جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

تكريمًا لأسر شهدائنا فى احتفالنا بعيد الشرطة

سيظل التاريخ يذكر أننا فى سبيل حماية أمن واستقرار مصر فقدنا أبطالًا شهداء من الشرطة والجيش هم تيجان من نور فوق رأس كل مصرى مخلص، وكل مصرية مخلصة لمصرنا الغالية.

وسيظل كل منا من المخلصين لمصرنا الغالية يترحم على شهدائنا الأبرار ويدعو لهم بدخول الجنة، ومن واجبنا أن ندعم أسرهم وأن يلقوا المزيد من التكريم من كل فئات المجتمع المصرى الذين يدركون دورهم البطولى، وأنه لولا تضحياتهم وفداؤهم لما تمكنا من العيش فى بيوتنا فى أمان واستقرار، ولهذا فإننا مطالبون بأن نضعهم فى مكانة اجتماعية رفيعة يستحقونها، واحترامًا وتقديرًا من كل المصريين المخلصين لوطننا الغالى.

كما أننى أتمنى أن تخصص لهم الدولة صندوقًا للظروف الطارئة أو لاستيفاء ضرورات الحياة التى قد يكونون فى حاجة إليها، إن كلًا منهم فى تقديرى يعد بطلًا من نوعية فريدة مهما صغرت رتبته لأنهم هم الذين يقفون فى خط المواجهة الأول، هم ورجال الجيش المصرى، كما أنهم هم الذين يواجهون الإرهاب الأسود الذى كان يستهدف تدمير الوطن، والذى استباح قتل المصريين وكان يستهدف تقسيم الوطن بالتحالف مع المخططين لتخريب وتدمير بلدنا الغالى، إننا أبدًا لن ننسى تضحياتهم بحياتهم ولن ننسى يومًا مشهد الأم المكلومة التى قدمت ابنًا من أبنائها فداءً لمصر، والتى كان الرئيس عبدالفتاح السيسى يمسح دموعها فى لحظة تكريم ابنها فى الاحتفال السنوى بعيد الشرطة، ولا مشهد الزوجة الشابة التى تصحب طفلها فى عيد الشرطة لتتسلم تكريم زوجها الشهيد بطل الشرطة من الرئيس.

إن الاحتفال بعيد الشرطة فى رأيى هو مناسبة قومية لنقف جميعًا تحية واحترامًا وإجلالًا لشهداء الشرطة هم وأسرهم أيضًا الذين يعانون الفقد والحزن بفقدان الشهيد، وخاصة الأم التى تفقد ابنها فى سن الشباب، لأنها ستظل تبكيه طوال العمر، والزوجة الشابة التى لديها طفل أو طفلان فهى قد فقدت الزوج فى سن الشباب وسيكون عليها تحمل مسئولية استكمال تربية وتنشئة وتعليم الطفلين وحدها من بعده، وتحمل صعوبات المعيشة بمفردها من بعد استشهاد الزوج البطل دفاعًا عن أمن واستقرار الوطن، وسنظل نقف احترامًا لبنات وأبناء الشهداء الذين سيشبون دون وجود الأب بينهم، إلا أنهم وفى نفس الوقت سيدركون ومع الوقت أنهم أبناء بطل كرمته الدولة لبطولته، وأنه فى مكان أفضل من الجميع.

ولهذا فإننى أرى أن تكريم أسر الشهداء هو لمسة إنسانية، إلا أن دعمهم من جانب الدولة ماديًا فى الظروف الطارئة أو الصعبة هو أبلغ تعبير عن امتنان الدولة لما قدموه من تضحية فداءً للوطن، كما أتمنى من المجتمع المصرى والمؤسسات والجمعيات الأهلية أن تكرم بعض أسر الشهداء فى عيد الشرطة من كل عام ردًا للجميل الذى قدموه بحمايتنا من الإرهاب والظلاميين والمرتزقة المأجورين.. ويعود الاحتفال بعيد الشرطة إلى بطولات فذة قدموها من أجل الوطن فى تاريخنا الحديث وتخليدًا لذكرى موقعة الإسماعيلية التى راح ضحيتها أكثر من ٥٠ شهيدًا و٨٠ جريحًا من رجال الشرطة المصرية فى ٢٥ يناير ١٩٥٢ بعد أن رفضوا تسليم سلاحهم وإخلاء مبنى المحافظة للاحتلال الإنجليزى، ليعطوا دروسًا فى الصمود والتضحية للاحتلال الغاشم لمصر.

وبسبب هذه الواقعة تم الإقرار بالاحتفال به فى ٢٠٠٩، واعتبر ٢٥ يناير يوم إجازة رسمية، وفى ٢٠١١ حدثت احتجاجات ضد النظام وتصاعدت، وكان من المطالبات الغريبة والمغرضة تصدير الكراهية لرجال الشرطة، وبعد أن تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مقاليد السلطة فى البلاد وتنحى الرئيس الأسبق مبارك عن الحكم عاد رجال الشرطة إلى مواقعهم، وعاد الاحتفال بعيد الشرطة المصرية ليكون مناسبة قومية فيها التقدير والاعتزاز بدور رجال الشرطة، وهذا العام شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى الاحتفال السنوى رقم ٧١، وخلاله كرم عددًا من أسر الشهداء وكرم أيضًا الفنان صلاح ذوالفقار الذى كان ضابطًا فى الشرطة المصرية قبل دخوله مجال التمثيل فى السينما، وعُرض فيلم تسجيلى بعنوان «قد المسئولية» عن تاريخ بطولات الشرطة المصرية شارك فيه الفنان أحمد بدير وأيضًا الفنان الشاب طارق صبرى، وسلط الفيلم الضوء على بطولات الشرطة المصرية وحضر الاحتفال كبار رجال الدولة والرئيس السابق عدلى منصور، ورئيس مجلس النواب د. حنفى جبالى، ورئيس مجلس الشيوخ المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، وشيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، والبابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية.

كما سعدت يوم ٢٨ يناير بحضور احتفالية وطنية مبهجة نظمها متحف القوات الجوية احتفالًا بعيد الشرطة تقديرًا واعتزازًا لجهود رجال الشرطة البواسل وعلى شرفهم، بحضور بعض أسر شهداء القوات المسلحة وقدامى القادة وقادة وضباط من هيئة الشرطة ومن القوات المسلحة وعدد من الشخصيات العامة وبعض طلاب المدارس والجامعات، حيث تم تكريم مجموعة من أسر شهداء رجال الشرطة ومجموعة من أسر شهداء القوات المسلحة الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن لا يبغون إلا الدفاع عنه ضد أى تحدٍ رغم صعوبته.

وألقى اللواء أركان حرب القوات الجوية ومدير متحف القوات الجوية، د. مجدى دويدار، كلمة فى بداية الاحتفال قدم فيها التحية والتقدير لكل رجال الشرطة المصرية البواسل لما يقدمونه كل يوم من أعمال البطولة والفداء حفاظًا على أمن وأمان الوطن وسلامة المواطنين، جنبًا إلى جنب وصفًا واحدًا مع أشقائهم فى القوات المسلحة المصرية، ليعلم الجميع أن فى مصر رجالًا وهبوا أرواحهم فداءً للوطن وعاهدوا الله على حمايته والحفاظ على أمنه وسلامته فى ظل قيادة سياسية تضع أمن مصر وسلامة شعبها وأراضيها على رأس أولويات الدولة فى الجمهورية الجديدة، كما ألقى المفكر الإسلامى د. خالد الجندى كلمة تحية لرجال الشرطة الأبطال.. كما قدمت بعض الأناشيد الوطنية لفرقة أم كلثوم الموسيقية والمايسترو د. محمد عبدالستار، وقدمت المطربة الصاعدة نيفين رجب فقرة من الأناشيد الوطنية المحبوبة، وقدم الاحتفال الإعلامية سارة نجيب والإعلامى حسين حسنى.

ومن الحضور السفيرة مشيرة خطاب، رئيسة المجلس القومى لحقوق الإنسان، النائب طارق شكرى، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، والنائب عبدالهادى القصبى، رئيس لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، والنائبة حياة خطاب، عضو مجلس الشيوخ، والفنان هانى رمزى والإعلامى شريف مدكور، والمهندسة زينب بشير، رئيس مؤسسة بنحبك يا مصر، والأستاذ سامر يوسف وزوجته المهندسة رباب عبدالعاطى. 

كل عام ومصرنا الغالية بخير وشعبها وجيشها وشرطتها بخير وأمان وتقدم واستقرار وازدهار، ويبقى أنه على كل أم دور مهم فى أن تقوم بتوعية أبنائها بدور وبطولات رجال الشرطة المصرية فى الدفاع عن أمن واستقرار الوطن والتصدى للإرهاب، وبأن مصر قد فقدت عددًا كبيرًا من الشهداء الذين ضحوا بحياتهم لحماية الوطن، وبأن تجعل هذه المعلومة ذكرى حية فى وجدانهم لتبث فيهم روح الولاء والانتماء للوطن والتقدير لتضحيات أبطالنا البواسل من الشرطة والجيش المصرى.