جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

لوجه الله والوطن!

لن نضيف جديدًا إذا ما قلنا إن الظروف التي يمر بها بلدنا الآن، ربما تكون هي الأقسي والأصعب في تاريخها الحديث كله، بل والقديم أيضًا إذا ما وضعنا في الاعتبار أن تعدادنا قد تضاعف أضعافًا كثيرة عمَّا كنا عليه من قبل في كل العصور والأزمنة! 
الأزمات المتتابعة والمتتالية والمتلاحقة التي ضربت العالم مؤخرًا ولم تبرحه ولم تترك شيئًا في مطرحه، واكتوي بنيرانها سكانه واكتوينا مثلهم بها، وألقت علينا بتبعاتها، ولم نسلم بعد من لسعاتها، تحتم علينا أن نقف جميعًا على قلب رجل واحد ونصطف خلف وطننا لندعمه ونخلص إليه ونكرمه، وهذا أضعف الإيمان! صون الوطن من الإيمان، والأوطان لا تصان بالأقوال، إنما الصون بالأفعال، ومهما عظمت الأقوال ولم تترجم إلى أفعال، فلن تخرج عن كونها "كلامًا" مجرد كلام والسلام! 
ولكي لا يأخذنا الحديث ويتحول حديثنا إلى كلام، فسندخل مباشرة في الموضوع ونتوكل على الله، ونقول إننا نمر الآن بظرف استثنائي، وفي الظروف الاستثنائية أقل ما يتوجب على الجميع فعله هو التوقف عن توجيه النقد، وعدم الإمعان في الانتقاد والترفع عن الجدل، والنأي بالنفس عن الجدال، والبحث عن مخارج للأزمات، وإيجاد حلول للمشكلات! 
واعترافنا بوجود المشكلة يعني ضمنيًا أننا قد قطعنا شوطًا معقولًا في السير نحو حلها، وهو ما قد يقودنا بعد الاتكال على الله إلى اقتلاعها من جذورها!
هنالك أزمة يمر بها العالم كله، وأمامنا في بلدنا مشكلتان، إحداهما أزلية والأخرى آنية، المشكلة الأزلية هي زيادة أعداد السكان ولن نتحدث عنها الآن، والمشكلة الآنية هي الارتفاع المبالغ فيه للأسعار! 
حالة الغلاء المستعر والمتنامي والمستمر التي يعاني منها الناس لا بد لها من حل سريع وعملي وناجع قبل أن يتسع الخرق على الراقع!
أصاب الجنون الأسعار، وأصيب بعض التجار بداء الجشع والسعار، باتت الأسعار نارًا ولم تصبح رمادًا، فمن هو المسئول؟ التاجر الصغير أو البائع المتعامل مباشرة مع المواطن، سواء في الأسواق الشعبية أو المحال التجارية "بقي بيرفع الأسعار بمزاجه" غير مكترث بمحاسبة، ولا متهيب لعقاب، ولا هو مستعد للمناقشة ولا عنده وقت للحوار، بيغلي السلع على كيفه، والبركة في شماعة الدولار! 
عادة ما تتحرك أسعار المنتجات عند وجود نقص فيها، أو ندرة لبعضها وفي أوقات الحروب والأزمات، وبيكون التحريك محدود، ثم ما تلبث الأمور أن تعود إلى طبيعتها عند انفراج الأزمة، أو توافر السلعة، هذا ما نعرفه ونفهمه، أما أن يستمر مسلسل الزيادة، فهو أمر مخالف للعادة! لماذا لم تنخفض الأسعار مثلاً بعد الإفراج عن البضائع المحتجزة بالموانئ ؟! 
لقد تدخلت الدولة"ممثلة في الحكومة وذللت العديد من العقبات، وفرت السلع بالمجمعات، ودعمت المنافذ بالمنتجات، أقامت معارض "أهلًا رمضان" من قبل ما يهل علينا هلال رمضان بشهرين كاملين ولم تنخفض الأسعار قرشًا واحدًا عند باقي البائعين فماذا يعني هذا؟
ألا يعني أنه يوجد بيننا من هم جشعون وطامعون ومستغلون؟ نحن نطالب التجار بأن يتقوا الله ويُعملوا بعض الضمير ويحمدوا الله على ما رزقهم" ومش شرط يكسبوا كتير"، كما نهيب بالحكومة أن تتدخل بكل حسم وحزم وقوة لتشديد الرقابة على الأسواق، من أجل ضبط الأسعار، والضرب على يد كل الجشعين، سواء كانوا محتكرين أو تجارًا كبارًا أم صغارًا! 
حفظ الله بلدنا وأعاننا.