جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

عنوان الحلقة الخامسة من «سره الباتع».. كل ما تريد معرفته عن ظاهرة الثأر

سره الباتع
سره الباتع

شهدت الحلقة الخامسة من مسلسل "سره الباتع"، والتي حملت اسم "الثأر"، جنازة الشيخ صابر والذي يجسد دوره الشاعر هشام الجخ، وشارك فيها كل أهل البلد على رأسهم حامد (أحمد السعدني) الذي ظهر متأثرًا برحيل صديقه. 

ويقرر حامد الانتقام ممن قتلوا صابر والأخذ بثأره بنفسه، ويهجم حامد على ثلاثة جنود فرنسيين ويستوقفهم بالسلاح، ويعرف منهم من قتل صابر، ويترك لناجي (ميدو عادل) فرصة أن يأخذ ثأر شقيقه وتحدث مواجهة بينهم وتنتهي بقتل حامد وناجي لثلاثة جنود فرنسيين.

وبهذه المناسبة؛ نسلط الضوء على ظاهرة الثأر، ما المقصود بالثأر؟ كما نكتشف متى ظهرت وأين؟ وكذلك الثأر في اللغة، وموقف الإسلام منه.

ما هو الثأر؟

أن يقوم أولياء الدم "أقارب القتيل" بقتل القاتل نفسه أو قتل أحد أقاربه انتقامًا لأنفسهم دون أن يتركوا للدولة حق إقامة القصاص الشرعي.

وتعتبر ظاهرة الثأر من أخطر وأقدم الظواهر الاجتماعية التي عانت منها المجتمعات البشرية، وتشكل خطرًا كبيرًا، كما تعد من أعقد وأصعب الظواهر التي تؤثر في حياة المجتمع، وتعد من أسوأ العادات الاجتماعية الموروثة التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي وتعيق عملية التنمية في البلاد وتؤدي إلى سفك دماء الكثير من الأبرياء وإلى قيام العديد من الحروب والنزاعات القبلية.

الثأر في اللغة

جاء في لسان العرب لابن منظور: الثَّأْرُ وَالثُّؤْرَةُ: الذَّحْلُ، قال بن سيدة: الثَّأْرُ: الطَّلَبُ بِالدَّمِ، وقيل: الدَّمُ نَفْسُهُ، والجمع: أَثْآرٌ وَآثَارٌ، عَلَىْ الْقَلْبِ، وقيل: الثَّأْرُ: قَاتِلُ حَمِيْمِكَ، وَالاِسْمُ: الثُّؤْرَةُ. 

قال الأصمعي: أَدْرَكَ فُلاَنٌ ثُؤْرَتَهُ: إِذَا أَدْرَكَ مَنْ يَطْلُبُ ثَأْرَهُ. ويقال: ثَأَرْتُ الْقَتِيْلَ وَبِالْقَتِيْلِ ثَأْرَاً وَثُؤْرَةً، فَأَنَا ثَائِرٌ: أَيْ قَتَلْتُ قَاتِلَهُ، وَالثَّائِرُ: الَّذِيْ لاَ يُبْقِيْ عَلَىْ شَيْء حَتَّىْ يُدْرِك ثَأَرَهُ. وَأَثْأَرَ الرَّجُلُ وَاِثَّأَرَ: أَدْرَكَ ثَأْرَهُ. وَثَأَرَ بِهِ وَثَأَرَهُ: طَلَبَ دَمَهُ، ويقال: ثَأَرْتُ فُلاَنَاً وَاِثَّأَرْتُ بِهِ: إِذَا طَلَبْتَ قَاتِلَهُ. 

وَالثَّائِرُ: الطَّالِبُ. وَثَأَرْتُ الْقَوْمَ ثَأْرًَا: إِذَا طَلَبْتَ بِثَأْرِهِمْ، وقَالَ اِبْنُ السِّكِّيْتِ: ثَأَرْتُ فُلاَنًَا وَثَأَرْتُ بِفُلاَنٍ: إِذَا قَتَلْتَ قَاتِلَهُ. وَثَأْرُكَ: الرَّجُلُ الَّذِيْ أَصَابَ حَمِيْمَكَ. وَالْمثْؤُوْرُ بِهِ: الْمَقْتُوْلُ. وَتَقُوْلُ: يَا ثَارَاتِ فُلاَنٍ: أَيْ يَا قَتَلَةَ فُلاَنٍ.

الثأر في المجتمعات العربية

تعد ظاهرة الثأر من العادات القديمة السيئة، التي كانت منتشرة قبل الإسلام أي من بقايا الجاهلية، إلا أنه تم القضاء عليها بانتشار الإسلام، حيث شرع القصاص.

وتنتشر هذه الظاهرة في المجتمعات القبلية التي تتميز بقوة العصبية القبلية فيها، ومن هذه المجتمعات القبائل العربية عمومًا، والمنتشرة في جميع أراضي الوطن العربي، وتزداد هذه الظاهرة كلما ازدادت مظاهر وجود القبيلة، كالمجتمع اليمني، ومجتمع صعيد مصر.

موقف الإسلام من الثأر
وضع الله سبحانه وتعالى في جرائم الحدود والقِصَاص عقوبات، ولم يترك للناس تقديرها؛ نظرًا لأهميتها، وساوى بين الناس جميعًا، فليس هناك فرق بين الناس ومراتبهم وأقدارهم، فهي متساوية، فلا فرق بين وضيع أو شريف ولا غني أو فقير لقوله تعالى: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِيْ الْقَتْلَىْ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ". 

ونصت جميع الشرائع السماوية على عقوبة القتل، فليس هناك مجال لكي نتخلص من هذا الجزاء كونه سَيُجَسِّمُ تداعيات الفتن لقوله تعالى: "وَلَكُمْ فِيْ الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِيْ الأَلْبَابِ"، والأمرُ الآخَرُ: إن مما يشير إلى خطورة هذه الظاهرة، أن الدماء هي أول أمر يقضي الله سبحانه وتعالى فيه بين الناس يوم القيامة وهذا يدل على أن لهذه الدماء حرمة، والرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: "أَوَّلُ مَا يُقْضَىْ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيْ الدِّمَاءِ".

فالله سبحانه وتعالى قد تَوَعَّدَ مرتكبها بالخلود في جهنم، وليست له توبة هذا عند بعض الفقهاء الذين قالوا: لا توبة للقاتل عمدًا وعدوانًا، ومنهم ابن عباس، قال: لأن هذه الآية كانت آخر ما نزل من آيات القرآن الكريم، فلم يوجد لها ناسخ، والآية هي: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًَا مُتَعَمِّدًَا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًَا فِيْهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًَا عَظِيْمًَا".

ويؤكد قول النبي (صلى الله عليه وسلم) هذه القضية: "كُلُّ ذَنْبٍ عَسَىْ اللهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلاَّ الرَّجُلُ يَقْتُلُ الْمُؤْمِنَ مُتَعَمِّدًَا أَوِ الرَّجُلُ يَمُوْتُ كَافِرًَا"، وقوله: "لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَىْ اللهِ مِنْ قَتْلِ اِمْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ".

سره الباتع

مسلسل "سره الباتع" للمخرج خالد يوسف مأخوذ عن قصة قصيرة للأديب الراحل يوسف إدريس، وهو بطولة أحمد فهمي، ريم مصطفى، أحمد السعدني، حنان مطاوع، حسين فهمي، نجلاء بدر، عمرو عبدالجليل، صلاح عبدالله، هالة صدقى، أحمد عبدالعزيز، وأحمد وفيق.

وتدور الأحداث حول الشاب الذي يبحث عن سر مقام "السلطان حامد" الموجود في إحدى قرى الريف المصري، ويقوده البحث عن اللغز إلى وقت الحملة الفرنسية على مصر، ويُكتشف أن صاحب المقام لعب دورًا هامًا في مقاومة الاحتلال، حيث قام بقتل أحد قادة الجنود، ولذلك أطلق الاحتلال حملة للقبض عليه، خاصة أن له علامة مميزة وهي وشم عصفور على وجهه وأربع أصابع فقط في يده، ولكن يقع الجنود في ورطة عندما يقوم الشباب في القرى التي يهرب إليها بقطع إصبع من أصابعهم ورسم نفس الوش على وجوههم لتضليل الجنود والحفاظ على حياة "حامد".