تحرير سيناء.. شيوخ القبائل: تربينا فى خنادق القوات المسلحة ومعها كتفًا بكتف فى معركة البناء والتعمير
الخامس والعشرون من أبريل كل عام، يوم ينتظره المصريون للاحتفال بذكرى عزيزة على قلوبهم، هى تحرير سيناء ورفع العلم المصرى على أراضيها بالكامل يوم ٢٥ أبريل عام ١٩٨٢.
تأتى الذكرى الـ٤١ لتحرير سيناء هذا العام لتجدد ذكرى ملاحم ومعارك أسطورية خاضها الجيش المصرى لاسترداد كل بقعة رمل، لكن المؤكد أن هذه المعارك لم تنتهِ بانتهاء الحرب واسترداد الأرض، بل كان ذلك إيذانًا ببدء معركة أخرى تتعلق بالتنمية.
ومنذ الانسحاب الإسرائيلى ورفع العلم المصرى، يتردد سؤال: «ماذا فعلت الدولة لسيناء منذ عودتها؟»، وهو السؤال الذى امتد لفترة ما بعد «خفافيش الظلام» من الجماعات الإرهابية، التى حاولت باستماتة تحويلها لبؤرة مشتعلة خارج سيطرة الدولة، لكن دماء شهداء مصر من رجال القوات المسلحة والشرطة، والمدنيين من أبناء القبائل فى سيناء، أجهضت مخططاتهم الإرهابية للنيل من «أرض الفيروز»، وهو ما عبّر عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى بقوله: «القتال الذى تم على أرض سيناء ضد الإرهاب، لا يقل عن أى قتال قامت به مصر فى معارك سابقة»، مضيفًا: «اللى اتعمل فى الحرب دى لا يقل عن انتصار أكتوبر».
وللإجابة عن السؤال السابق، «الدستور» تتحدث فى السطور التالية إلى شيوخ وعواقل سيناء، الذين وقفوا كتفًا بكتف مع القوات المسلحة فى معركة البناء والتنمية بعد النجاح فى القضاء على الإرهاب، ليربطوا بطولات الماضى فى حرب التحرير بملاحم الحاضر، باعتبارهم خط الدفاع الأول عن أمن مصر القومى.
سالم العكش: بناء أكبر محطة تحلية مياه فى الشرق الأوسط
أكد عضو مجلس الشيوخ عن شمال سيناء، سالم العكش، أن دور أبناء سيناء مستمر منذ حرب التحرير إلى الحرب على الإرهاب، وصولًا إلى معركة التنمية العمرانية المتكاملة، مشددًا على أنه وباقى أبناء القبائل تربوا فى خنادق القوات المسلحة.
وأضاف الرئيس السابق للمجالس الشعبية فى شمال سيناء: «هناك اهتمام كبير من الرئيس عبدالفتاح السيسى بتنمية سيناء، بشكل غير مسبوق على مدار أكثر من ٣٠ عامًا، خاصة فيما يتعلق بملف التنمية الزراعية على وجه التحديد».
وأوضح أن هذا يتم من خلال المخطط الجارى تنفيذه لاستصلاح وزراعة نحو ٦٠٠ ألف فدان فى رفح والعريش والشيخ زويد، وهى سابقة لم تحدث منذ تسلم سيناء كاملة، لتتحول «أرض الفيروز» إلى «سلة غذائية» لمصر، بعد سنوات عجاف بسبب الإرهاب، بما يسهم فى توفير احتياجاتنا المحلية وتقليل وارداتنا من المنتجات الزراعية.
وأشار كذلك إلى مشروع إنشاء أكبر محطة لتحلية المياه فى الشرق الأوسط وإفريقيا بطاقة ٣٠٠ ألف م٣، فى منطقة «الكيلو ١٧» غرب العريش، التى تعمل على تلبية احتياجات المواطنين، ولتصبح سيناء كلها بلا أى عطش على مدار ٢٤ ساعة كباقى محافظات الجمهورية.
وعبّر ابن قبيلة «العقايلة» عن تفاؤله بما يجرى الآن من إعادة إعمار العريش ورفح وبئر العبد، متابعًا: «الدولة التى جادت بدماء أبنائها لحماية الأرض، لن تبخل بأى شىء فى سبيل تنمية وإعمار هذه الأرض».
أحمد عياد: توسعة الطريق الدولى.. و4 محاور لتيسير الحركة
أشار أحمد عياد، من عواقل مدينة بئر العبد فى شمال سيناء، إلى أن أهالى سيناء باتوا يشعرون بآثار التنمية على أرض الواقع، كما أن حالة الأمن والأمان التى يعيشها سكان سيناء حاليًا رفعت لديهم المعنويات بشكل غير مسبوق، وجعلتهم يشعرون بأن دولتهم وجيشهم لن يتركاهم فريسة للخراب ولا الإرهاب.
وأضاف «عياد»: «البطولات التى سجلها أجدادنا من أهالى سيناء خلال حربى الاستنزاف والسادس من أكتوبر، وكذلك الموقف التاريخى حينما تجمعت قبائل سيناء فى (مؤتمر الحسنة)، لتأكيد وقوفنا جميعنا ضد الاحتلال وضد كل من يقف فى وجه الوطن أو يطمع فيه»، مشيرًا إلى أن أبناء سيناء كانوا عيون القوات المسلحة فى حرب التحرير حتى جلاء آخر جندى من جنود الاحتلال وبسط السيادة الكاملة على كل أراضى الجمهورية.
وواصل: «ما رأيناه خلال الفترة الماضية بعد القضاء على الإرهاب، من اصطفاف معدات القوات المسلحة والشركات المدنية لإعادة إعمار سيناء، يؤكد أن الدولة عازمة على التعمير بشكل حضارى لا مثيل له، عبر تشييد طرق عملاقة ومحاور ضخمة تربط سيناء ببقاعها ومدنها وقراها كافة».
وأوضح أن ذلك يظهر من خلال مشروع توسعة وترميم الطريق الدولى «العريش- القنطرة شرق»، الذى يبدأ من قرية بالوظة حتى مدينة بئر العبد بطول ٥٢ كيلومترًا، إضافة لتنفيذ ٤ محاور جديدة لتيسير حركة مرور السيارات هى: محور الطريق الدولى من مزلقان الشعراوى فى قرية الشلاق حتى مدخل قرية أبوطويلة، ومحور الطريق الدائرى من الطريق الدولى حتى تجمع الصوالحة، ومحور طريق الضرائب- ساحل البحر، ومحور طريق الجورة- ساحل البحر.
إبراهيم المقلوظ: زراعة 110 آلاف شجرة زيتون ولوز
قال إبراهيم المقلوظ من أبناء قبائل الشيخ زويد إن رجال القوات المسلحة لعبوا دورًا رئيسيًا فى عودة سكان نحو أكثر من ١٠ قرى إلى منازلهم بعد دحر الإرهاب، وتأهيل الكثير من الطرق والمنازل والخدمات لتكون صالحة للعيش مرة أخرى، خاصة أن سكان المنطقة لا يمكنهم العيش سوى فى مزارعهم الخاصة بالزيتون والفاكهة.
وأضاف، لـ«الدستور»، أنه لم يكن يتخيل يومًا هو وجيرانه من تلك القرى العودة مرة أخرى لمنازلهم وأرضهم بعد أكثر من ٨ سنوات من الغياب، وأنهم يعيشون حاليًا وسط حالة من الهدوء والاستقرار لاسيما أن الكل يمارس حياته الطبيعية فى المصالح الحكومية، وكذلك الجامعات والمدارس عملت بشكل منتظم.
ولفت ابن الشيخ زويد إلى جهود حفر ١٨ بئر مياه للزراعة، حيث يجرى حاليًا تنفيذ مبادرة ضخمة برعاية الرئيس السيسى لزراعة ١٠٠ مليون شجرة تولت شتلها محطة البحوث الزراعية بالشيخ زويد، مشيرًا إلى زراعة ١٠ آلاف شتلة لوز بواقع ٣٠٠ شتلة لكل مزارع لزراعة ٦٧ فدانًا بقرى وتجمعات الشيخ زويد، إضافة إلى زراعة أكثر من ١٠٠ ألف شجرة زيتون بعد عودة السكان لقراهم ومنازلهم.
وذكر مسئولون أن عملية إعادة إعمار سيناء والعريش على وجه الخصوص تتم بمراعاة البعد الاجتماعى والقبلى وطبيعة أهالى سيناء؛ لكى لا تكون تلك التنمية وإعادة الحياة بمعزل عن الواقع، وبدأت من التخطيط لإنشاء مطار مدنى دولى إلى جانب مطار آخر عسكرى، وتشمل ربط العريش بالموانئ البحرية.
ويسهم الاهتمام بتطوير وإعادة بناء ميناء العريش فى تحويله من ميناء محلى إلى أحد الموانئ التجارية العالمية وربطه بمحور تنمية قناة السويس، حيث تمت إضافة ٥٤٠ فدانًا للميناء، ما يعادل ١١ ضعف مساحته، كذلك إنشاء ميناء سياحى لاستقبال الرحلات البحرية.
كل ذلك يتم جنبًا إلى جنب مع تطوير الشواطئ التى يعاد تأهيلها على طول الساحل وليس العريش فقط، حيث يمتد العمل من شرق بورسعيد وبواجهة حوالى ٢٠٠ كيلومتر حتى رفح شرقًا، من أجل الاستفادة من كل منطقة على حدة.
وخلال الأشهر الماضية شهد ميناء العريش التشغيل التجريبى للرصيف الجديد بعد تطويره بميناء العريش بطول ٩١٥ كم، باستقبال أول سفينة يتم شحنها بمساعدات إنسانية لدولتى تركيا وسوريا، لتكون أول قافلة يستقبلها ميناء العريش البحرى، الذى يعد المنفذ البحرى الوحيد لمحافظة شمال سيناء ضمن خطة الدولة فى تنمية سيناء وتوفير فرص العمل للشباب، ومن المتوقع انتهاء مخطط الأعمال لتطوير ميناء العريش خلال الربع الأول من عام ٢٠٢٤.
وتتضمن خطة التطوير تنفيذ أرصفة بحرية وحواجز أمواج وساحات تداول وطرق داخلية ورفع كفاءة المبانى وأسوار وبوابات الميناء باستثمارات تعادل ٣ مليارات جنيه، تشمل إنشاء رصيفين أولهما يبلغ طوله ٢٥٠ مترًا، يجرى حاليًا التشغيل التجريبى له لحين افتتاحه رسميًّا، والرصيف الثانى لميناء العريش بطول ٩١٥ مترًا، حيث يستفيد الميناء من الأنفاق الجديدة أسفل قناة السويس التى يسرت انتقال الأفراد والبضائع عبرها، وسمحت بربط ميناء العريش بشبكة الطرق القومية.
عماد البلك: حملة موسعة لتجميل شوارع وميادين المدن
أوضح المهندس عماد البلك، أحد أبناء قبائل سيناء، ويعمل بإحدى شركات المقاولات، أن مدن شمال سيناء تشهد حاليًا ملحمة تعاونية، تقودها قيادة الجيش الثانى الميدانى ومعها طلاب الجامعات وأجهزة المحافظة وعدد من الشركات ورجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدنى، لتنفيذ ما وصفه بأنه «أكبر عملية تنظيف لشوارع مدن سيناء»، بهدف التخلص من الرمال والركام والحصى وفتح الشوارع المغلقة ودهان وتجميل الأرصفة. وأكد أن مدن العريش وبئر العبد والشيخ زويد تشهد مبادرة واسعة تتضمن أعمال النظافة والتجميل ورفع تراكمات الرمال من على مسارات الكبارى والطرقات، ودهان الأرصفة وأعمدة الإنارة، وتجميل الطرق والميادين، وصيانة أعمدة الإنارة بالشوارع الرئيسية والداخلية. وأضاف: «تلك المبادرة تنقسم إلى شقين، أولهما مؤقت، ويشمل ترميم البلدورات والأرصفة وإعادة طلائها بالألوان حتى يشعر المواطن بأن آثار الدمار والتخريب ذهبت بلا رجعة، والشق الآخر هو استعداد المحافظة وجهاز تنمية سيناء لإعادة هيكلة ميادين العريش بشكل حضارى مغاير عما كانت عليه، مع تجميلها وتوسعة الشوارع وإعادة تنظيم الأرصفة وطرق مرور السيارات والدراجات وتخصيص ممشى لكبار السن والأطفال، إضافة إلى تنظيم الممرات بين الشاليهات وتوسعة الشوارع الداخلية».
10 آلاف وحدة سكنية برفح الجديدة وتطوير الإسكان التعاونى بالمساعيد
أوضح عدد من مسئولى محافظة شمال سيناء أن مشروعات التنمية التى تشهدها المحافظة لا تتوقف عند قطاع بعينه، بل تتحرك فى جميع الاتجاهات والمجالات، مشيرين إلى أن مشروع إنشاء مدينة رفح الجديدة، والذى يتم تنفيذه على مساحة أكثر من ٥٣٥ فدانًا على الطريق الدولى العريش- رفح، يأتى على رأس تلك المشروعات.
وأشاروا إلى أن المدينة الجديدة تشمل أكثر من ١٠ آلاف وحدة سكنية، و٤٠٠ بيت بدوى، ومنطقة خدمات شاملة، تتضمن نقطتى شرطة ومطافئ ومكتب بريد وسنترالًا، ومخبزًا، ومحلات تجارية، وسوقًا تجارية، ومدرسة تعليم أساسى ومسجدًا، وحضانتين للأطفال.
وأكدوا أن المشروعات لا تقتصر فقط على إنشاء المدن الجديدة وترك القديمة، بل تتضمن أيضًا تطوير المدن القائمة، خاصة بعدما نفذت الدولة مشروعات تطوير مختلفة، من بينها تطوير وحدات الإسكان التعاونى بحى المساعيد بالعريش، لإعادة ترميم ١٠٥ عمارات، بإجمالى ٢٣٣٧ وحدة سكنية، والتى تم الانتهاء من رفع كفاءتها، بواسطة الجهاز المركزى للتعمير، مع إعادة تسليمها إلى أصحابها دون تحملهم أى تكلفة مالية، وذلك رغم تكلفة المشروع التى تجاوزت مبلغ ٤٤٠ مليون جنيه.