ضيوف معرض الكتاب 2024.. الأكاديمى النرويجى تارييه تفايت: المعاهدات التاريخية ضمنت الحقوق المائية المصرية
«ظل نهر النيل، على مر التاريخ، محور الأحداث التى أثرت- ولا تزال تؤثر- فى جميع الدول التى تقع على روافده»، هكذا يرى المؤرخ والباحث والأكاديمى النرويجى تارييه تفايت، الأستاذ فى قسم الجغرافيا بجامعة بيرجن بالنرويج، النهر وأثره الكبير فى الشعوب المطلة على ضفافه، مؤكدًا أن النهر العظيم ظلم جميع الدول الواقعة على روافده.
وأوضح صاحب كتاب «النيل نهر التاريخ»، خلال حواره مع «الدستور» على هامش فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ٥٥، أنه حاول فى كتابه تقديم سيرة للنيل تشبه سيرة حياة الإنسان، بعد أن أثار النهر شغفه لكونه الأطول جغرافيًا والأقدم تاريخيًا، منوهًا إلى أن معاهدات فترة الاستعمار البريطانى ضمنت الحقوق المائية المصرية فى النيل، الذى بدأت دوله فى إدارك أهميته مؤخرًا مع تراجع الجهل وانتشار التعليم.
■ بداية.. ما الدوافع التى حرضتك على دراسة نهر النيل؟
- قضيت فترة طويلة فى دراسة المجتمعات وطبيعة علاقاتها بمصادر المياه، وكنت قد أنجزت سلسلة تحت عنوان «تاريخ المياه»، تضمنت ٢٥٠ بحثًا مختلفًا عن المجتمعات وعلاقاتها بالمياه، بالإضافة إلى اهتمامى الشخصى بالبحث الوثائقى عن المياه فى العالم كله، فى أفلام وثائقية أُذيعت عبر قنوات عالمية، مثل «الجزيرة» و«نتفليكس» وغيرهما.
وأكثر ما شد انتباهى هو نهر النيل بما فيه من غموض وما يحمله من تاريخ، وقبل أن أشرع فى كتابة تاريخ النيل أجريت اتصالاتى بالدكتور محمود أبوزيد، وزير الرى المصرى حينها، والعديد من المسئولين فى الحكومة المصرية وبعض الدول الأخرى، والذين أبدوا ترحيبهم بإجراء أى دراسات متعلقة بالنيل، كما دعوت العديد من الباحثين المهتمين بدراسة المياه فى جامعة بيرجن بالنرويج، ممن كتبوا عن النيل، وبناء على ذلك كان علىّ أن أقدم كتاب سيرة للنيل تشبه سيرة الإنسان.
وما أود التأكيد عليه هو أن كتابى يقدم تاريخ النيل ويلقى الضوء على مستقبله حتى يفهم كل الناس الحقائق، التى لا يجب أن تكون محصورة على دولة بعينها.
■ فيم يختلف النيل عن بقية أنهار العالم؟
- طبيعته الجغرافية والتاريخية، فهو أطول أنهار العالم، وامتداده يصل إلى ٤٨ ألف ميل، كما أنه يمر بـ١١ دولة، وتاريخه يزيد على ٥ آلاف عام، وهذا يثير شغف أى باحث تاريخى تتعلق دراسته بتاريخ المياه، فلا يوجد نهر آخر فى العالم يتمتع بتاريخ أطول أو أكثر تعقيدًا أو حافلًا بالأحداث فى مجال السياسات المائية مثل هذا النهر.
■ فى رأيك.. هل ضمنت معاهدات فترة الاستعمار البريطانى لمصر حقوقها التاريخية فى نهر النيل؟
- اتفاقية ١٩٢٩ تضمن بالتأكيد الحقوق التاريخية لمصر فى نهر النيل، كما أن اتفاقية ١٩٠٢ بين إثيوبيا وبريطانيا تؤكد على عدم الإضرار بالحقوق التاريخية لمصر.
■ أشرت فى كتابك إلى أن دولة رواندا كانت أولى الدول التى كسرت الاتفاقيات المتعلقة بالحقوق المصرية.. فكيف كان ذلك؟
- لا أكتب فى السياسة ولكن فى السيرة الثقافية للنهر، وأحاول أن أتجنب الحديث فى الأمور السياسية المتعلقة بحقوقه لأنى حيادى وليس لى رأى فى ذلك بل أنقل ما حدث بالفعل، خاصة فيما يتعلق بنهر النيل وأهميته للثقافة، ولا حتى بالنصيحة لأى طرف من الأطراف، فكتابى عن النيل هو تسجيل لتاريخه، وقد كانت لدى الفرصة لأن أقوم بذلك، بعد أن قدمت العديد من الأفلام الوثائقية التى تتحدث عن نهر النيل، ليست لدى أجندة خاصة فى الأمور المتعلقة بالنهر.
■ هل تعتقد أن النهر العظيم ظلم الدول التى مر بها وكان سببًا فى الصراعات التى عاشتها؟
- نعم، نهر النيل ظلم دوله، وعلى رأسها مصر، وأنا متعاطف مع الموقف المصرى والدول الأخرى.
■ كيف ترى مستقبل النهر بعد أن قدمت وثائقيًا عن مستقبل المياه؟
- أنا مؤرخ، ومعنى بالتاريخ وماضى نهر النيل، والوثائقى الذى قدمته تحت عنوان «مستقبل المياه فى العالم» كنت أؤكد فيه على أهمية المياه والحاجة إلى الحفاظ عليها. وقد قابلت فى مصر العديد من الأشخاص الذين رحبوا بدراستى للنيل، بعيدًا عن الحوادث والصراعات التى عاشتها دوله، وعملت على مدار أكثر من ٢٥ عامًا فى دراسة النيل، وذهبت إلى أكثر المناطق خطورة، وشهدت العديد من الصراعات القبلية والعقائدية، وهذا كله تاريخ نتحدث عنه الآن.
■ فى تقديرك.. هل تتفهم دول الحوض الأهمية الحقيقية لمياه النيل؟
- بطبيعة الحال لا، وذلك يرجع لعدم الوعى فى بعض الدول بأهمية مياه النيل، لكن ذلك بدأ فى التغير خلال الفترة الأخيرة، مع انتشار التعليم.