"الدستور" يكشف دلالات تعيين وزيرًا أزهريًا للثقافة
تعديل وزاري محدود طال حكومة المهندس إبراهيم محلب، الخميس، بعد تغيير 8 وزارت كان من بينها وزارة الثقافة، التي لم يفلت وزيرها المُقال الدكتور جابر عصفور منه ليتم استبداله – ايدولوجيًا واستراتيجيًا - بتعيين عبد الواحد النبوي خلافًا له، والمعروف بأنه ذو خلفية أزهرية.
عبد الواحد النبوي كان أستاذًا للتاريخ بجامعة الأزهر، وعمل قبل ذلك أستاذًا للتاريخ المعاصر في جامعة قطر، لكنه عاد من قطر بعد عامين؛ لاستكمال مشروع حفظ الوثائق، بتوليه رئاسة الإدارة المركزية لدار الوثائق؛ حيث عمل على مشروع لترميم المخطوطات وحفظها إلكترونيًا.
ولم يفلت النبوي من حروب الإخوان التي شنها قيادته للرموز الثقافية وقت أن كان المعزول محمد مرسي رئيسًا، فتمت إقالته من منصبه في دار الوثائق.
جاء اختيار الحكومة لوزير للثقافة ذو خلفية أزهرية مثير للتساؤلات، حول الرسالة التي تحملها تلك الخطوة ما إذا كانت موجه لبعض التيارات الإسلامية، لاسيما الترحيب الواسع الذي لاقاه تغيير الوزير من قبل حزب النور السلفي وقياداته.
من هنا، استطلع "الدستور" أراء عددًا من المثقفين والباحثين في الشؤون الإسلامية، وتباينت الآراء؛ حيث رآها البعض مجرد محاولة من الحكومة لمزج الثقافة الأزهرية مع المصرية، والبعض الأخر رأي أنها محاولة لمحاربة الفكر المتطرف تجاه الثقافة المصرية وآلياتها.
"خطوة جيدة لمزج الثقافة الأزهرية بالمصرية"، هكذا علق ناجي الشهابي، ورئيس حزب الجيل، على تعيين وزير الثقافة الجديد ذو الخلفية الأزهرية، مضيفًا أن التعديل الوزاري كان متوقع وعلى رأسهم وزير الثقافة السابق، واستبدله بأخر ذو خلفية أزهرية لتوصيل رسالة معينة أن الثقافة المدنية والأزهرية لا يتعارضان سويًا، وأنهما اتحدا؛ لمواجهة الفكر المتطرف.
وتابع: إن الحكومة بتلك الخطوة تثبت بما لا يدع مجال للشك تقديرها للأزهر ودوره في نشر الثقافة المصرية وتنوير العقول، ولاسيما بعد ما فعله وير الثقافة السابق جابر عصفور من معاداة دائمة لمؤسسة الأزهر الشريف، وتوجيه لأكثر من مرة خطابات لاذعة لا معنى لها.
وعن ترحيب حزب النور السلفي وقياداته بالوزير الجديد الذي يعد النموذج الأزهري الأول الذي يعتلي منصب وزير الثقافة، أكد الشهابي أن ذلك يعود لحرب الانتقادات، التي أقيمت بين حزب النور السلفي والمؤسسة الأزهرية، كما أنها تعد محاولة واضحة من حزب النور؛ لإثبات أن مبادئه لا تتعارض مع الفنون والثقافة من خلال الركوب على تلك الخطوة وتشجيعها.
واتفق مع ذلك الرأي سامح عيد، الباحث في الشؤون الإسلامية، حيث وصف القرار بـ"الذكاء الحكومي"، مدللاً على أن اتهامات عديدة طالت وزارة الثقافة في الفترة الأخيرة أنها لم تكن جادة في محاربة الإرهاب والتطرف بالعقل، وأن تلك الخطوة جاءت من تحريك الوزارة في ذلك الاتجاه للاستفادة من الطاقات المعطلة في الوزارة.
وأضاف: إن ترحيب النور السلفي بالوزير الجديد يؤشر نحو وجود بعض المعتقدات لديهم أنه سيمنع إذاعة الأغاني والعروض المسرحية في دور الثقافة؛ وفقًا لخلفيته الأزهرية، مشيرًا إلى أن ذلك الأمر ليس صحيحًا بالمرة؛ لأن تعاليم الدين والأزهر لا تتعارض مع الثقافة والفن.
أما عن المخالف، أكد وليد البرش، مؤسس حركة تمرد الجماعة، أن تعيين وزير ثقافة جديد كان أمر متوقع من قبل الحكومة خلال التعديل الوزاري، وأن اختيارهم لرجل ذو خلفية أزهرية لا يعد رسالة موجه بالضرورة إلى التيار الإسلامي، مشيرًا إلى أن الحكومة قد يكون لها رؤية أعمق من أن تضع بعض التيارات الإسلامية في حساباتها، ولكن اختيار الوزير جاء على أمل أن تعود الثقافة في مصر إلى رونقها في عهد الوزير الجديد بعد أن ظلت سنوات طويلة في غياهب الجهل.
أما عن رؤية المثقفين أنفسهم لهذا التساؤل، قال محمد عبلة، الفنان التشكيلي، إن خلفيه الوزير الأزهرية لا تعني للمثقفين أمرًا هامًا في الوقت الحالي، ولكن آلياته وخطته في تطوير المجال الثقافي هي التي يحاول المثقف الوقوف عليها كثيرًا، كما أنها ليست المرة الأولى التي نرى فيها مثقف سواء كان وزير أو مفكر ذو خلفية أزهرية وأعطى مثال على بعض المفكرين والمثقفين أمثال: رفاعة الطهطاوي الذي كان تلميذًا بالأزهر.
وأضاف: إنه ذكاء من الحكومة تجاه التيارات الدينية، ولاسيما موقف الوزير الجديد مع جماعة الإخوان الإرهابية قبيل ذلك الوقت، حين رفض تسليم بعض الوثائق، التي تثبت زيف إدعاءات التاريخية للإخوان؛ الأمر الذي أدى إلى إقالته من دار الوثائق في النهاية، وهو يعد موقف إيجابي له.