جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

«ميزان المنطقة».. لماذا تعتمد أمريكا على مصر فى التهدئة بين فلسطين وإسرائيل؟

الرئيس السيسي
الرئيس السيسي

وصل أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكية، اليوم الأحد، إلى مصر، في مستهل جولته إلى المنطقة، والتي تشمل كلا من فلسطين وإسرائيل وتستمر حتى بعد غدٍ الثلاثاء.

وتأتي جولة بلينكن في ظل تصاعد حدة التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خلال اليومين الماضيين، حيث نفذ الجيش الإسرائيلي عملية ضخمة لاقتحام مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة، أسفرت عن استشهاد 10 فلسطينيين، تلاها وقوع حادث لإطلاق النار في مستوطنة "النبي يعقوب" بمدينة القدس المحتلة، ونتج عنها مقتل 7 إسرائيليين، واستشهاد المنفذ الفلسطيني.

اعتماد أمريكي على الدور المصري

وتعتمد الولايات المتحدة بشكل رئيسي على الدور المحوري والرئيسي الذي تلعبه مصر في كل محاور القضية الفلسطينية، لاسيما قدرة القاهرة على تحقيق الهدوء بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، في قطاع غزة المحاصر، وبذل الجهود لمنع أي تصعيد في أنحاء الأراضي المحتلة.

وظهر ذلك جليًا في البيان الذي أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، أمس السبت، بعنوان "العلاقات المصرية الأمريكية"، بمناسبة مرور 100 عام على العلاقات بين الدولتين، والذي ركز على تشارك واشنطن والقاهرة في التزام دعم مبدأ "حل الدولتين" كأساس لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وجاء في نص بيان الخارجية الأمريكية: "تشترك الولايات المتحدة ومصر في التزام لا يتزعزع بحل الدولتين المتفاوض عليه باعتباره السبيل الوحيد لحل دائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ووجود وتدابير متساوية للأمن والازدهار للإسرائيليين والفلسطينيين".

الدور المصري «لا غنى عنه» في المنطقة

وتدرك الولايات المتحدة جيدًا أن مصر هي أهم القوى الإقليمية، إن لم تكن الوحيدة في المنطقة، التي تملك تأثيرات قوية وواضحة، فيما مجريات الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث أنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تملك اتصالات وثيقة مع الفصائل الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية، وكذلك مع الجانب الإسرائيلي.

وكذلك، فإن مصر لديها كل الأدوات، والأوراق، التي تمكنها من ممارسة ضغوط كبيرة على الأطراف في فلسطين وإسرائيل، ولعب دور حاسم في الوساطة بينهم، للتوصل إلى تهدئة بوقف إطلاق النار، وهو ما تنجح فيه دائمًا، سواء في الحروب الثلاث بين غزة وإسرائيل، أو الموجات التصعيدية المتفاوتة.

في السياق ذاته، أدرك الرئيس الأمريكي جو بايدن، أيضًا، أهمية التواصل مع الرئيس السيسي، لما تمثله مصر من ركيزة مهمة في المنطقة، ومن ثم، بادر بإجراء أول اتصال به، في مايو 2021، وبعد وقت قليل من تولي "جو" رئاسة البيت الأبيض، ليعرب له عن تقديره للجهود التي بذلتها القاهرة من أجل وقف التصعيد الذي اندلع بين الفصائل الفسطينية وإسرائيل، على حدود غزة آنذاك.

إدراك أمريكي لدور مصر المحوري في القضية

وبعد إعلان مصر التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين، أجرى بايدن اتصالا بنظيره المصري، أعرب فيه عن "خالص امتنانه" للرئيس السيسي، كما شكره على نجاح مساعي مصر الدبلوماسية لإنهاء موجة التصعيد بين إسرائيل وغزة. 

وعبر بايدن، خلال المكالمة الهاتفية، عن أنه يجب البقاء على اتصال وثيق مع الرئيس السيسي، وفقًا لبيان نشره البيت الأبيض، عقب هذه المكالمة.

وهو الموقف الذي كرره الرئيس الأمريكي، ففي أغسطس الماضي، حيث أعرب بايدن عن خالص تقديره للرئيس السيسي، وفريق الوساطة المصري، الذي لعب دورًا حاسمًا في الجهود الدبلوماسية من أجل إعادة الهدوء إلى المنطقة في وقت قصير.  

في ذلك السياق، فإن زيارة بلينكن الحالية، ستركز في ملفاتها على دور مصر، والجهود الضخمة التي تبذلها الآن، من أجل الحفاظ على منع التصعيد، وإعادة البوصلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى "التهدئة"، ونزع فتيل أية صراعات قد تشتعل، في ظل نجاح القاهرة في احتواء الأوضاع، ووقف الموجات التصعيدية قبل وصولها إلى مرحلة الانفجار.