جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

ظواهر إيجابية فى موسم الدراما الرمضانية «1- 3»

عاد رمضان المبارك وعادت معه عادة سنّها التليفزيون المصري ومن قبله الإذاعة المصرية، وهي تكثيف الإنتاج الدرامي خلال الشهر الفضيل، حتى أصبح هناك موسم درامي سنوي يتوازي ويقترن بشهر رمضان من كل عام. وأكاد أقتنع بالمبرر الذي يسوقه المنتجون في مسعى لتفسير سر دأبهم على تكثيف الإنتاج خلال رمضان . وفي المقابل وتدريجيًا صار لديهم نوع من التكاسل وربما الامتناع عن الإنتاج خارج هذا الموسم. فهم يرون أن كثافة المشاهدة تبلغ ذروتها خلال رمضان- وهذا صحيح فيما أرى- وبالتالي فإن اهتمام المعلن يكون بالتوازي في قمته أيضًا بالسعي للترويج لمنتجه بين هذا الكم الهائل من المسلسلات والبرامج، ووسط إبهار النجوم التي تتلألأ في رمضان .غير أن "الشركة المتحدة" انتبهت إلى هذا، فصارت حريصة على وجود إنتاج درامي متميز على مدار العام وخارج السباق الدرامي الرمضاني، وتلك تحقق مشاهدة ومتابعة وتسويقًا ومردودًا إعلانيًا كذلك، وبالتالي فإن نجاح أي عمل درامي- فيما أرى- ليس مرهونًا بموسم البث ولكنه مقترن بجودة العمل. 
أعود للموسم الدرامي الذي صارت الشركة المتحدة تقوم فيه بدور البطولة المطلقة، فأصبحنا نتابع خطة الإنتاج الدرامي للمتحدة، مترقبين ما ستقدمه لنا في كل موسم وهذا العام جاءت الحصيلة مبهجة، ووجدنا فيها ما يستحق الرصد من ظواهر أظنها في معظمها إيجابية.. إن كنت تعترض على ما أقول فتابع معي ما أسرده من ملاحظات ساعتها قد تقتنع برأيي:
   أبرز ما استوقفني هو تنوع المنتج الدرامي بين ما هو شعبي، واجتماعي، ووطني، وكوميدي، أضف إلى ذلك تلك العودة الموفقة جدًا والمنتظرة منذ سنوات للدراما الدينية والتاريخية ممثلة في مسلسل "رسالة الإمام". ومن ناحية الكم نجد أن هناك 17 مسلسلًا من إنتاج المتحدة هي حصيلة الموسم الدرامي الرمضاني الحالي. الجميل في الأمر أيضًا هو عودة أعمال الـ15 حلقة، مما أبعدنا عن المط والتطويل وحشو أحداث جانبية لا تتسق مع الحدث الرئيسي، فضلًا عما كانت تفرضه مسلسلات الشهر الكامل من إقحام شخصيات درامية لا تضيف بعدًا دراميًا للعمل مما يخرج به عن هدفه وعن مواطن جماله، ومن الإنصاف القول إن مسلسلات الشهر الكامل لا يقوى عليها إلا كتاب من نوعية الراحل أسامة أنور عكاشة، ومحمد جلال عبدالقوي ومجدي صابر وعبدالرحيم كمال، وقليل أمثالهم .  
   أمر إيجابي آخر يستحق الإشادة وهو العودة للأعمال الأدبية لتكون هي المنجم الذي يستوحي منه صناع الدراما أفكار مسلسلاتهم، وخطوطها الدرامية الرئيسية. وقد تجلى هذا في "سره الباتع" الذي قام خالد يوسف باستلهامه من قصة نشرت عام 1958 من تأليف د. يوسف إدريس ضمن مجموعته حادثة شرف. وجاءت تدخلات خالد يوسف في العمل الأدبي بتصرف شديد إذ جعل البحث عن السر الباتع ليس لشخص حامد، ولكن للشخصية المصرية عبر محطات مهمة في تاريخها الحديث والمعاصر منها ما شهدناه عام 2011. وهناك أيضًا مسلسل مذكرات زوج المأخوذ عن كتاب بنفس الاسم للكاتب الراحل أحمد بهجت. ولعل هذه بداية موفقة للأخذ من المعروض من إبداعات قصصية وروائية لجيل جديد من كتاب الأدب الذين استعادوا قاعدة قراء كبيرة للسرد المصري بأفكار تناسب العصر وطرح يتسق مع أفكار الجيل الجديد . 
يحسب للقائمين على المتحدة أيضًا إتاحة الفرصة لعدد كبير من النجوم من خلال عدم تكرار النجوم في أكثر من عمل اللهم إلا قليل منهم فرضوا أنفسهم بكفاءتهم على أدوار بعينها كظهور خالد الصاوي في ألف حمد الله ع السلامة، جت سليمة، سره الباتع، الكتيبة 101، ومذكرات زوج، والاستعانة بالنجمة هالة صدقي في جعفر العمدة وفي سره الباتع، والظهور المعتاد لبيومي فؤاد في أكثر من مسلسل إذ بلغ عدد مرات ظهوره 5 مشاركات في هذا الموسم .