ياسر ثابت يوثق «تاريخ الغناء الشعبي.. من الموال إلى أغاني الراب»
يصدر حديثا عن دار دون للنشر والتوزيع كتاب "تاريخ الغناء الشعبي .. من الموال إلى الراب" للكاتب الصحفي والباحث الدكتور ياسر ثابت.
يقدم الدكتور ياسر ثابت عبر كتابه "تاريخ الغناء الشعبي " تفاصيل ومعلومات جديدة تهتم بالتوثيق والتأريخ والتدقيق، تستقصي جذور الغناء الشعبي وأشكاله على امتداد خريطة مصر، كما يخوض رحلة عبر الزمن حتى وقتنا الراهن للحديث بالأسماء والتواريخ والمعلومات عن الغناء الشعبي، صوت المصريين العفوي والتلقائي.
ويلفت ثابت إلى أن "وإذا كانت ظاهرة أغاني «المهرجانات» و«الراب» و«التراب» لم تخضع للدرس والبحث حتى الآن، كعلامة على واقع التغيرات الاجتماعية، فإنها تبقى موضوعًا بالغ الأهمية للكشف أيضًا عن التغيرات في تركيبة الثقافة الشعبية، والذوق العام، والمزاج الفني، والسلوك الاجتماعي. ولعل هذا ما يزيد من أهمية هذا الكتاب.
من أبرز الموضوعات التي تناولها المؤلف في كتابه:
• بدايات مفهوم الأغاني الشعبية والأسماء التي بزغت في سماء هذا الفن قديمًا.
•دور الموال والغناء البلدي في تطوير الأغنية الشعبية في مصر، وأبرز الأصوات النسائية في هذا المجال.
• الفرق بين الغناء في مدن القناة، والنوبة وعند أهل الدلتا، وجنوب مصر، وشكل الآلات الوترية بمختلف أنواعها.
• مشوار نجاح محمد طه ومحمد رشدي ومحمد العزبي، وشهرة محمود شكوكو، ودور أحمد عدوية، ونجومية عبدالباسط حمودة وشعبان عبدالرحيم وحسن الأسمر.
• معلومات تقرأها لأول مرة عن موسيقى وأغاني وكلمات جيل ويجز ومروان موسى ومروان بابلو وأبيوسف وشاهين.
• مصطلحات الراب والتراب والدِسّ والسين، وكل ما يَشغل اهتمام شبابنا من الجيل الحالي.
يقول المؤلف في تقديم كتابه: "نسفت أغاني «المهرجانات» و«الراب» فكرة الحد الفاصل ما بين الفن «الرفيع» والفن «الشعبي»، وانتقلت بالجمهور من الرغبة الواعية إلى الرغبة المكبوتة، بمختلف تمثلاتها، وعملت على إطلاق سراح الثقافة الشعبية من الحدود المفروضة عليها.. صار بوسع هذه الأغاني أن تتناول أية ظاهرة أو مسألة أو موضوع بريئًا كان أم لم يكن، مستبعدًا ومهمشًا ومحرمًا أيضًا. لهذا فإن قدرتها على التأثير سواء من حيث سهولة تداولها وانتشارها، أو من حيث كونها قصيرة وقادرة على إيصال الرسالة بعبارات قليلة جدًا، تجعلها أداة تغيير بالغة التأثير".
ويضيف: "وإذا كان من الضروري فهم آلية تأثير هؤلاء المطربين في جمهورهم وكيفية انتشارهم عبر «التكاتك» والأفراح وبعض الفضائيات الشعبية، والشباب الذين يستمعون إليهم في الشوارع والأزقة، فإنه من المهم في الوقت نفسه أن نقف على هذه الظاهرة بما لها وما عليها، بعيدًا عن أي مواقف أو أحكام مسبقة، لتوظيف هذا التطور أو تعديل مساره، بدون إنكار أو نفي أو إقصاء".
يرى الدكتور ياسر ثابت، أن الغناء الشعبي هو مغامرة بالخيال، عابرة للمعاني المباشرة، تقف على جسور ممتدة الأمكنة والأزمنة، لتحتفي بالتناقضات البشرية، وهي تحاول في الوقت نفسه امتلاك صوتها المائز في عالم الغناء.
وفي تقديره أن الأغنية الشعبية تخلق لمساتها الغنائية من خلال استثارة رغبة المستمع في تغيير القواعد القديمة للحن والكلمات والأداء، وهي تصقل جاذبيتها بطرق أقرب إلى روح الشارع والحياة في المناطق الشعبية وأحيانًا العشوائية.. قد تتحول هذه الأغنية إلى سلسلة من الفجوات والشظايا، وربما يراها البعض شكلًا متناقضًا من الفخر بالذات أو الرثاء، أو عدًا تنازليًا لمزيد من الأوقات الخالية من الهموم؛ لذا يمكن القول إن الأغنية الشعبية كاملة، وتبحث في الوقت نفسه عن الاكتمال، في إطار سعيها لتأسيس مرجعية لن تكون قادرة على تحقيقها. هذه هي نقطة جاذبية الأغنية الشعبية وربما نقطة ضعفها الأساسية في الوقت نفسه.
في المقابل، يدعو المؤلف إلى إلقاء نظرة أكثر تعمقًا على الغناء المتمرد باللحن والكلمة والأداء على القوالب الجاهزة والأنماط الاجتماعية السائدة.
يعد الدكتور ياسر ثابت من الباحثين والمؤلفين الذين يجمعون بين الدقة العلمية والرصانة وجودة الأسلوب، فضلًا عن الموسوعية وغزارة الإنتاج، حيث صدر له أكثر من 80 كتابـًا في الأدب والتاريخ. ومن أبرز مؤلفاته: "قصة الثروة في مصر"، "ذاكرة القرن العشرين"، "شهقة اليائسين: الانتحار في العالم العربي"، "تاريخ اليهود في مصر والعالم العربي"، "مقامات الروح: دليل إلى الأغنية العربية".