم"

جريدة الدستور

مع كل أزمة تتعرض لها مصر، كانت أثيوبيا على الموعد، لتنفيذ مخططها بإنشاء سد على النيل، فمع قيام ثورة 23 يوليو عام 1952، فتحت أديس أبابا ملف بناء السد، لكن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ومع كل أزمة كانت تمر بها مصر، تعاود أثيوبيا فتح ملف بناء السد.
في هذا التقرير، نستعرض كيف تعامل الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم مصر، إزاء رغبة أثيوبيا في بناء سد على النيل منذ خمسينيات القرن الماضي.
جمال عبدالناصر والنهضة
عندما عزمت إثيوبيا إنشاء سد النهضة، أرسل عبدالناصر خطابًا للإمبراطور الأثيوبي، في الأول من نوفمبر عام 1953 وجاء نصه: «من ناصر إلى هيلاسلاسى: القيادة العامة المصرية تحية عطرة.. النيل يعنى مصر وباسم مصر ورئيسها وجيشها العظيم نطالبكم بوقف أعمال بناء «سد تيس أباى» فورا وقد نمى إلى علمنا أنكم تشيدونه على نهر النيل دون إخطارنا، وأن ارتفاعه يبلغ 112.5 متر لتوليد طاقة كهربائية قدرتها 100 ميجا ".
فلم يكن إلا أن الرئيس الأمريكي أيزنهاور، إلا أن نصح سيلاسى بألا يستهين بتهديدات عبدالناصر، فتراجع إمبراطور إثيوبيا ورضخ لرغبة مصر وقلل ارتفاع السد من112 مترًا إلى 11 مترًا فقط.
السادات
حين أعلن السادات عزمه مد مياه النيل إلى سيناء عام ١٩٧٩ لاستصلاح ٣٥ ألف فدان، أعلنت أثيوبيا عن غضبها الشديد، التي عارضت المشروع بشدة وقدمت شكوى رسمية ضد مصر سنة ١٩٨٠ إلى منظمة الوحدة الإفريقية، ووجه «السادات» تحذيرًا شديد اللهجة إلى إثيوبيا إذا حاولت المساس بحقوق مصر في مياه النيل، وقال نصًا: «إذا حدث وقامت إثيوبيا بعمل أي شيء يعوق وصول حقنا في المياه بالكامل فلا سبيل إلا استخدام القوة».
وقال السادات في تسجيل صوتي له "إن المسألة الوحيدة التي يمكن أن تقود مصر للحرب مرة أخري هي المياه".
مبارك "المياه علي قدنا مبنديش مياه لحد"
فيما قال الرئيس مبارك تعليقاً علي أزمة سد النهضة "المياه علي قدنا مبنديش ميه لحد، إحنا مش بتوع حرب لكن إحنا مستعدين ندافع عن كل (سنتيمتر) من أرضنا مهما كانت الظروف" .
وعرضت صفحة "أنا أسف ياريس" الداعمة للرئيس الأسبق حسنى مبارك، تقريرا مصورا يكشف فيه نشر وكالة ويكيلكيس الاستخباراتية الأمريكية CIA أن الرئيس مبارك ورئيس مخابراته اللواء الراحل عمر سليمان كانوا يدرسوا بجدية توجيه ضربات عسكرية مباشرة لسد النهضة الأثيوبي حالة بنائه.
وكشف التقرير أن الرئيس مبارك كان يخطط لضرب أي مشاريع تقيمها أثيوبيا على نهر النيل، وحصل بالفعل مبارك على موافقة الرئيس السوداني عمر البشير لاستضافة قاعدة عسكرية لكوماندوز مصرية على أرض السودان، في حالة إصرار أثيوبيا على بناء منشات على نهر النيل، وأن ملف المياه كان يخضع في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس مبارك لإدارة اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة بدلاً من وزارة الري.

مرسي دمائنا هي البديل مياه النيل وبعد الثورة بدأت عوده الحديث عن بناء سد النهضة وبدأ فيه بالفعل، الأمر الذي جعل الرئيس السابق محمد مرسي بعمل اجتماعا سري، لوح فيه باحتمالية التدخل العسكري حين قال: «كل الخيارات مطروحة». وقال في تصريحات له: «إن دماء المصريين هي البديل لماء النيل، ولن نسمح بأحد أن يهدد شريان حياة المصريين». ماذا ينوي السيسي بعد اجتماع مع وزير الدفاع؟ وخلال العامين السابقين خاضت مصر 13 جولة تفاوضية بشأن سد النهضة تنوعت مستوياتها ما بين الخبراء الفنيين ووزراء الري وحدهم أو بمشاركة وزراء الخارجية أيضا، وحتى وصل اﻷمر ﻻجتماع ضم زعماء الدول الثلاث في مارس 2015 تم خلاله توقيع اتفاق مبادئ. لكن المفاوضات بدت للكثيرين في القاهرة مجرد وسيلة إثيوبية لإضاعة مزيد من الوقت في تفاوض الدائرة المغلقة ورغم ذلك، واصلت القاهرة التفاوض سداسيا في إطار جلسات انتهت بطلب مصر بأن تتم زيادة عدد فتحات السد لأربع فتحات بدلا من اثنتين، وهو الأمر الذي وعدت إثيوبيا بدراسته من خلال الخبراء الفنيين من الدول الثلاث في اجتماع عقد الأسبوع الماضي في أديس أبابا انتهى برفض إثيوبي للطلب المصري، إلا أن مازال هناك مفاوضات. ومنذ أيام اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع وزيري الدفاع والري ورئيس المخابرات، الذي استمر ساعتين، لمناقشة ما توصلت إليه مفاوضات سد النهضة حتى اﻵن في اجتماع هو الأول من نوعه منذ توليه مهام منصبه، وكذا منذ تفاقم أزمة السد مع إثيوبيا. وأكد السيسي أهمية الحفاظ على حق الشعب المصري في الحياة باعتبار نهر النيل مصدر المياه في البلاد، داعيا إلى ضرورة اتخاذ خطوات جادة لتنفيذ اتفاق إعلان المبادئ، والعمل على التوصل لتفاهم مشترك يحفظ حقوق الدول الثلاث وشعوبها وتحقيق المكاسب المشتركة.