جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

الأمة التى لا تقرأ تموت


يقول مالك بن نبى: «الأمة التى لا تقرأ تموت قبل أوانها»، وسُئل الفيلسوف اليونانى أرسطو، كيف تحكم على إنسان ما ؟، فأجاب : أسأله كم كتاباً قد قرأ ؟، وماذا يقرأ؟، وحين سُئل الفيلسوف الفرنسى فولتير عمن سيقود الجنس البشرى ؟، فأجاب : «الذين يعرفون كيف يقرأون»، ويقول الكاتب والفيلسوف الإنجليزى فرنسيس بيكون : «القراءة تصنع إنساناً كاملاً، والمشورة تصنع إنساناً مستعداً، والكتابة تصنع إنساناً دقيقاً»، ويقول عالم الاجتماع العراقى على الوردى : «يقال إن المقياس الذى نقيس به ثقافة شخص ما هو مبلغ ما يتحمل هذا الشخص من آراء غيره المخالفة لرأيه، فالمثقف الحقيقى يكاد لا يطمئن إلى صحة رأيه ذلك لأن المعيار الذى يزن به صحة الآراء غير ثابت لديه، فهو يتغير من وقت لآخر، وكثيراً ما وجد نفسه مقتنعاً برأى معين فى يوم من الأيام، ثم لا يكاد يمضى عليه الزمن حتى تضعف قناعته بذلك الرأى»، فالقراءة صمام أمان ضد التعصب الفكرى وضد الدوغمائية، يقول عالم الاجتماع المغربى الحسين النبيلى: «إن الفعل القرائى يخلق شخصية متعلمة مثقفة تستمد منابع فكرها من الفكر المتحضر والمتفتح فنجدنا أمام شخصية كونية، تقبل بحضارة الآخر وتحترم وجوده وتنوع فكره، ولا تجعل نفسها محور الكون وما عدا ذلك فهو باطل فى باطل».

إن ما نعيشه اليوم فى عالمنا العربى من تطرف فكرى دينى وسياسى، وتراجع فى جميع المجالات هو نتيجة ابتعادنا عن القراءة، فقد ورد فى تقرير التنمية الثقافية الصادر عن مؤسسة الفكر العربى فى عام 2011 : «أن المواطن العربى يقرأ بمعدل 6 دقائق فى السنة»، بينما الأوروبى يقرأ بمعدل 200 ساعة فى السنة، كما تبين فى تقارير أخرى أن ذات النسبة تقريباً تتراوح لدى القارئ العربى على وفق ما أشارت اليه المنظمة الأمريكية المستقلة للفنون لرصد الكتب المباعة فى دول العالم ومعدلات القراءة فى كل دولة، فكشفت عن أن الأمريكى يقرأ 18 كتاباً فى السنة، والروسى 6 كتب، والأوروبى 15 كتاباً، أما المواطن العربى فيقرأ ربع صفحة فى العام .

يصف العقاد حالنا مع القراءة بقوله: «إن القراءة لم تزل عندنا سخرة يساق إليها الأكثرون طلباً لوظيفة أو منفعة، ولم تزل عند أمم الحضارة حركة نفسية كحركة العضو الذى لا يطيق الجمود»، فهل تحتاج أمة أول كلمة نزلت فى كتابها المقدس هى كلمة «اقرأ» إلى من يحثها على فعل القراءة ؟