جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

المحافظ.. وزيارة العيد

يوم الخميس الماضى ذهبت لزيارة الصديق والشاعر جمال عطا مدير البنك الأهلى بالقوصية، وجمال عطا لأنه شاعر وفنان، فكانت تلك التركيبة جعلت منه قيادة مصرفية مميزة فى تعامله مع العملاء، حتى إنه قد أثر فى العاملين فى البنك بما يؤكد أن شخصية القائد فى أى موقع لها تأثيرها المباشر على العاملين معه.
ولما كان يوم الخميس هو أول يوم فى إصدار الشهادات ذات العائد ٢٥٪، فشاهدت ذلك التجمع غير العادى من مودعين يحملون النقود فى أجولة محمولة على الأكتاف. بما يعنى أن النظام المصرفى والنقدى وما يسمى بالشمول المالى لم يحقق ماهو مرجو حتى الآن. كما أن فائدة بهذا القدر جعلت الجميع يتسابق للإيداع على اعتبار أن هذه الفائدة قد تخطت نسب أرباح أى مشروع. فهل هذا هو الحل؟ أم أن الأمر أولًا وأخيرًا لا حل له غير الإنتاج ثم الإنتاج؟ وأنا فى هذا الحوار اتصل بى نيافة الأنبا توماس مطران القوصية، طالبًا منى الحضور لاستقبال عصام سعد محافظ أسيوط لحضوره للمعايدة بمناسبة عيد الميلاد المجيد. 
وكان طقس حضور المحافظ للمعايدة على إيبارشيات أسيوط قد دشنه زكى بدر عندما كان محافظا لأسيوط، حتى أصبح هذا يتم على مستوى الجمهورية. وعصام سعد جاء لأسيوط قبل كورونا فلم يتم لى التعامل معه خاصة أن إلامكانات المالية للإدارة المحلية قد أصبحت الآن فى خبر كان، ولذا وجدنا على مستوى الجمهورية أن المحليات من القرية إلى المحافظة لاحول لهم، ولا حل نراه فى كثير من القضايا خاصة التكاتك والنظافة وإشغال الطرق والشوارع فى ظل فوضى عامة تتحكم فى الشارع.

فلذا لم تكن لى علاقة به على غير عادتى مع كل المحافظين. كان المحافظ يأتى للمعايدة ومعه مدير الأمن وأمين الحزب الوطنى ومدير الأمن ومباحث أمن الدولة والمخابرات ووكلاء الوزارات. فى موكب يوقف الحركة ويهز الأركان. ولكن وجدت عصام سعد يستقل السيارة فى المقعد الأمامى بجوار السائق. فلا موكب ولا هز للأركان غير عدد من العاملين معه فى المحافظة. فوجدت أن هذا سلوك جديد وجميل. نعم حضر المحافظ بعد الميعاد وهذا يجب أن يراعى. ولكن كانت الجلسة قد تحولت إلى شبه برلمان يطرح مشاكل القوصية التى هى مشاكل كل مراكز مصر. فى وجود المحافظ ورئيس المركز. وبصراحة وجدت المحافظ يدير حوارًا مجتمعيًا جيدًا حول كل المشاكل محاسبًا رئيس المركز على بعض الملاحظات التى شاهدها بنفسه. 
ولما تطرقنا لمشكلة النظافة «الزبالة تحديدًا» هنا وجدنا الأنبا توماس مطران القوصية يشارك فى الحديث طارحًا حلولًا عملية تتمثل فى قيام جمعيات العمل الأهلى مسيحية وإسلامية بالمساهمة العملية فى حل لهذه المشكلة المتفاقمة.
شارك الحضور وكان حوارًا مجتمعيا نطالب به طوال الوقت حتى يكون هناك علاقة مباشرة بين المواطن والمسئول، الشىء الذى يوجد شراكة مجتمعية وسياسية، خاصة فى ظل غياب المجالس المحلية، وتقاعس البرلمان فى كثير من القضايا المجتمعية الحاكمة. فطلبت من المحافظ أن يقوم بمثل هذا الحوار فى كل مكان فى المحافظة حتى تكون هنا مشاركة شعبية تسهم فى أيجاد ثقافة جديدة، تعنى أن يقتنع المواطن بدوره فى حل المشاكل. أو على أقل تقدير ألا يسهم فى تفاقم المشكلة.
أحكى هذا كنموذج مطلوب سواء فى اختيار القيادات المناسبة للمكان المناسب وإدارة الحوارات المجتمعية مع الشارع حتى نتخطى المشاكل قبل حدوثها. على العموم قد تغيرت نظرتى لعصام سعد آملين أن نراه وكل المحافظين تاركين مكاتبهم متجولين فى الشارع مرتبطين بالمواطن بعيدًا عن المنظرة. فالشعب يحتاج إلى أن يبذل كل مسئول فى موقعه المزيد والمزيد من الجهد والعرق لمواجهة تلك التحديات المحيطة بنا. ومن الطبيعى أن يعلم أى مسئول أنه خادم لهذا الشعب فالشعب هو المعلم. كل سنة والجميع بخير وحمى الله مصر وشعبها العظيم.