جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

الانتخابات الرئاسية والحرب ضد مصر

في مايو ٢٠٢٤ موعد الإنتخابات الرئاسية المصرية، وهي الثالثة بعد ثورة ٣٠ يونيو العظيمة، وخلال السنوات الماضية تواجد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي على سدة الحكم بفوزه في ولايتين متتاليتين، والذي قاد فيهم المشروع الوطني المصري متعدد المهام، كان الأهم هو تثبيت اركان ومؤسسات الدولة لتكون قادرة على الصمود ضد ما يحاك لها خارجيا من مخطط جهنمي يفوق قدرة واقع القوة المصرية بمراحل.

وأيضا لكي تكون تلك المؤسسات أداء لمشروع التنمية المستدامة للجمهورية الجديدة، ونجحت الدولة المصرية  بكل اقتدار في مجابهة مخطط الخارج، وحصاره وتركيعه داخل نقاط محدده جغرافيا تتمثل في سد النهضة والإرهابيين في ليبيا والاضطرابات في السودان، بعد ان قطعت رأسه في سينا.

ربما تكون القيادة المصرية لها العذر في الكثير من التعاطي الإداري مع ملفات الداخل بسبب تهالك المؤسسات القائمة منذ ستينيات القرن الماضي والنتيجة ان عوامل التنمية التي قامت بها القيادة السياسية لم يظهر بريقها للمواطن بسبب عمق تواجدها في قاع بيروقراطية تلك المؤسسات، فكان يجب تدريجيًا السير في خطوات الاحلال والتجديد ليتم توليد مؤسسات حديثة من دون الأخلال بالقائمة حاليًا حتى لا تنهار الدولة، ذلك التوليد يكون عن طريق قيام شركات ومؤسسات شبه حكومية خارج إطار لوائح التشغيل والأجور للمؤسسات القائمة حاليًا.

تلك الشركات الحديثة يكون العنصر البشري فيها ابنًا للثورة الرقمية وقادرًا على مواكبة تغييرات الخارج بكل معطياته الاقتصادية والثقافية والتعليمية، ودورها المحوري يتمثل قي تغذية المؤسسات الحكومية القائمة حاليًا بثقافة عمل جديدة، وبعد مرور فترة من الزمن تصبح تلك الشركات والمؤسسات الحديثة مكان مؤسسات الدولة القديمة.

ولكن لا بأس بما تم إنجازه في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الدولة المصرية، وعلى القيادة السياسية من الآن إلى وقت الانتخابات الرئاسية في مايو ٢٠٢٤ أن تتخذ خطوات جادة لضبط الكثير من الأوضاع وأهمها الأسعار التي خارج سيطرة الدولة تمامًا ولا تتماشي مع أي منطق اقتصادي، بل تخضع لمزاج التجار والبائعين، ولا يمكن أن تكون الأدوات الرقابة الموجوده حاليًا جزءًا من الحل، لأنها مكون أصيل من مكونات مؤسسات الدولة المتهالكة، وقد اقترحنا كثيرًا أن حل المشكلة مؤقتًا لحين قيام مؤسسات دولة عصرية هو إطلاق يد جهاز الأمن الوطني داخل أروقة مؤسسات الدولة، لأنه هو الوحيد القادر على لجم سعار الكثير من المشاكل وأهمها الأسعار، لما له من خبرات كبيرة في التعامل مع المواطن، ولما يمتلكه من نزاهة وشفافية ومهابة وحب وثفة المواطن.

وما أود التحذير منه أن الدولة المصرية ستواجه حربًا شرسة وصعبة منذ الآن وإلي وقت الانتخابات الرئاسية، تلك الحرب ستتمحور حول فك العلاقة بين الشعب والجيش، بعد أن تم تصوير النظام القائم حاليًا بأنه يمثل القوات المسلحة، مستغلين تبعات الإصلاح الاقتصادي وما حدث من تأثيرات سلبية على حياة المواطنين قي ظل عدم رقابة حقيقية على ما يتعرض له المواطن من صعوبات اقتصادية وفي ظل أيضًا قرارات غير مدروسة من الحكومة والتي عمقت المشكلة لدي المواطن.

والآن يقوم أعداء الخارج بمحاولة تلميع أحد أضلاع نظام مبارك الذي كان السبب فيما حدث في ٢٥ يناير من مظاهرات ضد نظام الحكم حينذاك، والغرض من ذلك ليس فوز هذا بالرئاسة، بل وضعه حجر عثرة أمام المشروع الوطني المصري، فبكل تأكيد الشعب سيرفضه، لكن فساد الدولة العميقة والإخوان سيساندونه ليس حبًا فيه أيضًا، بل حربًا لذلك المشروع الذي يقوده السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وسيجعلون منه حائط مبكي للديمقراطية والحرية، مستغلين إياه كأداء ابتزاز للقيادة المصرية مثلما يتم استغلال الوضع في ليبيا وسد النهضة والسودان.

وعلى القيادة السياسية أن تقطع الطريق على تلك الحرب بوضع خطة محكمة للقضاء على الفساد والإخوان، وأقصد بالقضاء هنا ليس على العنصر البشري، بل على المنافذ الثقافية والمالية، ذلك يحدث بوضعهما تحت مقصة القانون العسكري بعد تعريفهما وتحديد مصادرهما، هذا ما طلبنا به مرارًا وتكرارًا  خلال السنوات الماضية، فما زال الفساد يعمل بقوة وتتسع رقعته بعد أن تمت شرعنة وجوده داخل ثقافة المؤسسات المصرية، وما زالت منافذ الإخوان المالية والثقافية تعمل بقوة، بل اتسعت رقعتها التي ترمي إلي تغيير ديموغرافي للمجتمع المصري وهذا هو المخطط الذي بناه الإخوان أثناء تواجدهم في سدة الحكم.

بكل اختصار، يجب تغيير أدوات الحكم بكل تنوعاتها البشرية والثقافية، حتى تستطيع مصر الانتصار الكامل على المخطط الذي ما زال يتلون بألوان الأحداث الزمنية.