جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

وهل حزب النور حزب مدنى؟!


الحزب أى حزب لا يميز عن غيره من الأحزاب لا باسمه ولا برئيسه أو كوادره أو إمكانياته المادية وامتلاكه لمقار حزبية متعددة أو حتى بعدد أعضائه ولكن ما يميز حزب عن آخر هو برنامجه ومبادئه التى يؤمن بها، والأهم هى رؤيته السياسية التى سيطبقها عند وصوله وحصوله على الأغلبية البرلمانية التى تؤهله لتشكيل حكومة يطبق وينفذ من خلالها تلك الرؤية مع العلم أن الواقع العملى السياسى نتيجة لعدم الاهتمام الجماهيرى بالانضمام للأحزاب نظراً لغياب الوعى السياسى والضغوط الاقتصادية والحياتية على المواطن طوال الوقت وميراثاً لحياة حزبية ضعيفة ونخبوية لا تسعى لغير مصلحتها ولا علاقة لها بالجماهير، ولذا أصبحت الأحزاب مثل جمعيات دفن الموتى لهذا وغيره كثير أصبحت الأحزاب السياسية ضعيفة لغياب العلاقة السياسية والحزبية بين أى حزب وبين الجماهير لعدم مصداقية برامج الأحزاب.

فكل البرامج متشابهة وللاستهلاك حتى أن كوادر الحزب الأساسية لا يعرفون البرنامج ولا نبالغ إن قلنا إنهم لم يطلعوا عليه ولم يعرفوه فهم قد انضموا لأهداف أخرى غير الاقتناع ببرنامج الحزب ودليل ذلك أن الأحزاب وقت الانتخابات البرلمانية وهى المهمة الأساسية للعمل الحزبى لا يطرحون برامج لا حزبية ولا انتخابية ولكن كل الاعتماد على المرشح أى مرشح حتى ولو كانت أفكاره وتوجيهاته تتناقض مع ما هو معلن من الحزب، ولكن الأهم هو إمكانية المرشح وبطريقته الخاصة، بل بأى طريقة للحصول على المقعد الذى سينسب للحزب.

فالمطروح فى الانتخابات لا السياسة ولا البرامج ولا الأفكار بل الاعتماد على العصبية والقبلية والعائلية والإغداق بالمال السياسى استغلالاً للظروف والمشاكل الاقتصادية، والأهم والأخطر هو استغلال ورقة الدين فى تأجيج العاطفة الدينية باعتبار أن هذه العاطفة هى التى تحرك وتحفز على الاصطفاف الدينى والطائفى فى مواجهة الآخر.

ذلك الاصطفاف الذى يتحول إلى اصطفاف انتخابى تستفيد منه وتعمل على تكريسه الأحزاب ذات التوجهات الدينية وقد رأينا هذا يتم صراحة وبلا مواربة منذ الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى ١١ مارس ٢٠١١، وذلك الاستفتاء الذى سمى بـ «غزوة الصناديق» ومنذ ذلك الحين تزايد ذلك السلوك الطائفى وتم حشد هذا الاصطفاف باسم الدين واستغلالاً ومتاجرة بالدين. وما تم فى ٣٠ يونيه أكد بما لا يدع مجالاً للشك استغلال تلك الأحزاب للدين بهدف القضاء على الهوية المصرية وتكوين وتأسيس الدولة الدينية، ولذا وجدنا الشعب يخرج رافضاً ذلك السلوك محافظاً على مدنية الدولة مؤكداً على حقوق المواطنة وهذا لا علاقة له بتدين الشعب بأديانه واحترامها والتمسك بها خاصة أن الإسلام بمقاصده العليا لم يحدد نظاماً سياسياً بعينه يمكن الالتزام به وتطبيقه باسم الإسلام. ولذا كانت المادة الثانية من الدستور تلزم المشرع أن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع وهذا إلزام للجميع أحزاباً ومؤسسات وحكومة وشعباً. وكان أيضاً ذلك التحديد الدستورى فى المادة ٧٤ التى حرمت قيام الأحزاب على أساس دينى أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو على أساس طائفى.

ومع ذلك قد وجدنا ما يسمى بحزب «النور» الذى توافق وتكامل مع الأحزاب الدينية وعلى رأسها حزب الإخوان «الحرية والعدالة» حيث إنهم يشتركون فى ذات التوجه ويجمعهم نفس الهدف النهائى.

وهو ما يسمى بالدولة الدينية الإسلامية. فهل حزب «النور» حزب مدنى؟ نعم هو حزب مدنى حيث إن ياسر برهامى هو الأب الروحى والمفتى الشرعى والوصى الدينى والسياسى لهذا الحزب؟ هو حزب مدنى لأنه لا يفرق بين مسلم ومسيحى ولا بين رجل وامرأة. هو حزب مدنى لأنه يؤمن ويحافظ على حقوق المواطنة فالحقوق والمواقع لكل المصريين سواء ويمكن للمسيحى الكافر أن يصبح رئيساً للجمهورية ووزيراً أو نائباً هو حزب مدنى لأنه يحافظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والعلاقات الإنسانية بين المصريين ليشجع السلام على المسيحى الكافر بل المعايدة عليه فى أعياده الوثنية. هو حزب مدنى وطنى يحافظ على الوطن ويسهم فى إقالة اقتصاده من التعثر بفتوى برهامى بتجريم شهادات قناة السويس وتحريم فوائدها لأنها ربا فليفتى بالتبرع بها للدولة.

وهو هنا وفى هذا التوقيت لا يريد حزباً كالكرسى فى الكلوب فى فرح القناة ولا حاجة زى كده، بدليل أن مخيون وجماعته كانوا فى الفرح مع السيسى، هو حزب مدنى لأنه يحرِّم السلام الوطنى ويحرِّم العلم المصرى ويحرِّم التحية العسكرية وهذا غير وقوف مخيون تحية للسلام الوطنى فهذه نقرة وتلك نقرة أخرى فالضرورات تبيح المحظورات ولا مانع من ترشيح المسيحيين الكفار على قوائم «النور» لأن الدستور المحرم أجبرهم على ذلك فالضرورة والوصول للبرلمان تجعلهم يوافقون على أن تنزل المرة دى. ناهيك عن تلك الفتاوى التى لا تسىء للأقباط فقط ولكن للوطن وسلامته، حيث إن سلامة الوطن الآن وفى ظل هذه الظروف هو العمل على التوحد الوطنى حتى يمكن أن نواجه التحديات الخطيرة التى تواجهنا. فماذا يفعل الأقباط وأين يذهب المدنيون وما مصير من لا يؤمن بأفكار السيد برهامى هذا سؤال للسيسى حمى الله مصر وشعبها العظيم من الفتن.