جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

سرقة هوية.. نتفليكس تفقد مصداقيتها الوثائقية بسبب "كليوباترا"

كليوباترا
كليوباترا

ادّعت منصة نتفليكس في مسلسلها الوثائقي "كليوباترا" بأن آخر ملوك مصر الفرعونية التي تعددت الروايات حول تاريخها الغامض ونهايتها عام 30 قبل الميلاد، كانت ملكة إفريقية، فخلال الحلقات الأربع للدراما الوثائقية، يشير المؤرخون الأفارقة في المسلسل إلى أن كليوباترا كانت ملكة إفريقية وأشهر ملكات القارة السمراء، متجاهلة أن كليوباترا كانت ملكة مصرية يونانية ولم يكن لها أي علاقة بإفريقيا.

وسخرت إحدى المؤرخات الإفريقيات من كون قصة حب كليوباترا وأنطوني هي الأجمل في التاريخ، مؤكدة أن آخر ملوك مصر الفرعونية لم تكن رومانسية، واتهمتها أخرى بأنها كانت تسعى لحماية نفسها فقط، وادعت المنصة أن كليوباترا عرضت على أوكتافيوس ملك روما في هذا التوقيت التنازل عن حكم مصر مقابل سلامتها، وهو ما يتناقض مع الرواية التاريخية بأن كليوباترا رفضت الخضوع لحكم روما، أو ترك الحكم في مصر.

آخر ملوك الفراعنة ونهاية غريبة

اختصرت المنصة الأمريكية حياة أحد أعظم ملوك مصر وهي كليوباترا في 3 حلقات تحدثت فيها عن علاقاتها الغرامية وأخطائها الفجة الساذجة وغرورها في اتخاذ القرارات، متجاهلة الذكاء الكبير الذي تمتعت به وحكمها الطويل لمصر وفشل الرومان خلال سنوات حكمها من إحراز أي تقدم في السيطرة على مصر، وفي الحلقة الرابعة خصصتها بالكامل لنهاية كليوباترا وهزيمتها وسقوط آخر ملوك الفراعنة.

تجاهل المسلسل الكثير من جوانب حياة كليوباترا بالرغم من أن صناع العمل ادعوا أن الهدف هو إبراز إنجازات ملكات القارة الإفريقية، ولكن يبدو أن الهدف كان تهميش تاريخ مصر العظيم والتقليل منه، وإيصال رسالة واضحة أن الأفارقة هم من صنعوا تاريخ مصر الفرعونية العريق وأن الهوية المصرية مكتسبة، وهو أمر عار من الصحة، حيث تجاهلت المنصة الهوية المصرية والرسومات ونقوش المعابد والتماثيل التي تثبت تلك الهوية.

خلال الحلقة الرابعة، حاولت المنصة الترويج مرة أخرى بأن كليوباترا إفريقية حكمت مصر بالتعاويذ السحرية، من خلال حديث أوكتافيوس معها، وهو أمر لم يذكره أي من المؤرخين، فضلاً عن التقليل من جمال كليوباترا الذي شهد به الجميع.

كما ابتكرت المنصة نظرية جديدة تتعلق بنهاية كليوباترا وأنها لم تنتحر بجانب مارك أنطوني كما تعددت النظريات، بل ادعت أنها أُسرت من قبل ملك روما وانتحرت بتناول مشروب سام مع اثنين من أقرب مساعداتها.

كما ادعت مؤرخة إفريقية بأنه تم حرق جثمان كليوباترا وفقًا لعادات الرومان وأنها لم تحظ بقبر قط هي أو مارك أنطوني، لذا فإن جهود البحث عن هذه المقابر بلا فائدة.