جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

تيارات الرياح القاتلة.. خطر «التغيرات المناخية» يطارد الصيادين

الصيد
الصيد

داخل مياه البحر المتوسط بمحافظة دمياط، كان يؤديان الشقيقين «عماد» و«السيد» وظيفتهما اليومية، مستقلان لانش الصيد الخاص بهما، ورغم ارتفاع شدة الرياح والأمواج؛ بسبب الطقس السيئ الناتج عن التغيرات المناخية، الذي تعرضت له المنطقة في الأيام القليلة الماضية، إلا أن ذلك لم يمنعهما من البحث عن مصدر رزقهما داخل المياه.

وفي 6 فبراير الجاري، لقى الأخوين مصرعهما غرقًا؛ بسبب سقوط الأمطار الغزيرة والرياح التي اشتدت إذ فجأة، ليواجها الموت سويًا، حتى قامت قوات الإنقاذ النهري بالبحث المكثف عنهما، ونجحت في استخراج جثمان أحد الضحايا، الأمر الذي جعل محافظة دمياط تعلن حالة الطوارئ، وتطلب التعاون بين كافة الجهات التنفيذية من أجل التصدى لأية طوارئ قد تحدث نتيجة الطقس السيئ الذى يضرب البلاد، إثر التغيرات المناخية التي تظهر من حين لآخر.

لعدة قرون، اعتمد المواطنون على وفرة الأسماك والمأكولات البحرية في المحيط في وجباتهم الغذائية، وذلك في الأصل عن طريق الصيد على نطاق ضيق والصيد الحرفي، لكن اليوم، أحد أكبر العوامل الدافعة لفقدان التنوع البيولوجي البحري هي التغيرات المناخية التي طرأت على كافة دول العالم، وأصبحت تهدد مصير الصيادين داخل البحار.


مناخ خطر
 

ومن جانبه، يقول  نيكولاس فيليب، الباحث البيئي بمبادرة المناخ والتنمية الإفريقية، إن مناخ الأرض عبارة عن سلسلة من الأنظمة المتصلة، لكن البشر يؤثرون على تلك الأنظمة من خلال إطلاق غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، والتغييرات في الغلاف الجوي تؤثر على المحيطات، ما يجعل الأمر معقدًا بالنسبة للعاملين في مجال صيد الأسماك.

ويوضح «فيليب» في حديثه لـ «الدستور»، أن متوسط درجة حرارة سطح المحيط ارتفع بمقدار 0.07 درجة مئوية كل عقد خلال المائة عام الماضية، فقد ارتفع مرتين أسرع منذ عام 1985، كماتؤدي التركيزات العالية لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى تحمض المحيطات، ففي الـ 200 عام الماضية، كانت هناك زيادة بنسبة 25٪ في درجة حموضة المحيطات.

أما عن تعرض حياة الصيادين لخطر الموت، يُشير البيئي بمبادرة المناخ والتنمية الإفريقية، إلى أن المناخ المتقلب الذي يشهده العالم في الآونة الأخيرة يؤثر بشكل خاص على الصيادين العاملين داخل المياه طوال الوقت، ففي لحظة ما يمكن أن تنقلب أوضاعهم بأكملها، لذا يجب على الجهات المعنية توفير الحماية الكاملة لهم، وإعطاء إنذارات بعدم النزول إلى المياه في أوقات التنبؤ بالطقس السئ.

ويضيف «تؤثر أحداث الطقس المتطرفة مثل موجات الحرارة على النظم البيئية للمحيطات، وهذه الأحداث يمكنها أن تدمر موائل الأسماك الحرجة، فالأسماك لا يمكنها البقاء على قيد الحياة دون موائلها، فضلًا عن تعرض مركبات الصيد للغرق أثناء تحركها داخل المياه».

تيارات قاتلة
 

ويستكمل «فيليب» حديثه، مشيرًا إلى تعرض الصيادون بصفتهم جزءًا مهمًا من مصايد الأسماك للتهديد، جراء العديد من تأثيرات الاحتباس الحراري، بما في ذلك التغيرات في التيارات المحيطية، وتغيرات هطول الأمطار التي تؤثر على مستويات البحيرة وتدفقات الأنهار، وزيادة وتيرة وشدة العواصف، والأحداث المتطرفة مثل النينو والأعاصير والفيضانات والجفاف الشديد. 

وينوّه بأن الصيادون في القارة الأفريقية لديهم المزيد من الاهتمام في المستقبل أكثر من البلدان الأخرى في هذا السياق، ويمكن ربط أنواع مختلفة من تأثيرات تغير المناخ على الصيادين بالعناصر المختلفة لأطر سبل العيش مثل التأثيرات على الأصول والتأثيرات على أنشطة سبل العيش.

ويختتم «الصيادون هم في الأغلب من الفقراء أو في فقر مدقع وغالبًا ما لا يحصلون على قروض لمواجهة الصدمات والاتجاهات، إن صحتهم السيئة عادة وأنظمة الرعاية الصحية غير الملائمة تجعلهم أكثر عرضة للأحداث الشديدة وتفشي الأمراض، لذا من الضروري تعيين مراقبين لأحوالهم داخل العمل، والحفاظ على حياتهم من خطر التغيرات المناخية».