جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

سوناتا.. الفتى فرحات

مهرجان القاهرة الدولى للموسيقى العربية، وهذا هو اسمه.. هو الأقدم فى المنطقة.. وربما هو الأهم.. ليس فى ذلك شك.. وعبر ثلاثين دورة من الانعقاد فى ظروف مختلفة سعى إليه الكثيرون من نجوم العزف والطرب من المحيط إلى الخليج.

ومثلما منحت مصر الكثيرين فرصتهم الأولى للشهرة، منح المهرجان الكثيرين منهم بطاقة هويتهم، ولولاه ما كانوا.. هذا ما يعرفه الجميع، إلا أن مديره الجديد المايسترو هانى فرحات يبدو أنه ينسى ذلك أو لا يعرفه.. فالرجل وفى تصريحات صحفية، هى الأولى له عقب تقلده مسئولية إدارة المهرجان خلفًا لجيهان مرسى، راح يطلق النغمات الشاذة والنشاز دون رابط أو ضابط، وأخطرها أنه يقول إنه سيعيد للمهرجان عروبته، وإنه مهرجان عربى، ولذلك فهو يقرر الاستعانة بمطربى الخليج بشكل أكبر على حساب من تكرر ظهورهم فى الدورتين الأخيرتين.

السيد فرحات فاته أن المهرجان يحمل اسم القاهرة.. وتموله القاهرة.. ويقام على أرض مصر.. سواء كان ذلك داخل جدران الأوبرا، أو خارج أسوارها، كما تسعى الوزيرة نيفين الكيلانى فى الدورة الجديدة تحقيقًا لما تسميه بالعدالة الثقافية.. فرحات لا يعرف أن المهرجان مصرى وإن تخصص فى موسيقى العرب.. وفى القلب منها موسيقى مصر.. السيد فرحات لا يعرف أننا لا ننزع من مهرجان قرطاج تونسيته، ولا من مهرجان جرش أردنيته، وهكذا هو الحال فى باقى المهرجانات العربية التى تحمل اسم بلدانها وهويات وثقافة مدنها.. وإن شارك فى فعالياتها مطربون وعازفون من كل حدب وصوب.. وبعضهم من بلاد الغرب أيضًا.. المهرجان مصرى يا سيد فرحات وهو متخصص فى الموسيقى العربية.. وشتان بين الأمرين.. يبدو أن فرحات اختلط عليه الأمر من كثرة مشاركته لمطربى الخليج فى حفلاتهم، وظن أنه المتعهد الجديد لحفلات المهرجان.. وليس مجرد قيادى مسئول لمهرجان له مجلس أمناء ولجنة تديره.. وحسب علمى فاللجنة التى أدارت المهرجان فى دورته الواحدة والثلاثين لا تزال معنية بإدارته، فلم تعرف أن قرارًا صدر بتغييرها أو تغيير بعض أعضائها، ومن بينهم قامات موسيقية وأدبية وإعلامية تتلمذ فرحات على أيديهم.. وسواء بقيت تلك الأمانة أو تم تغييرها، فمن الواجب أن يعود فرحات إليها وينظر فى جدول أعمالها قبل أن يقرر ماذا سيفعل بالمهرجان.. فرحات يعتقد أن التجديد يعنى مشاركة عمرو دياب فى المهرجان.. أو فى منع مواهب الأوبرا من المشاركة، على اعتبار أن المهرجان ليس لأبناء الأوبرا، وإن كان من أهم أدواره هو تقديم الموهوبين الجدد من عازفين ومطربين إلى الجمهور العام.. تصريحات هانى فرحات غير الدقيقة وغير المنضبطة أزعجت الكثيرين، وأولهم رئيس دار الأوبرا الجديد الموسيقار خالد داغر.. الذى خرج هو الآخر بتصريحات تحاول لملمة ما بعثره فرحات فى تصريحاته السابق الإشارة إليها، لكن يبدو أن الأمر يحتاج إلى تدخل حاسم لضبط الأمر وإعادة «النغمات».. إلى مسارها الصحيح.