الموت ينير معنى الحياة
- إن كون حياتنا، التى تبدأ من جديد كل صباح، تنتهى بالموت وتذهب إلى غير رجعة، هو ما يجعلها فى نظرنا مطلقة، يلزم استنفاد رصيدها مرة واحدة، ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل إن مأساة الحياة تزداد بالنسبة لنا حينما نفكر فى استمرارها السرمدى، لكن فى عالم لا يكون لنا فيه وجود : ففيما يتعلق بنا الحظوظ وزعت مرة واحدة وإلى الأبد، وإذا ما خالفنا الموعد معها فلا مجال للتعويض .
- إذا كان الموت هو من ينير معنى الحياة، فإن الحياة من جهتها هى التى تمكننا من تعلم، وإذا جاز القول، من تجربة الموت، لأن الذى خبر الموت، وحده يستطيع الانتشاء بلب الحياة القادرة، عند قبوله كل الميتات الجزئية التى يلحقها الزمن بلحظات وجوده المعزول على الدخول إلى ذلك العمق الخفى، هناك حيث تستمد كل العقول العنصر الذى يمنحها الخلود .
- إن تأمل الموت بإجباره إيّانا على إدراك حدودنا، يجبرنا فى الوقت ذاته على تخطيها، انه يكشف لنا عن كونية الكائن وتعاليه على وجودنا الفردى، وهو، بذلك، يفتح لنا المنفذ، ليس فقط نحو حياة مستقبلية ذات طبيعة مؤقتة فى جميع الأحوال، ولكن نحو حياة ما وراء طبيعية، تخترق وتغمر مجمل حياتنا الظاهرة، لا يجدر بنا لا إرجاءها ولا حتى التحضير لها ولكن، منذ اللحظة.
■ برلمانى سابق