جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

خال وخال ورشيدى

صالح عبدالحي بـ يحكي في مذكراته إنه خاله عبدالحي حلمي كان مطرب مشهور وغني، وبـ يعوله هو ووالدته، فـ اتسمى بـ اسمه، ثم فجأة خاله جا اتوفى، ومالقوش عنده فلوس حتى يكفنوه، لـ إنه كان غني آه، بس بـ يصرف كل فلوسه أول بـ أول.
صالح كان له خال تاني، يعني أخو عبدالحي حلمي، فـ لما الأخ العائل اتوفى، خاله التاني دا ظن إن صالح وأمه معاهم فلوس المطرب المتوفى لـ إنه كان بـ يرعاهم وقريب منهم، فـ اقتحم عليهم البيت، وفتش وقلب الدنيا ما لقاش حاجة، فـ كره الولد الصبي (صالح) وأمه، وقرر إنه يعاقب الولد سواء كان مخبي فلوس الأخ المتوفى أو إنه أهلكها وهو عايش.
الخال أخد صالح وكان بـ يعرضه لـ صنوف من العذاب، مش هـ أقدر أحكيها لـ إنها فعلا بشعة، بشعة لـ درجة إني مش متأكد إنها فعلا حصلت، محدش يعمل كدا في ولد صغير ما يعرفوش، ناهيك عن إنه يكون ابن أخته، وأتصور إنه كان شديد عليه وناشف شويتين، فـ هو قرر يشوهه بـ هذا الشكل، ويجوز برضه حصل، الله أعلم.

المهم إن صالح بـ يحكي إنه كان المفروض الولد الصغير يحصل خاله نتيجة هذا التعذيب، والكل كان مندهش إزاي دا ما حصلش حتى صالح نفسه، اللي بـ يقول إنه مع تصاعد وتيرة التعذيب ونجاته من الموت مرة بعد مرة، قالوا لـ الخال يسيب الولد على كدا وسابه، فـ الولد الصغير لقى نفسه في الشارع، بس الموضوع ما طولش.
صالح بـ يقول إنه إذا كان ما ورثش فلوس من خاله، فـ هو ورث تلات حاجات أهم من بعض، أولًا اسمه، اللي كان بـ يوفر عليه كتير عند تقديم نفسه، والتانية جمال صوته، لـ إنه صالح كان الأقرب من بين أقارب عبدالحي حلمي في إمكانية الطرب، والتالتة هو بعض العلاقات من أيام ما كان بـ ياخده معاه الحفلات اللي بـ يحييها.
من بين علاقات الخال كان فيه عواد اسمه "علي الرشيدي"، يعني عازف عود، اللي لقى الولد فعلا عنده إمكانيات في الطرب زي خاله، فـ كان بـ ياخده يغني على جنب كدا لـ علية القوم.
بعد شوية، الولد حس إنه الحكاية مش جايبة همها فـ انقطع عن علي الرشيدي ورجع لـ الجوع، آخر مرة الرشيدي أخده عند محمد باشا عرفي ومراته زبيدة أخت الخديوي عباس، وفضل ينتع طول الليل، وقول يا صالح، عيد يا صالح، وكل شوية تخليه يعيد "ياما إنت واحشني" (أكيد مش بتاعة فايزة أحمد)، ومشي عند الفجر، وفي الآخر أخد ريال، الموضوع غير ما كان فاكر خالص.
بعد ما انقطع عن الرشيدي، لقى ناس من عند عرفي باشا جايين له علشان يروح يغني من غير الرشيدي، ولما صالح اشتكى إنه ما أخدش غير ريال، بعتوا جابوا الرشيدي، والباشا طلب منه يجيب الفلوس اللي أخدها علشان صالح، فـ طلعوا خمسين جنيه ذهب! خمسين جنيه دهب! وبدأت الحكاية.